باريس - سبوتنيك. وتخشى السلطات من استفحال هذه الظاهرة، حيث تُشير الأرقام الى ارتفاع مستمر في نسب الانتحار منذ عدة أعوام.
وفي حديث مع وكالة "سبوتنيك" اعتبر جان بيار كولومبي "الناطق الرسمي السابق باسم اتحاد الشرطة الوطنية المستقلة" أن "المشاكل التي يعاني منها عناصر الشرطة مرتبطة بالمشاكل التي يعاني منها المجتمع الفرنسي بشكل عام"، متابعا "ظروف عمل الشرطة صعبة جدا وهناك نقص في المعدات اللازمة".
وأشار جان بيار كولومبي الى أن الشرطيات والشرطيين في فرنسا "يعانون أحيانا من نظرة المجتمع اليهم". وقال: "هم يشعرون بأنهم مكروهون أحيانا من قبل الناس وهم يتساءلون كثيرا حول مستقبلهم وطبيعة عملهم".
وقال الناطق السابق باسم "اتحاد الشرطة الوطنية المستقلة" إن عمل الشرطة في فرنسا "صعب جدا ويسبب القلق"، معتبرا أن "الانتحار لطالما وُجد في هذا المجال". وشرح قائلا:
"لطالما كان هناك حالات انتحار في هذا المجال لكن اليوم أصبح الانتحار ظاهرة مستفحلة ويجب التصرف لوضع حد لها". وتابع: "يجب إعادة الاعتبار للشرطة وتخفيف الحمل عنهم، فغالبا ما يتم اللجوء إليهم في كل أنواع المهام الضرورية وغير الضرورية".
وانتقد جان بيان كولومبي الطبقة الحاكمة في تعاملها مع الشرطة موضحا: "الذين حكمونا أمس والذين يحكموننا اليوم همهم الوحيد هو خفض استدانة الدولة وهو يقومون بذلك على حساب الشرطة". وتابع: "السلطات تتخذ قرارات تتعلق بالمهام الموكلة للشرطة من دون أن تستشير أحد وهذه القرارات تشكل قلقاً بالنسبة للشرطة التي يُلقى عليها عبء كبير".
هذا وقد أطلقت نقابات الشرطة في فرنسا الصرخة منذ فترة محذرةً من "إرهاق نفسي وجسدي" لدى العديد من الشرطيات والشرطيين الذين أجبرتهم الظروف على العمل أحيانا "سبعة أيام في الأسبوع". وازداد الضغط على الشرطة وعناصر مكافحة الشغب بعد بدء موجة مظاهرات السترات الصفراء شهر نوفمبر الماضي وما ترتب عنها من تشديدات أمنية ، ذلك إضافة للضغط الناتج عن التهديد الإرهابي كما تقول السلطات.
وحول الضغط الناتج على الشرطة بسبب ارتفاع وتيرة المظاهرات قال كولومبي: "السلطات تطلب من الشرطة حل كل المشاكل وتضعها في الواجهة وقد لاحظنا ذلك خلال المظاهرات التي شهدتها فرنسا هذا العام".
وختم كولومبي قائلا: "الحلول تتطلب سياسات شجاعة ورجال سياسة شجعان وهذا أمر ما زالت تفتقر اليه فرنسا".
هذا وقد وُجهت انتقادات عديدة للشرطة الفرنسية وعناصر مكافحة الشغب خلال الأشهر الأخيرة في طريقة تعاملها مع المتظاهرين. وانتقد العديد من مؤسسات حقوق الإنسان الطرق والوسائل التي تستخدمها الشرطة الفرنسية لتفريق المتظاهرين مثل "بندقية الكرات الوامضة" المعروفة باسم "فلاش بال". وأدى استخدام "بندقية الكرات الوامضة" لسقوط عدد من الجرحى خلال مظاهرات السترات الصفراء التي دارت على مدى الأشهر الأخيرة الماضية مما أثار ضجة في الصحافة وسط دعوات لمنع استخدام هذه البنادق.
وبسبب الحوادث التي جرت على هامش مظاهرات السترات الصفراء تدهورت سمعة الشرطة الفرنسية التي وُجهت اليها اتهامات باستخدام "أساليب ترتقي للقمع" مما زاد الضغط على عناصر الشرطة الذين بات جزء كبير منهم يشعر ب"رفض المجتمع له".
وتحاول السلطات عبر وزارة الداخلية طمأنة رجال الشرطة وتقديم الدعم المعنوي لهم مؤكدة على أهمية عملهم في حفظ أمن البلاد لكن من جهة أخرى يشدد وزير الداخلية كريستوف كاستانير على ضرورة "محاسبة" العناصر التي ترتكب تجاوزات.