استخدمت بعض الشعوب في المجتمعات الطبقية الوشم للتعبير عن مكانة الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه، أو انتمائه لقومية أو لطبقة أو لتيار فكري معين أو لجماعة سرية، وقد ورد ذكره في المراجع التاريخية القديمة في الشرق أو الغرب، وخصوصا في المراجع الصينية القديمة، عند انتقال المجتمع البدائي إلى مجتمع طبقي.
الختم بالنار يعتبر ظاهرة معروفة عند الشعوب القديمة لكي تميز شعب عن شعب آخر بهذه الوسيلة ويكون بمثابة رمز لها تفتخر به، ثم تحول بعد ذلك إلى عامل زينة، يزين به الجسم في جميع أقسامه حتى الوجه.
استنتج سوامي بيتسبنغ عالم النفس الأمريكي، خلال دراسة أجراها عام 2012 على أكثر من ألف شخص يحملون وشما في مدينة نيويورك، أن هناك ثلاثة أنماط شخصية يحملها كل شخص موشوم، هي: التمرد على الواقع، والشعور بالانتماء، والتميز أو الاختلاف، كما نقل موقع "العرب".
ووصل الوشم إلى العرب وأصبح وسيلة لتجميل النساء وكتابات ورسوما للرجال من أجل إعلان محبتهم لشخص ما... أو رسوما لإبراز القوة، أو لدرء الحسد حسب مفهومهم.
أما في وقتنا الحالي، فإن انتشار الوشم بشكله الملفت في أوساط الشباب ليس مرهونا فقط بالشكل الجمالي ولا بالتصميم الفريد، لكنه أصبح أسلوبا للتعبير عن أراء وأفكار أحيانا يعجز الشاب عن وصفها أو الحديث عنها، الأمر الذي جعله بمثابة منصة جسدية للتعبير عن الذات.
وانتشر الوشم في الوطن العربي وخاصة في صفوف الشباب بعد أن كنا نراه على أجساد الأجانب، بل غزا الخط العربي أجساد بعض النجوم والمشاهير الأوروبيين، وأصبح الشبان العرب يستخدمون أشكالا وزخارف وكتابات يظنون أنها تعبر عن شخصياتهم، ومن هذه الرسومات ما يستقر على الصدور والأذرع أو على الأكتاف ومنها ما يرسم على الرقاب أو على الوجوه وبعضها في أماكن مخفية من الجسد.
ومن الصعوبة فصل قضية انتشار الوشم أو "التاتو" عن سمة الشباب العربي الأهم، وهي التمرد على الصور الأصولية المترسخة في أذهان الأجيال السابقة ومحاولة هدمها بشتى الطرق، وإن كان بعضها مليء بالسطحية والضحالة، لكنها في النهاية تشي برغبة شبابية مدفوعة بما تعيشه المنطقة العربية من آثار سياسية وتحولات جسيمة.