بدأت حرب وصفتها مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بأنها غيرت مجرى التاريخ، عندما جعلت الجيش الإسرائيلي، الذي أظهر ثقة زائدة بالنفس، في موقف دفاعي، يسعى فيه لحماية دولته الوليدة.
انطلقت الحرب على جبهتين في آن واحد، وطرحت عدة أسئلة مازالت قائمة حتى الآن، حول الوضع العسكري في تلك الحرب، التي شاركت فيها مصر وسوريا.
وتقول المجلة الأمريكية، إن هناك أسئلة حول عنوانها ماذا لو واصلت الدبابات السورية طريقها نحو حيفا وتل أبيب، وماذا لو واصلت مصر دفع قواتها نحو جنوب إسرائيل.
معارك الدبابات
كانت إسرائيل تمتلك قوة دبابات أقوى وأسرع من الدبابات، التي تملكها الجيوش العربية، إضافة إلى تفوق قواتها الجوية، التي كان بإمكانها إنهاء المعارك الجوية، والتحول نحو استهداف القوات البرية للجيوش العربية.
لكن الجيوش العربية تغلبت على فارق التسليح بكم هائل من الصواريخ السوفيتية المضادة للدبابات، إضافة إلى الصواريخ المضادة للطائرات (أرض جو)، ومدفعية مضادة للطائرات.
فاستطاع الجيش المصري بواسطة تلك الأسلحة السوفيتية، أن يغير قواعد الاشتباك مع الإسرائيلين، فبدلا من استخدام الطائرات الحربية لتدمير بطاريات الصواريخ، أصبحت تلك الطائرات "فانتوم" و"سكاي هوك" الأمريكيتين، في انتظار قيام الدبابات بتلك المهمة لتستطيع التحليق في سماء المعركة.
ومنذ حرب أكتوبر 1973، لم تواجه إسرائيل موقفا عسكريا، مثل الذي تعرضت في تلك المواجهة.
دور أمريكا في الحرب
في السادس من أكتوبر 1973، شنت مصر وسوريا هجوما متزامنا، على القوات الإسرائيلية في سيناء ومرتفعات الجولان، واستمرت تلك الحرب حتى نهاية الشهر، عندما بدأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في الضغط على الطرفين لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار عبر الأمم المتحدة.
وكان لتلك الحرب، دور محوري في التأثير على السياسات الدولية في المنطقة، وجعلت الولايات المتحدة الأمريكية تضع الصراع العربي الإسرائيلي على رأس أجندتها الخاصة بالشؤون الخارجية، بحسب موقع "ناشيونال سيكيوريتي أرشيف" الأمريكي، الذي أوضح أنها لفتت أنظار واشنطن نحو أهمية لعب دور محوري لتأمين إمدادات الطاقة، والأسباب التي يمكن أن تقود لمواجهة بين الدول الكبرى.
وكشفت وثائق الأرشيف الأمريكي، التي تم الكشف عنها، أن تلك الحرب، سلطت الضوء على توجهات مصر وسوريا، العلاقة بين الدول الكبرى، والفشل الاستخباراتي الإسرائيلي والأمريكي.
وكشفت تلك الوثائق العديد من الأمور، التي أوردها الموقع:
1- أعزت واشنطن فشلها الاستخباراتي بأن الاستخبارات الإسرائيلية، مارست "غسيل مخ" للاستخبارات الأمريكية، حول الوضع العسكري للعرب، وكان هم أنفسهم مخدوعون.
2- إسرائيل تلقت إنذار مبكرا باحتمال شن مصر وسوريا هجوما ضدها، وكانت نصيحة الرئيس الأمريكي هنري كيسنجر، لرئيسة وزراء إسرائيل بتجنب القيام بضربة استباقية.
3- كانت لدى الاستخبارات الأمريكية حالة من الإرباك بشأن إمكانية اندلاع حرب.
4- قرر كيسنجر منح مساعدات عسكرية لإسرائيل، لكنه ظل على تواصل مع العرب لزيادة نفوذ واشنطن السياسي في المنطقة.
5- كان كيسنجر يقلل من خطر حظر تصدير النفط لأمريكا في وقت الحرب.
6- رفض كيسنجر تعليمات نيكسون بشأن إنشاء منطقة سيادة مشتركة مع السوفيت بهدف الوصول إلى تسوية.
7- كيسنجر منح إسرائيل الضوء الأخضر لخرق قرار الأمم المتحدة الخاص بوقف إطلاق النار.
8- استخدم الزعيم ليونيد بريجنيف الخط الساخن مع الولايات المتحدة الأمريكية لحماية وقف إطلاق النار، بعد خرق إسرائيل للقرار وعبورها إلى غرب القناة.
9- في 24 أكتوبر 1973، رفعت أمريكا مؤشر ديفكون الخاص بالتهديدات النووية للمستوى الثالث.