وحول ما إذا كان رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب مرتبط بفتح مسار لعلاقات مع إسرائيل، رأى مدير قسم العلاقات الدولية في صحيفة "الانتباهة"، السودانية واسعة الانتشار، المثنى عبد القادر، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، أنه لا مانع لدى الحكومة الانتقالية من إقامة علاقات مع إسرائيل، لأجل تحقيق أهدافها ومصالح السودان الاقتصادية.
لكن عبد القادر استبعد أن تزيل الولايات المتحدة اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية خلال عام أو عامين، لافتا إلى أن مطالب واشنطن لتحقيق الهدف السوداني تتمثل في جملة من الموضوعات هي تحقيق السلام، ووقف النزاعات في دارفور، والنيل الأزرق وجنوب كردفان، لذلك لابد من تحقيق السلام الشامل، ويمكن بعدها ان تنظر الإدارة الأمريكية، وهذا على مستوى الشأن الداخلي".
واستطرد قائلا "أما على المستويين الإقليمي والدولي فالولايات المتحدة ترغب في أن يوافق السودان على إقامة علاقات مع إسرائيل، وأعتقد أن الحكومة الانتقالية، باستطاعتها تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهذا الأمر سيكون ضروريا، لصالح السودانيين، لتحسين الأوضاع الاقتصادية حين تُلغى العقوبات الأمريكية".
واستدل عبد القادر بما جرى بنهاية سبعينيات القرن الماضي، حينما تمكن الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بحسب رأيه، من "حل أزماته الداخلية، بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل التي أنهت الحرب بين البلدين، والحد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد المصري جراء الصراع.
كما اعتبر عبد القادر، أن السودان، حتى اللحظة، ليس ضمن أولوية الأجندة الأمريكية، مشيرا إلى أنه خلال مشاركة رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك ممثلا للسودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يلتق الرئيس دونالد ترامب، وأيضا خلال الزيارة الحالية للولايات المتحدة لن يلتقي الأمريكي.
وتابع "سيكون السودان ضمن الأولوية الأجندة الأمريكية حين تخطو الحكومة الانتقالية السودانية نحو إقامة علاقات مع إسرائيل".
ووصل رئيس الحكومة السودانية الانتقالية، عبد الله حمدوك، الأحد الماضي، إلى واشنطن على رأس وفد وزاري كبير في زيارة للولايات المتحدة تستغرق عدة أيام.
وحول الهدف من زيارة حمدوك، إلى واشنطن، قال عبد القادر "الزيارة تهدف بالأساس إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى جانب كسب الدعم الأمريكي خلال مؤتمر أصدقاء السودان الذي سيعقد بالخرطوم خلال ديسمبر الجاري بهدف دعم موازنة السودان للعام 2020".
ومن جانبه، أوضح مدير مركز سوداني للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور الفاتح محجوب، في تصريح لوكالة سبوتنيك، "الولايات المتحدة ترغب في بقاء السودان على قائمتها للدول الراعية للإرهاب، بما يساعدها في ابتزاز الحكومة السودانية وإرغامها علي تنفيذ سياسات تلبي مصالحها في الإقليم، بالإضافة إلى مصالحها الأمنية والسياسية، مستغلة حاجة السودان لإعفاء ديونه وهذا يتطلب موافقة الولايات المتحدة".
وأردف محجوب "طالما بقى السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فمن المستحيل أن تمد الإدارة الأمريكية له يد العون بخصوص موضوع الديون".
وحول حقيقة وجود اتجاه للحكومة الانتقالية السودانية في إقامة علاقات مع إسرائيل، قال محجوب "الدول العربية بشكل عام لديها علاقات غير رسمية مع إسرائيل، وهذا بالضبط ما سيكون عليه موقف الحكومة السودانية التي غازلت اليهود عبر تصريحات سابقة لوزير الشؤون الدينية".
وتابع موضحا "لكن زيارة حمدوك الحالية للولايات المتحدة، لا علاقة لها بقضية التطبيع مع إسرائيل، لكن بالمقابل الوفد يستطيع تقديم أجوبة واضحة حول إنهاء وضع السودان كعدو لإسرائيل".
