ويعتبر مرض الإيدز من الأمراض الخطرة، كما أن معدلات الإصابة به لا تزال مرتفعة خاصة في دول العالم النامي.
حاجز الصمت
قال الدكتور إيهاب الخراط مستشار برنامج الأمم المتحدة للإيدز ومدير برنامج الحرية للإدمان والإيدز في حديث لـ"سبوتنيك"، إنه "تم التعرف على فيروس الإيدز في العالم منذ أوائل الثمانينيات، وانتشر بصورة شبه متساوية في كل الدول، ولا يعرف أحد على وجه الدقة كيف بدأت الإصابات وفي أي دولة من الدول، ولا حتى كيف بدأت الإصابات في غرب أفريقيا والتي يظن أنها أول البلاد أو المناطق التي أصيبت بالمرض".
وأضاف الخراط، "الثابت أن انتشار المرض في الدول العربية مرتبط بما يسمى "الوصم والتمييز والإنكار أو حاجز الصمت"، والواقع في الدول العربية حسب تقسيمة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ودول شمال أفريقيا وشرق المتوسط وفقا لتقسيمات منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز، هذه البلاد لا تزال أكثر البلاد التي تزيد بها نسبة الإصابات الجديدة كل عام، وهذا ناتج عن صعوبة الوصول إلى الفئات"المفتاحية" أو الفئات الأكثر عرضة للإصابة".
الفئات المفتاحية
وتابع مستشار برنامج الأمم المتحدة، "تتمثل تلك الفئات المفتاحية على سبيل المثال في متعاطي المخدرات بالحقن، والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، والعاملات بالجنس وزبائنهن، وأطفال الشوارع.. كل تلك الجهود ما زالت محفوفة في الدول العربية بالصعاب للأسف الشديد، حتى أن البعض يظن أن الوصول لهذه الفئات بشعارات الوقاية وهي الامتناع إن أمكن وثانيا تقليل المخاطر أو الحقن الآمن، والوصول إلى التوعية وإزالة الوصم والتمييز وأن هذا المرض هو ابتلاء وليس عقابا من الله كأي مرض آخر".
60 في المئة
وأوضح الخراط، أن نسب الإصابة بين الأطفال بالإيدز كبيرة والذي ينتقل إليهم عن طريق الأم، ومعظم السيدات المصابات بالإيدز في البلاد العربية أصبن داخل إطار الزواج الشرعي، وأكثر من 60 بالمئة من المصابين بفيروس نقص المناعة البشري "الإيدز" لم يرتكبوا أي من الأشياء غير الأخلاقية المتعارف عليها أو خالف تعاليم الأديان.
وحول الجهود المبذولة لاكتشاف المرض والعلاج قال الخراط إن "هناك تقدماً كبيرا على عدة أصعدة بالنسبة لاكتشاف المرض ومنع انتقاله، منها التأكد من عدم وجود الفيروس خلال عمليات نقل الدم وأدوات الجراحة إلى آخره، والآن توافرت الأدوية مجانا في معظم وزارات الصحة بالدول العربية، لكن هناك مشكلتين كبيرتين أولهما صعوبة اكتشاف الحالات بين الفئات الأكثر عرضة، على سبيل المثال الذين يتعاطون المخدرات بالحقن وشركائهم الجنسيين بما فيهم زوجاتهم، وكذا النساء العاملات بالجنس والرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال في أماكن كالسجون، ونحن ننكر عمليات الوصول لتلك الفئات أو نصاب بالحرج، في الوقت الذي تواجه بعض الدول مثل تلك الأمور بالحد منها عن طريق توفير بعض الأدوات التي تمنع انتقال الفيروس".
ارتفاع نسب الإصابة
وتابع مستشار برنامج الأمم المتحدة، "في العام 2006 نحن كجمعية غير حكومية اشتركنا مع وزارة الصحة المصرية في عمل مسح للفئات الأكثر عرضة، فوجدنا أن 1 في المئة من العاملات بالجنس و 1 في المئة من متعاطي المخدرات بالحقن و6 في المئة من الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال مصابين بالإيدز، وفي العام 2010 ارتفعت الإصابة إلى 7 في المئة ما بين متعاطي المخدرات بالحقن و7 في المئة أيضا في حالات المثلية الجنسية في الرجال، ومنذ 2010 حتى الآن لم يجر المسح الترصدي، وأعتقد أن النسب قد زادت بشكل كبير بين الفئات الأكثر عرضة ونحن لا زلنا لا ندرك حجم هذه الإصابة".
ولفت الخراط إلى أن الفئات الأكثر عرضة "ينبغي التعامل معهم على أنهم بشر يستحقون العناية والاهتمام سواء كانوا مخطئين أم لا، لتقليل السلوكيات المحفوفة بالمخاطر التي قد يمارسونها".
