هل تثمر جهود الإمارات في تمكين "لغة الضاد" مع اعتماد "الإنكليزية" في المدارس؟

دعا وزير التربية والتعليم الإماراتي حسين الحمادي على حسابه عبر موقع "تويتر" المواطنين إلى طرح آرائهم البناءة فيما يتعلق بتعزيز تدريس اللغة العربية، مؤكّداً أن عملية التطوير في المحتوى الدراسي للغة الضاد مستمرة والجهود منصبة على تحقيق ذلك عبر فرق العمل في الوزارة.
Sputnik

وكتب الحمادي "ارتكزت العملية على إضفاء محددات تسهم في تمكين اللغة العربية عبر إطلاق المبادرات التي تثري قيمة لغة الضاد منها اختبار الإمارات القياسي للغة العربية الذي يزود صناع القرار التربوي بالبيانات المرتبطة بالعربية".

وأثارت تغريدات الحمادي ردود أفعال واسعة بين المتابعين، إذ اقترح أحدهم ألا يتم تفضيل أية لغة أخرى على اللغة العربية بل أن تتصدر بكل فروعها الحصص اليومية، وأن يكون هناك توجه فعلي لتدريس جميع المواد مستقبلاً باللغة العربية.

وكتب مستخدم آخر: "تم تقليل أهمية اللغة العربية ورفع أهمية اللغة الإنكليزية، لذلك سنلوم أنفسنا في المستقبل عندما نجد أجيالاً بلا هوية ولا ثقافة بسبب تهميش اللغة العربية".

واعتبر متابع أن أول خطوة هي اعادة تدريس المواد العلمية باللغة العربية، وهذا مطلب أساسي.

وذكر موقع "ذي ناشونال" أن تدريس اللغة العربية في المدارس الإماراتية تعرّض سابقاً لانتقاداتٍ عديدة، وأن عدداً قليلاً من المغتربين الذين يعيشون في الإمارات يخرجون من المدرسة وهم يتحدثون بضع كلمات فقط، كما أن الناطقين باللغة العربية غالباً ما يستخدمون (العربيزي) أي المحادثات العربية المكتوبة بالأحرف اللاتينية.

ويقول خبراء إن أساليب التدريس القديمة جعلت اللغة مملة، لذلك أصبح الأطفال أقل تمتعاً بتناولها، كما أن المدارس تفتقر إلى الوسائل المناسبة في الصفوف الدراسية لتوسيع جاذبية التدريس، وإنها تسعى للعثور على كوادر قادرة على ضخ اهتمام جديد باللغة، حسب "ذي ناشونال".

وقالت أستاذة اللغة العربية في جامعة سان بطرسبورغ الحكومية يافيا يوسف في تصريح لـ"سبوتنيك": "إن تعليم المواد الأساسية في المدارس بلغات أجنبية يؤثر بشكل سلبي على الطلاب، إذ لن يستطيعوا حتى قراءة تاريخهم وحضارة بلادهم، والأفضل من ذلك أن يتم تدريس المواد باللغة الأم وإعطاء مرادفات باللغات الأجنبية"، وأوضحت أنه بتلك الطريقة نساهم في تمكين اللغة العربية وتثبيتها وبنفس الوقت الاهتمام باللغات الأجنبية والانفتاح على العالم.

وحذرت يوسف من مخاطر تراجع مستوى اللغة العربية والتي ممكن أن تؤدي إلى نسيانها وانقراضها بعد سنوات عدة.

أول داعم صوتي باللغة العربية في التلفزيون بتقنية الذكاء الاصطناعي

ونقل موقع "ذي ناشونال" عن بعض الطلاب وأولياء الأمور قولهم: " إن اللغة العربية واحدة من أكثر اللغات تفصيلاً في العالم، وتحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل لفهمها بالكامل، وإن المدارس تركّز على القواعد أكثر مما تركّز على الأدب، على الرغم من وجود الكثير من الأدب العربي الذي يمكننا أن نتعلمه".

بدورها قالت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة نورة بنت محمد الكعبي خلال اجتماع المجلس الاستشاري للغة العربية الدوري: " إن دولة الإمارات تولي اهتماماً خاصاً بترسيخ مكانة اللغة العربية بين لغات العالم، وتعزيز حضورها في نفوس الأجيال الناشئة، لأنها المعبر عن الهوية الوطنية والقيم الأصيلة والثقافة العربية، وتمثل الجسر الذي يربط بين الأجيال وموروثهم الحضاري والتاريخي".

ويصدر المجلس الاستشاري للغة العربية تقريراً يتضمن دراسات وأبحاث وتجارب تطبيقية لبناء مقاربة علمية لحالة اللغة العربية ومستقبلها، ويعمل على إعداده خبراء وباحثون من جامعات إقليمية وعالمية مهمتهم رصد وجمع المعلومات من المصادر الأكاديمية وإجراء مقابلات مع المعنيين من مؤسسات وكتّاب وإعلاميين وناشرين، ورصد التغييرات التي تطرأ على اللغة العربية في وقتنا الحالي، إضافة إلى رصد المقاربات الجديدة لتدريس اللغة العربية في المناهج الدراسية في عدد من البلدان العربية، حسب وكالة أنباء الإمارات.

وأضافت الكعبي: " يمثل التقرير بداية مهمة للتخطيط اللغوي للغة العربية على مستوى دولة الإمارات والوطن العربي، ويسعى إلى تحقيق رؤية الإمارات 2021 في أن تكون دولة الإمارات مركزاً للامتياز في اللغة العربية".

وتطلق الإمارات مبادرات للنهوض باللغة العربية، حيث أطلقت في تموز/ يوليو الماضي مبادرة "العربية لغة التسامح" ضمن الأنشطة الصيفية للمدارس الخاصة بالتعاون مع جامعة الإمارات، وركزت المبادرة على تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من الأطفال وطلاب المدارس بأسلوب مبتكر عن طريق دمج طلاب عرب مع طلاب أجانب في أنشطة فنية وثقافية وترفيهية.

يُذكَر أن اللغة العربية تحتل المركز الرابع بين أكثر اللغات انتشاراً في العالم، ويقدر عدد المتحدثين بها حوالي 6.6% من سكان العالم، وأصبحت لغة معتمدة رسمياً في الأمم المتحدة عام 1974.

مناقشة