السودان... هل تنازلت الحرية والتغييرعن الثورة "للعسكري"

لم يمض وقت طويل على التوافق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، حتى ظهرت الكثير من الانتقادات والاتهامات لقوى الثورة بأنها تنازلت عن ثوابت الثورة لصالح العسكري، والسؤال الذي يبحث عن توضيح...هل استطاعت قوى الثورة تحقيق المعادلة الصعبة الحفاظ على الثورة السلمية والمطالب التي قامت من أجلها وقطع الطريق على فلول "النظام" السابق.
Sputnik

وقال أيمن بشير عضو تجمع المهنيين السودانيين لـ"سبوتنيك" الاتفاق بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري كان لازما وواجبا وطنيا للانتقال بالبلاد من حالة الفراغ الدستوري الذي دام طويلا، الاتفاق يرضي الطرفين ويحقق متطلبات ومكتسبات الثورة.

وفد من البرلمان العربي يتوجه إلى السودان غدا برئاسة السلمي
وأضاف بشير، أهم ما يميز الاتفاق بين العسكري وقوى الحرية والتغيير، أنه احتكم لصوت العقل وابتعد بالبلاد عن الفتنة وحقن الدماء في ظل وضع اقتصادي مأزوم ويزداد سوء كل يوم  نتيجة الفراغ الدستوري الذي تعانيه البلاد منذ سقوط نظام المخلوع.

متابعة ورقابة

وأكد عضو تجمع المهنيين أن كل من يحتكم إلى العقل ولديه رؤية للمستقبل لا يجد بديلا عن الرضى بما تم الاتفاق عليه بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري، وسندعم هذا الاتفاق ونسانده بكل ما أوتينا من قوة وسنظل مراقبين للعملية السياسية عن كثب ريثما تنفذ مكتسبات الثورة.

وأشار بشير إلى أن "ما يتعلق بلجنة التحقيق التي شكلت، سنظل متابعين ومراقبين أيضا حتى يتم القصاص لأروح من ضحوا من أجل السودان لكي يرقدوا بسلام".

ما لا يدرك كله

أما أحمد عبد الرحمن الناشط سياسي السوداني قال لـ"سبوتنيك"، قبلت قوي الحرية والتغيير الاتفاق على مضض، بمعنى أن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ومن وجهه نظري أيضا، الحرية والتغيير تريد أن تكون على مقربه من مطبخ السلطة حتى يتسنى لها اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.

حسابات المرحلة

قطر تعلق على الأحداث الأخيرة في السودان
قال الدكتور محمد مصطفى رئيس المركز الإفريقي العربي لبناء ثقافة الديمقراطية والسلام لـ"سبوتنيك"، إذا عدنا إلى المرحلة الانتقالية في العام  1985،  نجد أن المجلس السيادي الإنتقالي كان عسكريا بالكامل وبصلاحيات واسعة مما أتاح للجبهة الإسلامية القومية استغلال وجود المشير سوار الذهب على رأسه، فأدخل أجندته في قانون الإنتخابات واستطاع الفوز في  ٢٥ دائرة من أصل ٢٨ دائرة من دوائر الخريجين، و للمفارقة قد أحرز مقعدا من دوائر الخريجين في الإستوائية ذات الأغلبية المسيحية.

جذور الأزمة

 وتابع مصطفى، الآن وضع السودان إختلف كثيرا من ذي قبل فالحكومة والخدمة المدنية والجيش والقوات النظامية الأخرى من الألف إلى الياء  قد تمت أدلجتها بالكامل في بحر الثلاثين سنة الماضية وبالتالي أن يستطيع الشعب إقناع قيادة الجيش المؤدلج لمخالفة قائده والتمرد عليه ومواجهة كل الصعاب وعزله في خطوة أقرب للمغامرة، هذا في حد ذاته إنجازا عظيما، ثم إن الإنجاز الأعظم أن يستطيع الشعب السوداني مواصلة الضغط حتى يقبل المجلس العسكري مشاركته مناصفة في المجلس السيادي الانتقالي مع  إحتفاظ المدنيين بالسلطة التنفيذية بصلاحيات واسعة.

وأضاف مصطفى، أعتقد أن الإتفاق الذي تم رغم التحديات الجسيمة التي سوف تواجه الحكومة الانتقالية خاصة مناقشة جذور الأزمة والوصول لحل عادل وشامل لها ومحاسبة كل المجرمين والفاسدين والمفسدين وإنصاف الضحايا، إلا أنه وبحساب المرحلة وتعقيداتها مناسبة ومقبولة.