ولفت الخبير السياسي إلى أن "أهداف الحكومة الانتقالية إصلاح الاقتصاد فهي قد جعلت من إلغاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، بأولوية مطلقة، لأن إعفاء الديون والحصول على تمويل جديد هو جوهر برنامجها ولهذا استخدمت علاقاتها بالدول الأوربية والعربية والأفريقية للضغط على واشنطن لتحقيق هذا الغرض".
وفي ذات الوقت، يقول محجوب، إن "مصالح السودان، تقتضي الوقوف مع موقف الجامعة العربية، فهي حتى الآن الجهة الوحيدة الداعمة للسودان"، لافتا إلى تصريحات سابقة لرئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، من أن موقف السودان جزء من الموقف العربي المستند إلى مبادرة السلام العربية.
ومن جهته لم يعترض الناشط السياسي، مبارك اردول، في تصريح، لوكالة "سبوتنيك"، على فكرة إقامة علاقات بين السودان وإسرائيل إذا كانت تصب في صالح السودان.
وقال أردول "من المعلوم أن بناء العلاقات بين الدول، تقوم على المصالح المشتركة، بعيدا عن أي اتجاهات الايدولوجية أو صراعات فكرية".
وأضاف "لأجل تحقيق مصالح السودان، يجب على المسؤولين دراسة أو تصميم شكل العلاقات مع إسرائيل، ويجرى عليه بحث عن مدى فوائد السودان التي يجنيها من هذه العلاقات ومستوى خسائرها، فإذا وجدنا الفوائد هي الأكثر، نقيم علاقات مع دولة إسرائيل في سبيل تحقيق مصالحنا".
كما أكد أردول ضرورة قيام الحكومة السودانية باستطلاع الرأي العام قبل إقامة علاقات مع أية دولة، "لأنه من المهم للغاية معرفة الرأي العام السوداني لان الفاعل الحقيقي لمدى استقرار الحكومة الانتقالية".
ومن جهته استعرض الخبير السوداني في العلاقات الدولية الدكتور الرشيد محمد ابراهيم، في تصريح لوكالة سبوتنيك، تجارب بعض الدول العربية في إقامة علاقات مع إسرائيل، قائلا "المكاسب التي جنتها هذه الدول العربية من وراء إقامة علاقات مع إسرائيل، تختلف من دولة لأخرى، فمعظم الدول العربية في علاقات رسمية أو غير رسمية مع إسرائيل، جاءت لتحقيق أهداف سياسية وأمنية في المقام الأول".
وتابع إبراهيم موضحا "مثلا دول الطوق (مصر والأردن ولبنان وسوريا)، لكونها دول مجاورة لإسرائيل، اضطرت أن تتعامل معها بطريقة أو بأخرى".
ولفت إلى أن "إسرائيل أصبحت تبحث في بناء علاقات سياسية واقتصادية في أبعد مسافة من جوارها الإقليمي، فذهبت إلى العمق الأفريقي وخاصة في بعض دول منابع نهر النيل (إثيوبيا، وأوغندا، وجنوب السودان)"، لافتا إلى أن إسرائيل تريد الانضمام إلى تكتلات لدول أفريقية أو عربية للحصول على دعمها في المحافل الدولية.
وأردف "كما ترغب إسرائيل في الانضمام لمنظومات الأمن في البحر الأحمر وفي منظومات أمنية خاصة بدول المصب نهر النيل، وفي كل الأحوال السودان لم يكن بعيدا عن أهداف إسرائيل في الوقت الحالي ولن يكون في المستقبل".
ويذكر أن النظام السابق بقيادة عمر البشير، أعلن منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 1989، أنه يدعم الشعب الفلسطيني في الحصول على كامل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وجدير بالذكر أيضا أن تقارير صحافية تحدثت عن إغارة طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي، في تشرين الثاني/أكتوبر 2012، على موقع سوداني هو مصنع للأسلحة.
ولاحقا أفادت تقارير إعلامية بأن سكان مدينة بورتسودان الساحلية شاهدوا طائرات إسرائيلية وهي تغير على سيارة مملوكة لأحد المواطنين قيل إنه يعمل سرًا على توريد الأسلحة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).