فمنذ الصباح الباكر (الثامنة بالتوقيت المحلي) فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها على أمل أن تستقبل أكبر عدد من التونسيين، خاصة بعد التصريحات المتتالية لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والتي أكد فيها مرار على ارتفاع عدد المسجلين بأكثر من مليون ناخب.
ويتواجد في القائمة الانتخابية للرئاسة التونسية أكثر من 26 مرشحا، سيمر منهم إثنين إلى الدور الثاني فيما أثار نسبة الإقبال الضعيفة استغراب الكثيرين.
نسبة إقبال ضعيفة
على عكس العادة لم تكن أمام مكاتب الاقتراع وسط العاصمة تونس منذ صباح اليوم طوابير طويلة من الناخبين، ونسق الإقبال كان بطيئا رغم التحضيرات الكبيرة التي بذلتها هيئة الانتخابات، عكس توقعات المحللين والصحفيين ومتابعي الشأن العام بتسجيل نسب مشاركة عالية.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 45.2 بالمائة في الداخل، و19.7 في الخارج.
تجاوزات رصدها عدد من المراقبين
تحظى الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في تونس باهتمام كبير لا من قبل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية فقط، بل حتى المنظمات غير الحكومية وهياكل دولية أبدت اهتمامها بهذا الاستحقاق، من خلال إرسال عدة وفود لملاحظة سير العملية الانتخابية.
كما حلّ بتونس وفد من الملاحظين الدوليين عن مركز "كارتر" الدولي لملاحظة الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وفي الإطار ذاته، تسهر عدة منظمات تونسية على ملاحظة الانتخابات على غرار "أنا يقظ" التي خصصت 30 ملاحظًا لمراقبة الاستحقاق الرئاسي، إلى جانب شبكة "مراقبون" والاتحاد العام التونسي للشغل الذي يساهم في ملاحظة الانتخابات بأكثر من 5000 ملاحظ، فضلًا عن ملاحظي هيئة الانتخابات.
جمعية شباب بلا حدود كانت من بين الجمعيات المشاركة في عملية الاقتراع وقد إحتوى بيانها الأول حول سير العملية الانتخابية عددا كبيرا من التجاوزات من بينها: تسجيل محاولات للتأثير على إرادة الناخبين حيث يقوم بعض الناخبين بالدعوة للتصويت لفائدة المرشحين إلى جانب رصد عمليات دعاية انتخابية لفائدة المترشحين في الانتخابات الرئاسية أمام بعض مراكز الاقتراع بولايات أريانة، وتونس وبنزرت ومنع ملاحظي الجمعية من متابعة ما يدور بساحة مركز الاقتراع في عدة حالات، وأبرزها في مركز اقتراع بالصخيرة بصفاقس.
كما تحدث عض والهيئة الفرعية للانتخابات بمدنين عبد العزيز القمودي لـ "سبوتنيك"، عن رصد عدة مخالفات في عدد من مراكز الاقتراع بالدائرة الانتخابية بمدنين جنوبي البلاد منها المخالفات المصنفة خطيرة، مثل قيام ممثلين عن قائمة مترشحة للتشريعية بتوزيع منشورات تحمل صورا لمرشح للرئاسة وتوزيعها على عدد من الناخبين.
مواطنون يصوتون على أمل غد أفضل
في مركز الاقتراع بشارع مارسيليا وسط العاصمة تمكنت السيدة أسيا (49 سنة) من أداء واجبها الانتخابي، بعد أن ساعدها أحد المراقبين في العثور على قاعة الانتخاب.
تقول أسيا في حديثها لـ "سبوتنيك"، "الوضع سيء وسيزداد سوءا في حالة عدم المشاركة، لا أعرف لماذا يجلس الشباب بالمقاهي ولا يحاولون المشاركة في التغيير، لا تحب السياسيين وتمقتهم لك حق في ذلك ولكن الأكيد أن في قائمة الـ 26 مرشحا هناك من ه وأقل سوءا".
وتعتقد أسيا أن مقاطعة الشباب للعملية الانتخابية ه وأكبر خطر على الديمقراطية وعلى مستقبل تونس.
