في سياق آخر إستهدفت تركيا والتحالف الأمريكي مركز الإرهابيين الواقع في مزارع بروما بالقرب من بلدة كفريا شمال إدلب، ورغم هذا التنسيق لم يتوانى أردوغان عن توجيه اللوم إلى الولايات المتحدة في تأخير تأمين المنطقة الآمنة.
ما يعني أن أردوغان يعمل على خطين متوازيين، الأول خط فردي يهدد ويقرر فيه لوحده ، والخط الآخر يتعاون فيه مع التحالف الأمريكي ضد ذات المجموعات التي كان الضامن لها وفق إتفاقات أستانا وسوتشي، يتقاطع معهما في عكس الإتجاه خط ثالث يسير فيه أردوغان مع الروسي والإيراني اللذان دعاهما لعقد قمة جديدة في أنقرة الشهر الحالي لمناقشة القضية السورية وتحديدا إدلب.
فكيف سيستطيع أردوغان خلق توازن بين كل هذه الخطوط دفعة واحدة دون أن يستعدي أحدها ؟
في أي إطار يأتي تصعيد وتهديد أردوغان بشن عملية عسكرية شمال سورية وأين الإتفاقات من هذه العملية ؟
من كان يقصد أردوغان عندما قال " فليفكر الطرف الآخر في تبعات ذلك " ، "عدا الأمريكي الذي سماه بالإسم" ، هل فكر هو أصلا بتبعات ذلك على أرض دولة ذات سيادة ؟
كيف يفهم قيام تركيا بالتعاون مع التحالف الأمريكي بقصف مقرات الإرهابيين في بلدة كفريا ؟
مالذي يخطط له أردوغان، وهل يريد أن ينتقم بأي طريقة، من أين وبمن يبدأ، هل يقدر أصلاً على المغامرة ؟
كيف ستتعامل الدولة السورية وحلفائها مع مثل هذه التهديدات الواضحة من جهة والمبطنة من جهة أخرى ؟
بخصوص قدرة أردوغان اللعب على فوضى التوازنات دون أن يستعدي أي من الأطراف قال الخبير في إدارة الأزمات والحروب الإستباقية والأستاذ المحاضر في علم الإجتماع السياسي الدكتور أكرم الشلّي أن
"هناك مجموعة تساؤلات حول شخصية الرئيس أردوغان، فهل هو فعلا يمثل شخصية رئيس جمهورية في منطقة الشرق الأوسط ..!!أم هو زعيم عصابة..!!! أم رجل بلطجي يجلس في الأسواق والبازارات...!! ، من يحترم نفسه لايستطيع أن يصدق ما يقوم به أردوغان من اللعب بطريقة فجة ومكشوفة لدى كل الأوساط كأي لص آخر يأتي لسرق شيء أمام كاميرات المراقبة وأمام أعين الناس الذين يرون ويسمعون كل شيء".
وأضاف الشلّي
"أردوغان بعد الإتفاقات في كل مرة ينقلب وأستغرب كيف يمكن له أن ينقض تعهداته، ضف على ذلك مسألة إحتجاجاته الدائمة مع الولايات المتحدة، فمرة نسمع بأنه يتفق ويعلن الإتفاق على تسيير دوريات مشتركة من أجل المنطقة الآمنة شرق الفرات، وهم بدأوا فيها ومن ثم يعود أردوغان ليحتج أردوغان أن الولايات المتحدة لم تلتزم، و قامت بنفسها بهذا الإجراء الأطراف المعادية التي تهدد الأمن القومي التركي، وهذا مايستدعي المزيد من التساؤل".
أما عن نتائج سلوكيات أردوغان وتهديداته وما يمكن أن يترتب عليها قال الشّلي أن
"كل هذا اللعب من قبل أردوغان، وكل هذه التصرفات والتحرشات والتهديدات وإطلاق التصريحات والوعود لن تفيده في أي شيء، أردوغان أراد أن ينفس عن ماهو مكنون في داخله من غل من أجل أن يثأر من إنتصارات الجيش العربي السوري ومحاصرة نقاط المراقبة التركية خاصة في مورك، هذا ما شكل له عامل ضغط نفسي كبير لذا هو يهدد لم يوجه بشكل مباشر إلى سورية وإيران وروسيا رغم أنه قصدهما بشكل غير مباشر تهديداته عندما قال أن على الطرف الآخر أن يعي تبعات ذلك"، لكنه لايتجرأ عن ذلك إطلاقاً لابالقول والفعل،هو لايقدر أن يفعل شيء سوى التهويل والوعيد وخاصة في ظل الظروف الضاغطة التي يعيشها ضمن القيادة السياسية التركية والعسكرية والإنشقاقات لبعض الجنرالات الذين ذهبوا ضد سياساته الداخلية والخارجية".
وأضاف الشّلي
"أردوغان عاجز عن أن يتخذ أي خطوة على أرض الواقع مما يلوح ويهدد به ونحن شهدنا ونشهد أنه خلال لقاءاته مع الرئيس بوتين لايستطيع أن يملي ويفرض شروط وإنما لايستطيع سوى أن يسمع ما قاله الرئيس فلاديمير بوتين والوزير لافروف بأنه سيتم إجتثاث الإرهاب من كامل أرضي الجمهورية العربية السورية، و هو لايستطيع أن يعارض ذلك لأن هذا الشعار مرفوع أممياً ومرفوع من قبلهم على الرغم من أنهم هم من صنعوه ويقومون بدعمهم حتى اللحظة، هذه مسألة شائكة ومعقدة في ذهنية أردوغان والبطانة التي تحيط به".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق أعلاه
إعداد وتقديم : نواف إبراهيم