صعوبة تجاوز الماضي
قال الباحث في الشأن العراقي أياد العناز لـ"سبوتنيك": "من الواضح أن العلاقات العراقية الكويتية لم تستطع تجاوز الماضي والمضي قدما لبناء علاقات حقيقية، فالكويت لا زالت ترى أن هناك أمورا تمكنها من رسم سياسة الأمر الواقع بسبب الوضع الذي يمر به العراق، وعدم وجود سياسة مستقلة للقرار وغياب الحس الوطني والقومي في الحفاظ على حقوق العراق وشعبه في الجانب الحدودي وكذلك في الجانب الاقتصادي والسياسي".
وأضاف "وأرى أن ما يجري هو حرب جديدة على العراق لتحويله إلى دولة مغلقة بحريا وجباية أمواله وخنقه تماما وجعله يعتمد على دول الجوار".
وتابع الباحث في الشأن العراقي: "في العام 1991 و1992 أمليت على العراق قرارات دولية مجحفة وجاءت في ظرف سياسي لم يكن للعراق فيها رأي وإنما أمليت بقرار أحادي من الكويت وبتأثير على الأمم المتحدة، لذلك يجب مراجعة تلك القرارات والحيلولة دون تنفيذها بشكل كامل نظرا لما لها من ظروف وإملاءات خاصة وقت توقيعها".
وأضاف: "على السياسيين المهيمنين على السلطة السياسية في بغداد الآن أن يبتعدوا عن المصالح والمنافع الشخصية والتي كانت نتيجتها في الماضي توقيع اتفاقية "خور عبد الله" بسبب عدم وضع مصلحة العراق وحقوق شعبنا أمام أعينهم وفي ضمائرهم".
تقسيم خور عبد الله
وتابع العناز "اتفاقية قناة خور عبد الله قبل أيام كان قرارا كويتيا دون الرجوع للعراق، وقناة خور عبدالله الملاحية هي عراقية 100 بالمئة، اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت هي اتفاقية دولية، لكنها كانت مجحفة بقرار من مجلس الأمن الذي صدر في العام 1993، وقد أدت تلك الاتفاقية إلى تقسيم خور عبد الله بين العراق والكويت ولم تعط الحق للعراق في استخدام الجانب الاقتصادي في نصيبه الملاحي".
وأوضح الباحث في الشأن العراقي، أن إنشاء ميناء مبارك الكويتي في العام 2011 أضر العراق اقتصاديا وكان حربا واضحة المعالم تهدف للتأثير على العراق ، لذا يجب أن يعمل العراق جاهدا على الطعن في جميع قرارات الأمم المتحدة والتي تم اتخاذها في ظروف خاصة أدت إلى عدم إشراك العراق في القرار وإنما أمليت بضغط كويتي واضح.
حقوق العراق البحرية
وأكد العناز أنه "يجب إيقاف جميع الاتفاقيات التي عقدت بعد الاحتلال الإمريكي مع الكويت حتى الانتهاء من هذه القضية المهمة والتي بها ضياع لحقوق العراق البحرية، وأيضا لبيان وإثبات الموقف الصريح لحكومة الكويت من العراق، وأن تعمل الحكومة العراقية على إكمال ميناء الفاو بكل السبل نظرا لأهميته الاقتصادية وكونه يمثل إشعاعا عراقيا وطنيا، وأن يتم العمل على إيقاف اتفاقية الملاحة المشتركة في خور عبد الله والموقعة بين البلدين".
تنازلات عراقية كبيرة
ومن جانبها قالت السياسية العراقية الدكتورة ندي الجبوري، العضو السابق بالبرلمان لـ"سبوتنيك": "العلاقات العراقية الكويتية علاقات مبنية على حسن الجوار، ودولة الكويت سعت أن تحافظ على هذه العلاقات والامتداد العشائري والأسري بين البلدي من الصعب التنصل منه، كما أن دولة الكويت سعت ودعمت مؤتمر إعادة الإعمار، ولها جهود ومنح كبيرة في المجتمع المدني في المناطق المحررة من داعش".
وأضافت الجبوري "الحكومات العراقية تعاونت بشكل كبير مع الكويت وما الزيارات المتكررة لرئيس البرلمان إلا دليلاً على ذلك، لكن ملف ترسيم الحدود البرية وكذلك النهرية انتقل إلى مراحل مختلف وبدا المعنيون بهذا الشأن من وزارات وهيئات ووزارة خارجية يشعرون أن هناك غبن وأن العراق بدأ يفقد الكثير من حدوده البحرية وهناك شبه اختناق للموانئ العراقية، ويبدو إن هناك موقفا سياسيا لأكثر من جهة بأن لا ينشط خط النقل من الخليج إلى العراق وتركيا برا".
وأشارت السياسية العراقية إلى أن "الاتفاقيات الموقعة بين العراق والكويت فيما يتعلق بالحدود البرية والبحرية، هناك شعور عام بأن هذه الاتفاقيات والقرارات الدولية تمت في مرحلة أخرى وقبل ٢٠٠٣ وكان العراق مضطرا لأن يقدم التنازلات الكبيرة في حينها، وبكل الأحوال حسن الجوار وفتح صفحة جديدة، واعتماد الخرائط المعترف بها دوليا والاستثمار المشترك هو الحل الأمثل لإزالة التوتر الحالي وخاصة أن المنطقة تعاني من صراع أمريكي إيراني كبير".
