وكان مكتب الميزانية في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي قد قرر في شهر تشرين الأول/ أكتوبرالمنصرم تعيلق هذه المساعدات دون تقديم أية مبررات لذلك، في الوقت الذي شهد فيه لبنان احتجاجات على الوضع الاقتصادي والمعيشي.
ما هي هذه المساعدات؟
عن هذه المساعدات وسبب منعها في الوقت السابق يقول المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي عمر معربوني في حديث لـ"سبوتنيك" أن هذه المساعدات هي جزء من الأموال التي تدفعها الولايات المتحدة في إطار المساعدات العسكرية للجيش اللبناني من سنوات طويلة.
ويتابع: هذا الإفراج جاء بعد أن وضع البيت الأبيض توصية بعدم إرسال الأموال إلى الجيش اللبناني، وتأتي عملية المنع على خلفية الأحداث الجارية في لبنان، وجاءت انعكاسا للخلاف الدائر بين وجهتي نظر في الإدارة الأمريكية.
ويواصل معربوني: وجهة النظر الأولى تقول بأن الجيش اللبناني يجب أن يدعم بشكل جيد، والأخرى تقول بوجوب تجميد المساعدات في هذه المرحلة، كمزيد من الضغط في سياق التحولات التي تحصل في لبنان، وهدفها الأساسي إيجاد خلل في التركيبة السياسية اللبنانية، وهذا أمر بات معروفا من خلال التصريحات في الإدارة الأمريكية
وكذلك يرى المحلل السياسي اللبناني نضال السبع في لقائه مع "سبوتنيك" ويقول: هناك عدد من البرامج التي تدعم فيها الولايات المتحدة الجيش اللبناني، وهو المؤسسة الوحيدة في لبنان الذي يتلقى مساعدات من الولايات المتحدة، وتأتي ضمن برنامج موقع بين الدولتين.
ويكمل: في بداية التظاهرات في لبنان يبدو أنه قد تم تأحيل هذه المساعدات، ولكن دور الجيش اللبناني مؤخرا، والذي كان حكما حقيقيا بين المتظاهرين والقوى السياسية، دفع المجتمع الدولي إلى الإشادة بالجيش، وأعتقد أن الولايات المتحدة استأنفت عملية الدعم لتعزيز دور الجيش اللبناني.
لماذا الإفراج الآن؟
وعن سبب قيام الولايات المتحدة برفع الحظر عن هذه المساعدات والحكومة لم تشكل بعد في لبنان يقول المحلل السياسي معربوني: هناك وجهة نظر في الإدارة الأمريكية تقول بأن المساعدات يجب أن تستمر لعدم دخول الجيش في حالة انهيار.
ويكمل: الجميع يعلم بأن الولايات المتحدة ترغب بإحداث تغيير على المستوى السياسي في لبنان، وعلى هذا الأساس استمرت المساعدة، رغم أنه في العنوان الرئيسي لا يمكن اعتبار هذه المساعدات أساسية وهامة.
فيما يقول الخبير السياسي السبع: بغض النظر إن كان هناك حكومة في لبنان ممثل فيها "حزب الله" أم لا، أعتقد أن هناك التزام من جانب الولايات المتحدة بدعم الجيش اللبناني تحت أي ظرف.
ويواصل حديثه: خاصة في ظل ما يدور في الإعلام وفي داخل الأوساط عن إمكانية حدوث انفلات أمني في لبنان، والذي يقع في منطقة جغرافية متفجرة إلى حد ما، مع ما يحدث في سوريا والعراق وتسرب عناصر من "داعش".
ويتابع السبع: المطلوب اليوم تعزيز دور الجيش اللبناني لفرض الأمن، في حال كان هناك صراع سياسي وتظاهرات واحتجاجات في البلد، وأن يدعم المجتمع الدولي المؤسسة الأمنية للحفاظ على الأمن في البلد.
ويضيف: من هذه الباب الولايات المتحدة دعمت الجيش اللبناني في هذه الفترة، مع العلم أن هذه المعدات وهذا المبلغ كان من المفترض أن يسدد قبل حوالي الشهر، ولسبب غير معروف تأخر ذلك.
الماهية والشروط
وعن ماهية هذه المساعدات والشروط التي قد تكون الولايات المتحدة قد فرضتها على لبنان للحصول قلل الخبير الاستراتيجي معربوني من أهمية هذه المساعدات، ويقول: هذه المساعدات تقتصر على بعض العربات القديمة وبعض ناقلات الجند، وعلى أعتدة وأسلحة متوسطة وخفيفة، وبالتالي هي لا ترفع من مستوى الجيش اللبناني، كما تفعل الولايات المتحدة مع المساعدات التي ترسلها إلى إسرائيل.
ويكمل: طبعا هناك مجموعة كبيرة من الشروط المفروضة لاستخدام هذه المساعدات، وبتقديري أنها شروط غير مباشرة، فعندما لا تزود الجيش بأسلحة حديثة ومتقدمة، فهي تحد من فاعلية الجيش عمليا، وتحصر جهده في الأمن الداخلي كما هو الحال في لبنان.
وكذلك يعتقد السبع بأن هذه المساعدات هي فقط عينية، وعن الشروط المفروضة يتحدث: هناك إعلان أمريكي واضح ومطالبات كثيرة بأن لا يتعرض الجيش للمتظاهرين، وهذا واضح من خلال كل التصريحات الأمريكية منذ 45 يوما، تاريخ دخول لبنان في التظاهرات.
ويكمل السبع: الجيش اللبناني أعلن على لسان قائده العماد جوزيف عون التزامه بحماية المتظاهرين، ولكن دعا أيضا إلى فتح الطرقات وإعطاء حق التنقل، وبالتالي الجيش اللبناني يلعب دورا متوازنا في حماية المتظاهرين ومنعهم من إغلاق الطرقات.
ويختم حديثه قائلا: بتقديري أن الولايات المتحدة حريصة أن لا يصل هذا السلاح إلى "حزب الله"، وكان هناك دائما تصريحات أمريكية في هذا الاتجاه، وهذا الأمر لم يحدث سابقة ولن يحدث مستقبلا.