 قطع الطريق

إريتريا تدعم جهود المجلس العسكري الانتقالي لحل الأزمة في السودان
قال خضر عطا المنان الناشط السياسي والإعلامي السوداني لـ"سبوتنيك"، إن أهم الأسباب التي دفعت قوى الحرية والتغيير للتنازل بعض الشىء لإخراج البلاد من أزمتها الحالية وقطع الطريق أمام فلول وبقايا النظام السابق التي كانت تتربص بالثورة وتبحث عن منفذ للعودة إلى الساحة وتسيد المشهد السياسي من جديد من خلال المجلس العسكري، الذي هو امتداد طبيعي لنظام المؤتمر الوطني، وبالتالي كان لابد من خطوة إلى الأمام لقطع الطريق على هؤلاء.

وتابع المنان، الشيء التالي وراء الموافقة على الاتفاق مع العسكري، هو قطع الطريق أمام المجلس العسكري نفسه من الانفراد بالسلطة، فحسب المعلومات التي وصلتني، أن المجلس العسكري كانت لديه حكومة جاهزة بعدما وضعت الحرية والتغيير شروطا منها مجزرة القيادة ومحاكمة الرموز التي تربحت على حساب الشعب خلال العقود الثلاثة الماضية والتحقيق في الجرائم التي للمجلس العسكري يد فيها.

الكتلة الحرجة

وأكد المنان، أن أحد الأسباب التي دفع قوى الحرية والتغيير للمشاركة أيضا هو قطع الطريق أمام التكهنات التي تسربت بأن المجتمع الدولي ودول الجوار سيلقون باللوم على الحرية والتغيير وأنها السبب في تعطيل المسار السياسي بعد الإعلانات الإعلامية المتكررة من جانب المجلس العسكري بقبول التفاوض.

واستطرد المنان…نحن ننتظر ما الذي سيحدث في الأيام المقبلة وبعدها، فإذا توافقت الأمور وسارت كما نرتضيها من أهداف الثورة وإلا، هناك ما يعرف "بالكتلة الحرجة" وهى المجموعة الشبابية التي قادت هذا الحراك وهى الآن جاهزة للحراك في أي لحظة ما لم تلتزم  حكومة المرحلة الانتقالية بأهداف وثوابت الثورة.      

اختلاف التوجهات

قال السفير، طارق كردي، رئيس تجمع السودانيين بالمنظمات الدولية، في اتصال مع "سبوتنيك"، إن الاتفاق الذي تم بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري قد لا يرضي طموحات البعض، وهذا أمر طبيعي في ظل ثورة كبيرة تحوي مختلف التوجهات السياسية والفكرية.

اجتماع بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير خلال ساعات
وأضاف كردي "الاتفاق فتح الباب للشعب السوداني أن يصل بثورته إلى غاياتها وأهدافها المنشودة ويحقن دماء السودانيين"، مؤكدا ثقة السودانيين الكبيرة في تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير والشعب السوداني القادر على أن يفرض إرادته ويقيم دولة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان.

وأوضح كردي، أن هذا الاتفاق يمثل خطوة مهمة جدا في تحقيق تطلعات الشعب السوداني الذي لا يزال يسيطر على الشارع، وبعد توقيع الاتفاق أصبح الشعب يسيطر على الشارع وعلى الحكومة المدنية وله ثلثي السلطة التشريعية ونصف المجلس السيادي +1، ومن هنا يستطيع الشعب السوداني فرض إرادته.

وكان المجلس العسكري وقوي الحرية والتغيير في السودان اتفقا برعاية الاتحاد الأفريقي على إقامة مجلس سيادي تكون رئاسته بالتناوب لمدة ثلاث سنوات أو تزيد قليلا، وتشكيل حكومة مدنية من كفاءات مستقلة برئاسة رئيس وزراء مستقل، وإرجاء إقامة المجلس التشريعي إلي ما بعد تشكيل الحكومة.

كما اتفق الطرفان على إقامة تحقيق شفاف وطني مستقل في الأحداث التي عاشتها البلاد في الآونة الأخيرة. وينص الاتفاق بحسب ما ذكره تجمع المهنيين على أن يتولى العسكريون رئاسة المجلس السيادي خلال الواحد وعشرين شهرا الأولى بينما يتولى المدنيون رئاسة ثمانية عشر شهراً، ويتكون المجلس السيادي من خمسة عسكريين وخمسة مدنيين، بالإضافة لعضو مدني يتوافق عليه الطرفان.

مناقشة