الكويت تعاود فتح الملفات
أما بشير أحمد الصبيح المحلل السياسي العراقي قال لـ"سبوتنيك": للعراق ثلاث موانئ رسمت في العهد الملكي عام 1936، وبعد الغزو الامريكي وقدرات الجيش العراقي وعدم الشعور بالوطنيه من قبل الساسة العراقيين، و بدا واضحا أن الحفاظ على الحدود العراقية تحركة الكويت والتي بدأت بالتجاوز على الحدود البحرية بين العراق والكويت بتواطؤ من بعض السياسيين العراقيين".
وأضاف البشير "تجاوزت الكويت تحديدا العلامة 162 في خور عبد الله والتي حددها القرار الأممي رقم 833 وبدون علم العراق، وتم ترسيم الحدود من طرف واحد بدون الرجوع إلى العراق مما جعل العراق يسلم عددا من الرسائل إلى مندوب مجلس الأمن لتسليمها إلى الأمم المتحدة وتتضمن الرسائل تجاوز الكويت على الموانئ العراقية".
وأشار المحلل السياسي العراقي، إلى أن "هذا الأمر يجعلنا كعراقيين نجد أن الكويت هي من يبحث عن فتح ملفات بين الجانبين العراق والكويت، وربط ملفات الموانئ بملف التعويضات الكويتية إبان احتلال الكويت عام 1990 ودفع الرشاوى لبعض السياسيين العراقيين للسكوت عن الزحف الكويتي داخل المياه العراقية وبناء موانئ حديثة".
من ناحية أخرى ،شدد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية على أن "بناء المنصة البحرية فوق منطقة فيشت العيج الواقعة في المياه الإقليمية الكويتية، هو حق سيادي لدولة الكويت في إقليمها وبحرها الإقليمي".
ولفتت وكالة الأنباء الكويتية إلى أن هذا التصريح "جاء تعليقا على ما تردد بشأن "اعتراض الحكومة العراقية على إقامة دولة الكويت منصة بحرية فوق (فيشت العيج) باعتبار أن هذه المنصة ستؤثر على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في المنطقة البحرية الواقعة بعد العلامة 162".
وأوضح المصدر الكويتي المسؤول أن وزارة الخارجية في بلاده تسلمت هذه المذكرة من الوفد الدائم لدى الأمم المتحدة بعد تسليمها إلى مجلس الأمن وقامت بالرد عليها وجاء في الرد أن "دولة الكويت تؤكد أن المياه الإقليمية تم تحديدها بموجب المرسوم الصادر بتاريخ 17-12-1967 بشأن عرض البحر الإقليمي لدولة الكويت وتم تحديثه بتاريخ 19-10-2014 بشأن تحديد المناطق البحرية لدولة الكويت وذلك وفقا لما نصت عليه المادة 15 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 والمودعة لدى الأمم المتحدة".
الرد الكويتي
وجاء في الرد الكويتي أن "(فشت العيج) هي مساحة من الأرض مكونة طبيعية فوق سطح البحر وتقع في المياه الإقليمية الكويتية وعليه فإن بناء المنصة حق سيادي لدولة الكويت في إقليمها وبحرها الإقليمي".
وأنه "تم بناء المنصة لأغراض الملاحة البحرية في خور عبد الله بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات الأمنية لهذه المنطقة وقد تم إخطار العراق من خلال محضر الاجتماع السادس للجنة الكويتية - العراقية بعزم دولة الكويت على إقامة المنصة كما تم توجيه مذكرة للسفارة العراقية لدى دولة الكويت بهذا الشأن بتاريخ 8 -2-2017".
وأشار الرد إلى أن "دولة الكويت قامت بالرد على مذكرات الجانب العراقي المؤرخة ب 5-9-2017 و12-9-2018 والتي طالب الجانب العراقي فيها بالتريث في إنشاء المنصة لحين استكمال الحدود البحرية بعد النقطة 162 المذكرتين الموجهتين من سفارة دولة الكويت في بغداد إلى وزارة الخارجية بتاريخ 26-7-2017 و26-9-2018 بالتأكيد على أن بناء المنصة من الأمور السيادية لدولة الكويت".
وذكر المصدر الكويتي أنه في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بعد العلامة 162 فإن دولة الكويت تؤكد أنها استمرت في مطالبة الجانب العراقي منذ عام 2005 إلى آخر اجتماع في مايو/ أيار الماضي بأن يباشر الخبراء القانونيون في البلدين بالبدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المرسمة وتم ذلك عبر اجتماعات اللجان الوزارية المشتركة والرسائل الوزارية بهذا الشأن.
كما أشار المصدر إلى أن "دولة الكويت قد دعت الأشقاء في العراق إلى حسم هذا الموضوع باللجوء إلى المحكمة الدولية بقانون البحار المنشأ بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982".
وفي ختام تصريحه شدد على أن "دولة الكويت إذ تستعرض هذه الوقائع فإنها تؤكد حرصها على العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين الشقيقين ومواصلتها التنسيق مع الأشقاء لحسم كافة الملفات العالقة حتى لا تتعرض علاقة البلدين لأي شوائب".