ففي مذكراتها، التي طرحت العام الماضي 2018، وأعدها الصحفي أيمن الحكيم، تروي الفنانة الراحلة، التي اشتهرت بلقب ترفضه هو "ملكة الإغراء"، محطات بارزة في مشوارها الفني، ولمحات إنسانية، وعن علاقتها بأصدقائها من الفنانين، أمثال فاتن حمامة وشادية وأحمد مظهر، والتي نعرض مقتطفات منها في الذكرى الـ88 لميلادها، اليوم الثلاثاء.
"صدفة" أدخلتها الفن
تقول هند رستم في مذكراتها التي تحمل اسم "مذكراتي"، إنها دخلت الفن صدفة، بعدما ذهبت مع صديقتها لمكتب إنتاج، وبعدما شاهدها المخرج عز الدين ذو الفقار، اختارها للعمل كومبارس في فيلم "أزهار وأشواك".
وتابعت أنها أحبت التمثيل، وساندتها والدتها الراحلة، وفي المقابل قاطعها والدها بعدما أصرت على استكمال مشوارها في مجال التمثيل، ولم يكلمها إلا حينما تزوجت من طبيب النساء المصري محمد فياض.
حسن الإمام
خصصت هند رستم مساحة طويلة في مذكراتها الشخصية للحديث عن مكتشفها المخرج حسن الإمام، فقالت: "قبله كنت مجرد ممثلة ناشئة تؤدي الأدوار الثانوية، ولا يشعر المخرجون بموهبتها، وكان هذا يحزنني، ولذلك كنت أبحث عن مخرج كبير، يُخرج الطاقات المدفونة بداخلي حتى عثرت عليه".
وتابعت: "أول لقاء بحسن الإمام كان في فيلم "الملاك الظالم"، الذي قامت ببطولته فاتن حمامة مع كمال الشناوي عام 1954، وكنت ذهبت إليه بخطاب توصية من المنتج حسن رمزي، ليرشحني فيه لدور البطولة الثانية، ولكن عندما ذهبت إليه في مكتبه وجدت الممثلة الشابة زهرة العلا، وكانت قد بدأت شهرتها، وشعرت من حديثهما بأنها قد حصلت بالفعل على الدور".
وواصلت: "انتابني شعور بالخجل، وعندما انصرفت، سألني حسن الإمام، أنت كنتي جايه ليه؟، فأجبته كان معي جواب لحضرتك من الأستاذ حسن رمزي، بس خلاص ما عادش له لازمة، فرد ملوش لازمة إزاي؟ وريني كده، فعندما أخذ الخطاب وقرأه قال لي: أنا سأعطيك دورا في الفيلم".
وتكمل هند، بحسب مذكراتها: "وبالفعل أسند لي دورا صغيرا أقوم فيه بغناء أغنية "يا سلام على الهوى" بطريقة الدوبلاج.. وعندما صورت الأغنية أعجب بها، وقرر أن يزيد مساحة الدور وعدّل السيناريو، ونجحت هذه الأغنية جدا، وذاع صيتها في ذلك الوقت".
وعندما شرع حسن الإمام في التجهيز لفيلمه، "بنات الليل"، كان مترددا في اختيار الممثلة التي تقوم بدور البطولة الثانية أمام الفنانة مديحة يسري، فاستشار المنتجة ماري كويني وسألها: "تفتكري أجيب مين مع مديحة؟"، وأشارت "رستم" إلى أنها قالت له: "معروف عنك إنك جريء وبتصنع نجوم جديدة، عندك مثلا هند رستم"، ثم سأل حسن رمزي الذي رشحها للدور ووقع الاختيار عليها.
وأضافت هند بمذكراتها: "أمضى معي حسن الإمام عقد احتكار، وذات يوم عرض علي المخرج عز الدين ذو الفقار العمل معه في فيلم "رد قلبي"، وكان فيلما عن ثورة 23 يوليو/تموز 1952، وعندما قرأت الدور أُعجبت به، ولكن عقد الاحتكار منعني من القبول، فاستشرت السيدة آسيا المنتجة في هذا الأمر، فقالت لي إن العقد لا يمنعني من العمل في أعمال أخرى بعيدا عنه لأنه لا يعطيك مرتب شهري، وأقر رأيها المحامي علي منصور، وبالفعل اشتركت في الفيلم، مما تسبب في غضب حسن الإمام".
وفي عام 1963، وبعد قطيعة استمرت 5 سنوات عادت هند للتعاون مع الإمام في فيلم "شفيقة القبطية".
رأيها في أحمد مظهر ونيازي مصطفي
أكدت هند رستم أن الفنان المصري أحمد مظهر لم يكن يعجبها كممثل، فكانت تشعر دائما أنه ضابط أو عسكري، وكان يليق في أدوار الباشا أو البرنس.
كما أكدت أنها لم تحب التعامل مع المخرج نيازي مصطفى، لأنه لا يعطي فرصة للممثل أن يظهر أفضل ما لديه.
