في تظاهرات العراق

بدايةً، أشارت اللجنة الحكومية العراقية المكلفة بالتحقيق في موجة الاضطرابات التي شهدتها البلاد مؤخرا إلى مقتل 157 شخصا أغلبهم من المدنيين. وأحصت اللجنة مقتل 149 مدنيا و8 من عناصر الأمن. وخلصت اللجنة إلى أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة والرصاص الحي لقمع المتظاهرين.
Sputnik

وأكد تقرير اللجنة أن الضباط والقادة فقدوا السيطرة على قواتهم خلال الاحتجاجات، وهو ما تسبب في تصاعد حدة الفوضى. وعثرت اللجنة على أدلة لرصاص ونيران القناصة الذين استهدفوا المتظاهرين من فوق أحد المباني وسط العاصمة بغداد، وأضاف التقرير أن 70 في المائة من إصابات المتظاهرين كانت على مستوى الرأس والصدر وهذا ما يؤكد رواية المتظاهرين عن وجود قناصة كانت تعتلي أسطح البنايات توجه نيرانها عن عمد نحو المتظاهرين العراقيين.

وبشكل تفصيلي تمّت الإشارة إلى مقتل 107 مدنيين وإصابة 3458 ومقتل 4 من عناصر الأمن وجرح 363 في بغداد، ومقتل 7 مدنيين واصابة 107 ومقتل اثنين من قوات الأمن، وإصابة 193 في الديوانية، ومقتل 6 مدنيين وإصابة 14، وجرح 92 من أفراد قوات الأمن في ميسان، ومقتل مدني وإصابة 7 آخرين، فضلا عن إصابة 116 من القوات الأمنية في بابل، ومقتل 4 مدنيين وإصابة 226 آخرين وإصابة 58 من قوات الأمن في واسط، ومقتل 5 مدنيين وإصابة 112 آخرين وجرح 43 من قوات الأمن في النجف. ودعا التقرير إلى إقالة قائد عمليات بغداد والمسؤولين الأمنيين في بغداد وميسان والرافدين وذي قار والديوانية وواسط والنجف وبابل وكل من تورطوا في أعمال العنف.

وقد كثرت الدعوات المطالبة بالتظاهر فمن المتوقع استئناف المسيرات الاحتجاجية يوم الجمعة. وهنا نكون قد عدنا للمربع الأول بانطلاق المظاهرات والاحتجاجات من جديد وبزخم أكبر، والتي قد تشهد مشاركة أكبر مع الأخذ بالحسبان الحراك الشعبي العربي في دول المنطقة وعلى رأسها الجزائر ولبنان بمظاهراته السلمية والعفوية البيضاء.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، من أطلق الرصاص الحي على المتظاهرين، وكيف انتشر القناصة على أسطح المباني الحكومية وفي الأزقة وتقاطعات الطرق المؤدية إلى مداخل المنطقة الخضراء المحصنة حيث يقطن معظم المسؤولين العراقيين؟ وهل هناك بالفعل أطراف عراقية شاركت في قتل المتظاهرين، تمت مشاركتها في اللجنة الحكومية وتقوم هي نفسها بإجراء التحقيق؟ مما بشأنه طرح تساؤلات عن جدية عمل اللجنة وما ستفضي إليه من نتائج متوقعة!

وبالعودة "لبعبع المظاهرات" الذي يقض مضاجع المسؤولين ويؤرق رئيس حكومتهم، وعليهِ فقد دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنصاره إلى تلبية دعوات استئناف التظاهرات المطلبية المناهضة للحكومة الجمعة المقبل، ويعد الصّدر أول الداعين للخروج في تظاهرات مليونية للمطالبة بمحاربة الفساد وتحسين أوضاع البلاد حيث أنه اعتبر في خطابه أن التظاهر هو "حق من حقوق المواطنين العراقيين". ونسوق في هذا الصدد بدايات تشكل نظرية "مؤامرة قلب نظام الحكم" التي سبقت التظاهرات بنحو شهرين، عندما بدأت مهلة العام التي منحها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحكومة عادل عبد المهدي تنفذ، وانتهت تحديدا في شهر أكتوبر الجاري، حيث تؤكد المعلومات أن الصدر أبلغ عبد المهدي فعليا في مثل هذه الايام من العام 2018 أنه سيخرج ضده في حال انتهت مهلة العام من دون نتائج حكومية.

إن من ينظر إلى حال العراق يعرف تمام المعرفة أن المحاصصة الطائفية هي التي ائتلفت الفساد والمحسوبيات واستشرت بجسد الأوطان داء الطائفية المقيت دون وجود رادع حقيقي وذلك من مخلفات الاحتلال الأمريكي الذي رفضه العالم الحر وعلى رأسه روسيا بوتين، وها هو الشعب ينتفض ليصحح البوصلة ويفرض الوطنية ويعلي مصلحة الوطن والمواطن فوق الجميع.

(المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط)

مناقشة