38 مليون متعايش
وحول أعداد المصابين بالإيدز في مصر قال الخراط، إن "وزارة الصحة أعلنت في وقت سابق أن مصر بها حوالي 5000 متعايش مع الإيدز، في الوقت ذاته رد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري وقالوا إن لدينا 10 آلاف متعايش مع الإيدز، وأنا اعتقد أن لدينا ما يقارب 250 ألف متعايش مع فيروس الإيدز، وهذه ليست نسبة تؤدي إلى خطر أو وباء عام، ووفقا للاحصائيات لدينا 3 مليون مدمن مخدرات، منهم على الأقل مليون يتشاركون الحقن، ولدينا وفقا للاحصائيات غير الرسمية 2000 عاملة بالجنس التجاري ومليون رجل يمارسون المثلية، فعندما نتحدث عن ربع مليون متعايش في مصر، هذا ليس كثيرا، لدينا تحدي كبير للوصول للفئات الأكثر عرضة وضمان حقوق المتعايشين مع الفيروس.
وحول اليوم العالمي للإيدز والذي يوافق الأول من ديسمبر/ كانون أول من كل عام قال الدكتور ماجد عويس المشرف على المحاجر الصحية التابعة للجنة الإنقاذ الدولية في محافظة الضالع اليمنية لـ"سبوتنيك": "يعيش 38 مليون شخص بفيروس نقص المناعة البشرية في جميع أنحاء العالم، وبشكل عام النساء يشكلن نحو نصف المصابين بفيروس نقص المناعة البشري في جميع أنحاء العالم".
العلاج يمنع انتقاله
وتابع المشرف على المحاجر الصحية، "إذا تم تشخيص المرض في الوقت المناسب، ومع تناول الأدوية الفعالة يمكن أن يعيش الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشري على نحو طبيعي، ومع العلاج الفعال لا يمكن للناس الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشري أن ينقلوا الفيروس إلى أي شخص آخر ويرجع ذلك إلى أن العلاج يمنع تكاثر الفيروس"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد علاج لفيروس نقص المناعة البشري حتى الآن".
الهدف من الاحتفال
وأشار عويس إلى أن الهدف من الاحتفال هو "التركيز على أهمية التوسع وزيادة التغطية بالخدمات الوقائية والعلاجية لعدوى الإيدز محليا وعالميا، ورصد انتشار الإيدز والعدوى بفيروسه على الصعيد العالمي ورصد مدى توافر خدمات العلاج، والوقاية ذات الصلة، بجانب وضع السياسات وتوفير الإرشادات القياسية والتقنية لمساعدة البلدان على تعزيز التدخلات في القطاع الصحي، بهدف مكافحة الإيدز، والعدوى بفيروسه، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم للبلدان منخفضة الدخل، وتأمين الأدوية ومستلزمات التشخيص والوسائل الأخرى اللازمة لمكافحة فيروس الإيدز وضمان إمدادات كافية منها، ودعوة كل الجهات المعنية على الصعيد العالمي إلى مزيد من الاهتمام بوباء الإيدز والعدوى بفيروسه وإبداء مزيد من الالتزام بمكافحته، وتستهدف الاحتفالية، المصابون بالإيدز وذويهم، العاملون في المجال الصحي من الأطباء، الممرضين، والصيادلة، والمثقفين الصحيين، صانعو القرارات الصحية، الجمعيات، والمنظمات الصحية، والمجتمع عامة".
رسالة الأمين العام للأمم المتحدة
قال الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته في اليوم العالمي للإيدز، "سيتطلب القضاء على وباء الإيدز بحلول عام 2030، كما تعهدنا في أهداف التنمية المستدامة، جهدا تعاونيا مستمرا، وتعمل الأمم المتحدة والحكومات والمجتمع المدني والشركاء الآخرون معاً منذ حين لزيادة فرص الحصول علي الخدمات الصحية ووقف الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي عام 2018، كان أكثر من 23 مليون مصاب بالفيروس يتلقون العلاج".
وتقوم المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم بدور أساسي في مكافحة هذا الوباء، إذ تساعد الناس في المطالبة بحقوقهم، وتعمل على توافر إمكانية الحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية التي لا وصم فيها، وتكفل وصول الخدمات إلى أكثر الفئات ضعفا وتعرضا للتهميش، وتضغط من أجل تغيير القوانين المنطوية على تمييز. موضوع الاحتفال هذا العام يُبرز بحق أن المجتمعات المحلية هي التي تُحدِث الفرق.
ومع ذلك، لا تزال هناك احتياجات لم تتم تلبيتها بعد، قد بلغت أعداد المصابين بالفيروس رقما قياسيا هو 38 مليون شخص ولكن الموارد المتاحة للتعامل مع الوباء انخفضت مليار دولار في العام الماضي.