قال حاكم البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، إن المفاوضات مستمرة مع باريس في ما يتعلق بنية الأخيرة تقديم خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار مقابل رهن النفط الإيراني.
مفاوضات مستمرة
نقلت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، أمس الأربعاء، عن همتي قوله، بشأن خطة فرنسية لدفع مبلغ 15 مليار دولار لائتمان النفط الإيراني في إطار تفعيل الآلية المالية الأوروبية لمواصلة التجارة مع طهران إنه "ما زالت المفاوضات مستمرة، وعلينا أن نرى ما سيحدث، وأن الأموال ستقدَم لإيران كعملة شراء".
وأضاف همتي:
"لم يتخذ القرار بشأن وضع هذا المبلغ الذي وعدت فرنسا بدفعه في الآلية المالية، ونحن ما زلنا في مفاوضات مع السلطات الفرنسية وسنرى ما سيحدث، بالطبع هناك اقتراحات ودعونا نصل إلى النهاية".
وكانت تقارير أفادت الثلاثاء الماضي أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قدم اقتراحًا يقضي بتقديم خط ائتمان قيمته 15 مليار دولار مقابل رهن النفط الإيراني خلال قمة مجموعة السبع في منتجع بياريتس.
آلية غير مجدية
مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن "زيارة الوفد الإيراني إلى باريس ينظر إليها باعتبارها تجسيد ترسيخ للوساطة الفرنسية في الملف الإيراني، ولا يمكن أن نتوقع أنه قد يجد حلًا للطريق المسدود الذي وصلت إليه العلاقات الإيرانية الأمريكية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "هناك حديثا حول مفاوضات لتفعيل ما يسمى بنظام إنستكس أو نظام المقايضة الذي فكرت فيه أوروبا للالتفاف على العقوبات الأمريكية ضد الشركات الأوروبية التي تشتغل مع إيران، لكنها بحد ذاتها وباعتراف المسؤولين الأوروبيين والإيرانيين غير قادرة على تلبية حاجيات الاقتصاد الإيراني، أو الالتفاف على العقوبات".
وتابع "المجالات التي تطالها هذه الآلية ليست كبيرة، فقط بعض مجالات الأدوية والأغذية ولا تشمل مجال النفط والطاقة"، مشيرا إلى أن "بعض وسائل الإعلام الأوروبية والإيرانية بالغت في الحديث عن الإنستكس، رغم أنه بالنظر إلى مضمونها سنجدها قصيرة المدى ولا تطال جميع المجالات الاقتصادية".
اتفاق جديد
وبشأن السبب وراء طرح هذه الآلية رغم عدم جدوتها، قال مصطفى الطوسة "مجرد حل تم التفكير فيه من طرف الاتحاد الأوروبي لإرسال رسالة لإيران إنهم يريدون القيام بكل الخطوات الممكنة لإنقاذ اتفاق فيينا، ولا أكثر من ذلك".
وعن الحل المطلوب، أضاف "الحل ليس في تفعيل تلك الآلية، التي تقدم حلولا مرحلية سطحية للأزمة لا حذرية، بل في إقناع الولايات المتحدة بضرورة البدء برفع العقوبات الاقتصادية على إيران، كبادرة حسنة لعودة جميع الأطراف إلى طاولة الحوار".
ومضى قائلا "أعتقد أن الاتحاد الأوروبي لا يراهنون بشكل أساسي على الإنستكس، بقدر ما يراهنون على ما قد نشهده في الأيام المقبلة من انفراجة كبيرة في العلاقات الأمريكية الإيرانية، عبر رفع الولايات المتحدة حدة عقوباتها على إيران، ومن ثم إعطاء الضوء الأخضر للشركات الدولية للعمل مع إيران وشراء النفط".