تتنكر من أفلام قدمتها
تعتبر هند رستم أن فيلمها الكوميدي "لوكاندة المفاجآت" دون المستوى، على الرغم من أنها وافقت على السيناريو قبل أن تقرأه، وسبب ذلك أنها كانت تحلم أن تقف أمام الفنان إسماعيل ياسين، فكان الظهور في فيلم من بطولته هو حلم نجوم كُثر من أبناء جيلها، خاصة أنه كان صاحب شعبية طاغية.
أما عن أقل أفلامها كما وصفته، قالت: فيلم "أعظم طفل في العالم" عام 1972، على الرغم من "عشقها" للفنان رشدي أباظة، إلا إن الفيلم لم يقدم لها جديدا.
وأشارت هند إلى أنها لم تحب فيلم "وكر الأشرار" أيضا، أمام صديقها الفنان فريد شوقي، فهي غير راضية عنه، ولا تتذكر منه سوى أن هناك مشاهد تم تصويرها في فيلا المخرج حسن الصيفي.
فاتن حمامة وعرض خليجي
قالت هند رستم في مذكراتها إنها أفضل من الفنانة المصرية فاتن حمامة، موضحة أن الأخيرة قدمت نمطا واحدا من الأدوار، وهي "الفتاة المغلوبة على أمرها"، أو "الزوجة المحترمة"، أما أنا، فقدمت الأم، الزوجة، فتاة الليل، الراهبة، وهذا التنوع يجعلني الأفضل.
وبعد اعتزال رستم في عام 1979، عرض عليها العودة للتمثيل وبطولة مسلسل "عائلة شلش" عام 1990، ووافقت بالفعل على العودة، إلا أنها طلبت أجرا مساويًا لفاتن حمامة في ذلك الوقت، ورفضت الجهة المنتجة، فتعثرت المفاوضات.
بعد ذلك قامت شركة إنتاج خليجية بعرض أجر أعلى من الأجر الذي طلبته من قبل، في مقابل بطولة مسلسل يعرض على إحدى القنوات الخليجية، إلا إنها رفضت لأنها أرادت أن تكون عودتها من خلال التليفزيون المصري.
رفضت تكريما
في عام 2004، رفضت هند رستم جائزة الدولة التقديرية في الفنون، وفسرت الأمر بأن التكريم "تأخر"، خصوصا أن
"هناك هند رستم واحدة فقط، فكيف لا يتم تكريمها خلال كل هذه السنوات، خاصة أنهم كرموا من أقل مني، ثم بعد ذلك يتذكرونني، كما أن شادية أحق أن تتكرم قبل مني وخصوصا أنها لمعت قبلي".
لقب "ملكة الإغراء"
كان أول من أطلق على هند رستم لقب "ملكة الإغراء" الإعلامي المصري مفيد فوزي، وقالت إنها لا تحب هذا اللقب، خاصة أنه يحصرها في نوعية معينة، وهي أجادت كل أنواع الشخصيات الدرامية.
وأشارت "بسنت" ابنة هند رستم في تصريحات تلفزيونية، أن مفيد فوزي أطلق على والدتها هذا اللقب دون قصد، وإنما تعبيرا عن أنوثتها وجمالها، الذي كان يميزها عن غيرها من ممثلات جيلها.
ارتعبت من جمال عبد الناصر
روت هند رستم في مذكراتها أنها التقت بالرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر 3 مرات في حياتها، الأولى كانت في صالة العرض الصغيرة باستديو مصر، لمشاهدة فيلم "رد قلبي"، وجلست وقتها خلفه مباشرة وبجوارها الفنان صلاح ذو الفقار، وقبل عرض الفيلم تم عرض لقطات سياسية ظهر فيها العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، ووقتها انتقدت طريقة "حلاقته" لشعره، وسمعها عبد الناصر والتفت إليها، ولم يتحدث "ونظرة عينه كانت مثل الرصاص"، ووقتها "نزلت تحت الكرسي" من شدة الرعب.
وأضافت أن "كاريزما" عبد الناصر وحضوره القوي أكبر بكثير مما يظهر في الشاشات، فارتبط في ذهنها طيلة الوقت بنظرته الحادة، وطلته الرهيبة، ووصفته بأنه "كان حاجة تخض"، بحسب تعبيرها.
المرة الثانية، كانت في سينما "كايرو بالاس" لحضور نفس الفيلم، وجلست وراء الزعيم الراحل أيضا، لكنها لم تتحدث هذه المرة.
أما المرة الثالثة التي قابلت فيها جمال عبد الناصر، فكانت حينما جاء الزعيم السوفييتي "خروتشوف"، وأقيم حفل حضره سياسيون وفنانون، وهذه المرة كذلك لم تتحدث بشكل مباشر مع الزعيم الراحل، وقالت: "عبد الناصر كان زعيم بجد".