اعتبرت المنظمات النسوية الرسمية هذا الإقرار من البرلمان المصري، نصرا جديدا في حين أكدت شخصيات نسائية ومنظمات أهلية أن آليات التنفيذ وسرعتها هي الأهم... كيف تلقت نساء مصر هذا التعديل؟
حقوق الطفل
قالت الدكتورة نجوى كامل المدير السابق لمركز دراسات المرأة والإعلام لـ"سبوتنيك"، تعديل المادة 293 من قانون العقوبات المصري والخاصة بالنفقة للزوجة والأبناء، هي حقوق طفل في المقام الأول، وتغليظ العقوبة على الزوج الممتنع عن الدفع لمدة ثلاثة أشهر بعد اخطاره قد لا تكون كافية للردع، بعد المتاهة التي تعيشها الزوجة المطلقة.
ومضت "لن يكون هناك أي تأثير لتلك التعديلات، خصوصا وأن النفقة تمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة للأسرة".
دور المجلس القومي للمرأة
وتابعت مدير مركز دراسات المرأة والإعلام، "عند ترك المرأة شهور بعد الانفصال، فمن أين تأتي بالمال، القوانين والعقوبات لدينا كثيرة، لكن المشكلة تكمن في عملية التراخي في التنفيذ".
وتساءلت كامل، "نتحدث عن السيدات اللاتي لديهن المقدرة المالية على رفع قضايا أمام المحاكم من أجل النفقة وانتظار الحكم والتنفيذ؟، بالطبع لا".
وطالبت مدير مركز دراسات المرأة والإعلام، "المجلس القومي للمرأة والذي يمتلك فروع في كل المحافظات بإيجاد آلية سريعة إغاثية".
وأوضحت قائلة "بحيث تذهب إليه المرأة المنفصلة عن زوجها، ويتولى المجلس رفع قضية النفقة ومتابعتها ويقوم بتعويض المرأة ماليا حتى يتم الحكم لها بالنفقة".
وأكدت كامل أن القضية الكبرى ليست في القوانين التي تخص المرأة، الأمر يتطلب وعي وثقافة مجتمعية تحترم الحقوق ويعرف كل فرد في المجتمع من خلالها حقوقه وواجباته، هذا بجانب العدالة السريعة الناجزة والتي تقطع الطريق على المتلاعبين والمتهاونين بالحقوق.
قسمة الثروة
أما الدكتورة آمال عبد الهادي، الحقوقية والناشطة النسوية، فأكدت لـ"سبوتنيك"، أن "مصر لديها مشكلة في قانون الأحوال الشخصية والذي يتعرض باستمرار لتغييرات بسيطة جدا، وهو أمر غير صحي".
وتابعت "هناك الكثير من الأطروحات لتعديل القانون وأنا تقدمت بإحدى الطروحات فيما يختص بقسمة الثروة المشتركة بين الزوجة والزوج، وهو طرح من وجهة نظري أهم من النفقة التي قد يدفعها عام أو عدة أعوام وقد يتهرب منها".
الدولة تدفع
وأكدت الحقوقية والناشطة النسوية، أنها مختلفة مع التعديلات الجزئية للقانون، مشيرة إلى أن تغليظ العقوبة لن يحقق الاستقرار المادي للمرأة طالما استمر هذا النمط السائد للتقاضي ولن يتم العثور على الرجل لتنفيذ حكم النفقة عليه.
وأضافت
"من يتهرب من النفقة سيظل يتهرب، والحل الوحيد في مثل تلك الإشكالات هو أن تقوم الدولة بدفع النفقة وتقوم بتحصيلها من الزوج بمعرفتها".
وتابعت عبد الهادي، "أما أن تقوم المرأة بجمع الدلائل والقرائن على عدم الدفع وهو أمر بالغ الصعوبة، ما يقلقني هو إنه يتم إشغالنا بأشياء بسيطة في القانون والأمر الأساسي لا يتم تعديله، الدولة مسؤولة عن جميع المواطنين وعليها دفع تلك النفقات للمرأة وتحصيلها من الرجل المتهرب".
تغيير لا ترقيع
ومن جانبها، قالت ناولة درويش، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة لـ"سبوتنيك"، "لا يكفي أن تكون التغييرات قانونية فقط، بل يجب أن يكون هناك تغيير في ثقافة المجتمع".
وأضافت "زيادة قيمة الغرامة قد لا تشغل بال بعض الرجال، الذين يمتلكون قدرات مالية ويمتنعون عن الدفع كنوع من العقاب ضد المرأة، وعندما يضطرون للدفع سيقومون بذلك، وفي الوقت ذاته قد يرد هذا التعديل في المادة 293 فئات أخرى واعتقد أنها قليلة".
وأكدت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة، أن "التغيير لا يجب أن يكون جزئي، وأن يكون هناك تغيير شامل في القوانين، التي تخطت أعمارها المئة عام وربما أكثر".
وتابعت "يجب أن تكون مواد العقوبات الخاصة بالنفقة جزء من قانون الأحوال الشخصية، والذي يحتاج إلى تغيير جذري ويجرى حوله حوار مجتمعي موسع قبل إقراره لأنه يمس حياة الناس".
وأوضحت درويش أن الأحوال الشخصية في مصر لا تحتاج "ترقيع" قوانين، بل نحتاج إلى فلسفة معينة لمعالجة كل القوانين وأن تعتمد على فلسفة داعمة لحقوق المرأة، والأهم من كل هذا هو تطبيق القانون بالسرعة الواجبة "العدالة الناجزة".
مكسب جديد
وكانت الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، قالت لـ"بوابة الأهرام" المصرية إن تعديل مادة 293 بقانون العقوبات يعد مكسبا جديدا للمرأة المصرية، وتعكس حرص الدولة وسعيها لتحقيق المزيد من الإصلاحات والمكاسب للمرأة المصرية وحل مشاكل الأسرة.
نص المادة 293 بعد التعديل
الجدير بالذكر، أن المادة (293) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 نصت على أن "كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن، وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه مدة ثلاثة أشهر، بعد التنبيه عليه بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا ترفع الدعوى عليه إلا بناءً على شكوى من صاحب الشأن، وإذا رفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة".
كما "يترتب على الحكم الصادر بالإدانة تعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهني، والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، حتى أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعي حسب الأحوال".