هذه الخطة التي يترقبها الجميع – والكلام لا يزال على لسان الطوسة - ينتظر في مقابلها أن تقدم الإدارة الإيرانية بادرة حسن نية بأنها ستعود إلى طاولة المفاوضات وستفكر جديًا في الاتفاق على بلورة اتفاق جديد أكثر طموحا من اتفاق فيينا، يطال الأنشطة الباليستية وتحركات إيران في المنطقة، وأيضا الملف النووي بصفة أوسع".
أمر مستبعد
من جانبه، قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب) إنه "من المستبعد أن تنجح المفاوضات القائمة بين فرنسا وإيران، بشأن استخدام هذه الآلية، نظرا لأن المبلغ المطلوب ضخم جدا 15 مليار دولار مقابل رهن النفط الإيراني".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "إيران قبل العقوبات كانت تبيع النفط لثلاث دول أوروبية اليونان وإيطاليا وإسبانيا، وهذه الدول التزمت بالقرار الأمريكي، وأصبح عائد إيران من بيع النفط لأوروبا صفر دولار، وهي تريد الآن أن تقايض النفط مع سلعات أوروبية أخرى".
وتابع:
"إيران تشتري من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا بعض السلع المتعلقة بتكنولوجيا التصنيع، مثل قطع غيار السيارات والأدوات الكهربائية، وتريد إيران أن ترسل النفط لإسبانيا، وترسل الأخيرة الأموال إلى فرنسا، التي تقوم بدورها بإرساله لإيران إما عبر مقايضة بالبضائع، أو بفتح خط ائتماني بالدفع العاجل المسبق لسعر النفط".
ومضى قائلا "أعتقد أن تلك الخطوة لن تنجح من قبل، ولن تنجح في هذه الأيام، خاصة وأن الأوروبيين يخافون من أي تعامل نفطي مع إيران قد يعرضهم لعقوبات أمريكية، لا يمكن أن تستحملها الشركات الأوروبية".
وأنهى حديثه "لذلك أتوقع ألا تنجح تلك الاستراتيجية، ومن المتوقع ألا يفضي الاتفاق إلى أي جديد بين الأوروبيين والبنك المركزي الإيراني".
محاولات فرنسية
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" عن رئيس مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية محمود واعظي قوله "لقد كان هناك تقدم لا بأس به بل جيد منذ الأسبوع الماضي".
وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد أجرى الأسبوع الماضي مباحثات في فرنسا، في زيارة هي الثانية له في أيام، أحيت الآمال بتهدئة التوتر.
وتابع واعظي أن "وفدا إيرانيا سيتوجه الأسبوع المقبل إلى فرنسا لمناقشة جوانب وتفاصيل هذه المباحثات".
وركزت فرنسا جهودها خلال أعمال مجموعة السبع في بياريتس، حول تذليل العقبات لتمهيد لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الإيراني حسن روحاني، من شأنه تخفيف حدة التوتر في الملف النووي".
وأفصح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن "استعدادات جارية لعقد اجتماع بين روحاني وترامب، في الأسابيع المقبلة"، مشددًا في الوقت نفسه على "أهمية عدم السماح لإيران بالحصول على أسلحة نووية".
وتنتقد إيران الدول الأوروبية الموقعة على خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي) لعدم اتخاذها إجراءات للحفاظ على المصالح الإيرانية، في ظل العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الإدارة الأمريكية ضد طهران.
وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أعلن في أيار/ مايو الماضي، أن بلاده اتخذت خطوتين استراتيجيتين بوقف بيع اليورانيوم المخصب الفائض عن الـ 300 كغ، ووقف بيع الماء الثقيل الفائض عن 130 كغ، مؤكدا أنها أمهلت أطراف الاتفاق النووي مدة 60 يوما لتأمين مصالح إيران في النفط والتعاملات البنكية.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 8 مايو 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، واستئناف عقوبات اقتصادية صارمة ضد إيران عبر مرحلتين أولهما في آب/ أغسطس الماضي، بينما دخلت الحزمة الثانية حيز التنفيذ في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر وتستهدف صادرات النفط، والبتروكيماويات، والطاقة.