ونشرت دورية "جاما نيتوورك" تفاصيل الدراسة الجديدة، التي سعت للإجابة على سؤال حول طبيعة "السلاح السري" الذي أطلق على الدبلوماسيين الأمريكيين، هل هو صدمات صوتية أم هجمات إشعاعية، وهل كان له تأثير مباشر على الدبلوماسيين أم لا؟
أدمغة متغيرة
وقالت أستاذة التصوير الإشعاعي في جامعة بنسلفانيا، راجيني فيرما، إن التصوير الإشعاعي لم يفصل تماما في أسباب تلك الأعراض التي ظهرت على الدبلوماسيين الأمريكيين في العاصمة هافانا قبل 3 أعوام تقريبا.
وتابعت "معظم الدبلوماسيين كان لديهم نوع ثابت من الأعراض، وكانت أدمغتهم تعاني من تشوهات عجيبة عند خضوعهم للتصوير الإشعاعي".
ومضت "ليس واضحا إذا ما كانت تلك التشوهات هي السبب في تلك الأعراض السلبية التي عانى الدبلوماسيون الأمريكيون منها، لكن بالطبع أي تشوهات أو تغيرات في الدماغ تترجم مباشرة إلى مشاكل صحية".
واستطردت "عند خضوع 21 دبلوماسيا في السفارة الأمريكية للفحص بالرنين المغناطيسي، وجد اضطرابات أو خلل في عمل أدمغتهم".
من جانبها، رحبت الخارجية الأمريكية بمشاركة المؤسسات الطبية في السعي لحل تلك المشكلة المعقدة.
وأشارت الخارجية الأمريكية إلى أنها حتى الآن غير مدركة إذا كانت تلك الإصابات ناجمة عن سلاح سري أو هجمات إشعاعية أو صدمات صوتية.
بداية الأزمة
وكان دبلوماسيون أمريكيون قد اشتكوا من مشاكل صحية عديدة في الفترة ما بين نهاية 2016 إلى منتصف 2018، وإصابتهم بأعراض أبرزها فقدان التوازن والغثيان والدوار وخلل في التناسق الحركي واضطراب في حركات العين وتراجع في حاسة السمع وصلت إلى درجة الصمم، بالإضافة إلى شعور بالقلق وسرعة الغضب وتراجع في الإدراك.
وقررت إثرها الخارجية الأمريكية سحب عدد كبير من طاقمها الدبلوماسي في كوبا، واتهمت هافانا باستخدام "سلاح سري" ضد دبلوماسييها.
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية حينها، هيذر نويرت، في مؤتمر صحفي أن "الجهاز السري" أصاب نحو 16 دبلوماسيا أمريكيا بضعف السمع.
ورفضت الخارجية الأمريكية تحميل أي جهة مسؤولية استخدام هذا "السلاح السري"، مشيرة إلى أن التحقيقات ستكشف من المتورط في إصابة الدبلوماسيين الأمريكيين بضعف السمع.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن "السلاح السري" ربما يكون قد نشر داخل وخارج منازل الدبلوماسيين الأمريكيين، واستهدف إصابتهم بصورة مباشرة بضعف السمع.
ولكن شكك الأستاذ في علم الأعصاب، سيث هورويتز، في تصريحات لموقع "بزنس إنسايدر" في تلك التقارير، مشيرا إلى أنه لم يتم حتى الآن اكتشاف جهاز يمكنه التأثير على عصب بعينه في جسم الإنسان.
وقال هورويتز: "هذا كلام مرسل غير علمي، لا يوجد أي جهاز أو ظاهرة صوتية في العالم يمكن أن تسبب هذا النوع من الأعراض".
ولكن قال جيمس كارسون، الرئيس السابق لقسم المصالح الأمريكية في العاصمة الكوبية هافانا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن هذا يمكن أن يكون نوعا من الاختبارات العملية على سلاح سري تطوره إحدى الدول.
وقال أيضا، توبي هيس، رئيس مركز أبحاث تكنولوجيا المستقبل في جامعة "مانشستر متروبوليتان" لمجلة "نيو ساينتست" إنه يمكن أن يكون هناك جهاز صوتي يسبب تلك الأعراض عن طريق إرساله ذبذبات ذات تردد أقل من تلك المسموعة لدى البشر.
يذكر أن الجيش الأمريكي سبق واستخدم أسلحة صوتية في العراق، والتي تكون مهمتها السيطرة على الحشود، كما سبق واستخدمت في السيطرة على تظاهرات غاضبة في بيتسبرغ عام 2009، ولكنها تحتاج إلى أجهزة كبيرة وتبعث أصواتا واضحة لا يمكن أن يكون عملها سريا على الإطلاق، بحسب ما نشره موقع "بزنس إنسايدر".
تعليق كوبي
من جانبها، أعلنت الحكومة الكوبية رفضها لنتائج الدراسة الأخيرة، مشيرة إلى أنها تقدم نتائج "غير منطقية" و"غير واقعية".
وقالت الحكومة الكوبية في بيان نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "نتائج تلك الدراسة لم تكن متسقة مع الدراسات السابقة، ولم تساعد إلا في زيادة تشويش الصورة".
وتابع البيان "تلك الدراسة لم تساعد في الاقتراب من تشخيص الأعراض، التي أبلغ عنها الدبلوماسيون الأمريكيون، ولم تقدم دلائل ملموسة عن السبب وراء تلك الأعراض".
وقال البروفيسور الكوبي الشهير، ميتشل فالديس-سوسا: "تلك النتائج كانت محبطة جدا من حيث منهجية الدراسة".
وأردف "تلك النتائج التي نشرت غير حاسمة وتساهم في زيادة التشويش فقط".
وأتم بقوله
"حتى التغيرات في الدماغ التي يتحدثون عنها، فهي صغيرة للغاية ومتنوعة للغاية ومنتشرة للغاية، وهم نفسهم لا يتفقون على تفسير مشترك بشأن ما حدث".