من جانب آخر، يقول محمد المهري 62 سنة، "إنه لايستغرب عزوف الشباب على الانتخابات يضيف بصوت متشنج في تصريح لـ "سبوتنيك"، " لقد دمروا الشباب خلال السنوات الماضية، أفقدوه الأمل وحاصروه بالفساد والرشوة، حتى أن الشباب الذين يمتكلون مستوى تعليمي عالي وجيدلم يعد لهم أي أمل في البلاد ويسعون إل مغادرتها، فكيف تطلب منه المشاركة في الانتخابات".
وفي جوابه عن سؤال "سبوتنيك" حول الأسباب التي دفعته للحضور اليوم للإدلاء بصوته، يقول "لقد جئت لسبب واحد لأداء واجبي أما التغيير فلم تعد لدي ثقة في أي أحد".
مقاطعون ومصرون على المقاطعة
وخلال تنقلنا في عدد من مراكز الاقتراع ببعض المناطق في العاصمة تونس، منطقة "الوردية" كانت من المناطق التي زرناها، منطقة شعبية لم يتغير فيها الكثير بعد الثورة، التقينا في أحد المقاهي القريبة من مركز الاقتراع أحمد الهرمي (33 سنة)، الذي لم يكلف نفسه حتى عناء التسجيل في الانتخابات.
يقول أحمد أن البقاء في المقهى أنفع مليون مرة بالنسبة له من انتخاب من وصفهم بالانتهازيين يضيف بصوت متوتر، "هل تضمن لي أن من سأنتخبه لن يكذب وسيفي بوعوده، لا تستطيع أليس كذلك، هذا هو الحال، هم يطلقون الوعود التي يريدون لأنهم يعرفون جيدا أنه ما من أحد سيحاسبهم على عدم الايفاء بوعودهم".
يعتقد أحمد في حديثه مع "سبوتنيك"، "أن لا شيء سيتغير بعد الانتخابات ولا شي تغير بعد الثورة".
في حي ابن سينا بالعاصمة أيضا خير كريم الماجري وأصدقاؤه الذين وجدناهم في أحد المقاهي المقاطعة، كريم الماجري (35 سنة ) متزوج وله طفلتان شارك في انتخابات 2011، وكانت آخر انتخابات يشارك فيها.
يقول كريم "يمكنني القول أنني أندم على أيام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، أندم كثيرا أنني شاركت في ثورة 14 جانفي 2011 ، ثورة جلبت الفقر لمن قاموا بها وتسبب في ثراء من استغلوها، شاركت في انتخابات 2011، وعندما اكتشفت كذبهم وافتراءهم قررت المقاطعة ومصر على المقاطعة".
يرى كريم والعديد من الشباب التونسيين الآخرين، أن أكثر المناطق التي تضررت بعد الثورة هي الأحياء الشعبية حيث ارتفعت فيها نسبة البطالة والجريمة وارتفعت نسب التجارة بالمخدرات حتى، أن الأطفال أصبحوا من أكثر الشرائح العمرية المستهلكة للمخدرات.
متابعة إعلامية كبيرة
وتحظى الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها باهتمام كبير لا من قبل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، بل حتى المنظمات غير الحكومية وهياكل دولية أبدت اهتمامها بهذا الاستحقاق من خلال إرسال عدة وفود لملاحظة سير العملية الانتخابية.
كما أن بعض مكاتب القنوات العالمية قد أرسلت تعزيزا لمكاتبها من أجل ضمان تغطية اعلامية متميزة.
الصحفي الأمريكي، "بان" كان أحد القادمين إلى تونس للعمل كمراسل لإحدى الصحف العالمية، قال: "إن هذه المناسبة تعتير من أهم الأحداث العربية التي تتم متابعتها في الولايات المتحدة.
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، "أعتقد أن الانتقال الديمقراطي التي تعيشه تونس اليوم سيأتي أكله في السنوات القادمة، لأن الحرية الإعلامية المتوفرة حاليا في تونس من المستحيل أن لا تساهم في بناء مجتمع واع".
كما أكد أن "أن تغطية الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في تونس تعتبر تجربة فريدة بالنسبة له بحكم، أن تونس هي البلد الديمقراطي الوحيد في العالم العربي".