ما إن أعلنت الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات عن فوز قيس سعيد ونبيل القروي بالمرتبتين الأولى والثانية، والتي تخولهما إجراء جولة ثانية تؤهل الفائز نيل رئاسة الجمهورية حتى انطلقت التساؤلات حول من هذا؟ ومن أين برز وما تاريخه السياسي؟
فالمترشح قيس سعيّد، يجهل كل الناس خلفيته السياسية والأيديولوجية، ولم يبد في مواقفه طيلة السنوات الماضية عداء أو خصومة لأي طرف سياسي أو فكري، بل كان همه الوحيد القانون والدستور.
"المبادئ والقيم العامة"، هنا مكمن القوة الاستقطابية الخفية للرجل الذي رغم طول صمته بدا متمكناً في المناظرة التلفزيونية في كامل إجاباته، مركزاً بخاصة على الأخلاقيات العامة التي يجب أن تكون بين الدولة والمجتمع.
حول الظروف والعوامل التي سمحت للأستاذ الجامعي بالفوز على أحزاب كبيرة والمرور إلى الدور الثاني، يقول الكاتب والمحلل السياسي، عادل الحاج سالم، إن السياسة الغامضة من الحكومة بقيادة يوسف الشاهد ساهمت في عزوف المواطنين عن الأحزاب السياسية والتشكيك في برامجها "السياسات الملتوية لحكومة الشاهد ساعدت على تشويه الحياة السياسية، إذ أصبح الانتماء إلى حزب سياسي عاملا سلبيا لا قيمة مضافة وهذا أدى إلى خسارة الأحزاب للانتخابات البلدية قبل صدمة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وهو ما ينذر بتغيير المشهد السياسي التونسي نحو مكانة جديدة للمستقلين، وهو ما يضع الجميع أمام حقيقة جديدة؛ كيف تتشكل حكومة جديدة من الأغلبية إذا كانت هذه الأغلبية متكونة من أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة بالمفهوم المتعارف عليه".
كما أشار المحلل السياسي إلى أن صعود الشعبوية في العالم أفضى بضلاله على الحياة السياسية في تونس "المتوقع أن هذه النتيجة تؤذن بصعود الشعبوية مثل ما نلاحظه في أمريكا بصعود ترامب وفرنسا بعد الزلزال الذي أحدثه ماكرون، فهو استغل تراجع الحركات السياسية التقليدية وحتى الأحزاب اليسارية الشابة التي وجدت نفسها مضطرة إلى تغيير خطابها أو مغادرة المشهد السياسي".
كما أضاف عادل الحاج سالم أن بلاغة قيس وإقناعه في الحوار بالإضافة إلى مواقفه المحافظة مكنته من اكتساب قاعدة شعبية على حساب الأحزاب الأخرى "الرجل معروف بحرصه على استخدام العربية الفصحى في تصريحاته الصحفية ومواقفه المؤيدة لحقوق الإنسان مثل مواقفه من قضية الأحوال الشخصية والحقوق المدنية، كحرية اللباس والتدين والحرمة الجسدية وإقرار حقوق المثليين".