تحاول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ فترة طويلة إقناع المملكة العربية السعودية في استخدام التكنولوجيا الأمريكية في خططها الرامية لبناء محطتين للطاقة النووية.
وتخطط السعودية لبناء مفاعلين كهروذريين، وذلك في إطار خطة تهدف إلى تقليص استخدام النفط والغاز في توليد الطاقة الكهربائية، وتتنافس روسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والصين وفرنسا للفوز بعقد إنشاء أول محطة من هذا النوع في المملكة.
خطط الكونغرس
ويطالب الإجراء، الذي قاده النائب الديمقراطي برادلي شيرمان، الدول بالتوقيع على ما يسمى بالبروتوكول الإضافي، وفقا لـ"رويترز".
ويتطلب هذا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، إجراء عمليات تفتيش مفاجئة لمنشآت الطاقة النووية لضمان عدم قيام الدول بتطوير مواد للأسلحة النووية.
وقال المعاونان، إن هذا ورد في مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني السنوي، وهو أحد التشريعات القليلة التي يجب أن يقرها الكونغرس كل عام. ويمكن الإعلان عن مشروع القانون في الأيام المقبلة بعد شهور من المفاوضات.
ويسعى النواب لمزيد من الرقابة على أي اتفاق مع السعودية، بعدما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العام الماضي، إن بلاده لا تريد أسلحة نووية لكنها ستسعى إليها إذا طورتها إيران.
وزاد القلق في الكونغرس من سعي السعودية للحصول على الطاقة النووية، بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي، وفقا لرويترز.
ضغوط أمريكية
سعد بن عمر، المحلل السياسي السعودي، ورئيس مركز القرن العربي للدراسات، قال إن "المملكة العربية السعودية لديها خطط لتطوير الطاقة النووية واستخدامتها السلمية لتوليد الكهرباء، وغيرها من الاستفادة التكنولوجية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المملكة من الدول الموقعة على وثيقة الأمم المتحدة في التفتيش على المواقع النووية، وهي تسعى جاهدة لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية".
وأكد أن "مطالب الكونغرس بتفتيش أمريكي على الطاقة النووية السعودية محاولة لإجبار السعودية على التعامل مع الولايات المتحدة فقط في هذه المشاريع، وهذا من الصعب لأن المملكة تملك الكثير من الخيارات سواء مع أمريكا أو غيرها من الدول".
وتابع:
"هناك برنامج من الأمم المتحدة هو المسؤول عن التفتيشات النووية لأي دولة، كما يحدث مع المنشآت التي تعمل على استخدام هذه الطاقة، للتأكد من معايير السلامة، أو للتأكد من عدم استخدامها للأغراض العسكرية".
ومضى قائلًا: "السعودية لا تخشى هذه المحاولات، وسواء أصدر الكونغرس موافقة على المقترح أو تم رفضه لن يشكل للمملكة أي اهتمام، خصوصا وأن الملكة لا تسعى لاستخدام النووي في الأعمال العسكرية".
جهود سعودية
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي شاهر النهاري، إن "عادة ما تصدر مشاريع من قبل عضو أو أعضاء بالكونغرس الأمريكي عند قرب موعد الانتخابات الرئاسية، كان آخره مشروع قرار يطلب تفتيشًا على الطاقة النووية في السعودية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هناك عدة تساؤلات لابد من طرحها في هذا الشان منها، ما المرتكزات التي تمت عليها هذه المطالب، وهل فعلا تعتمد على معلومات علمية أو استخباراتية، أم أنها مبنية على مقال في إحدى الصحف الأمريكية، أو تقرير لإحدى القنوات، التي أثبتت في فترة رئاسة الرئيس ترامب أنها مختطفة متحيزة ترمي لخلق الفوضى وإظهار الرئيس وكل من يقفون في صفه بصورة مشوهة مخالفة للواقع، وذلك يحدث دوما وكم رأينا الرئيس ترمب بذاته يذكر ذلك علنا ويصفهم بالإعلام الكاذب والمخادع".
وتابع: "السعودية بلد سلم ورؤية خير ونماء وهي تحاول جاهدة إثبات أن امتلاك إيران للسلاح النووي خطيئة تقترف في الشرق الأوسط، المليء بالفوضى التي أنتجتها السياسة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته كلينتون".
وأكد أن "السعودية تسعى للحد من التسلح النووي عالميا، ولا تسعى لامتلاكه ليس لنقص في المعارف أو الإمكانيات ولكنها ملتزمة بالقوانين الدولية التي تنظم التعامل مع السلاح النووي".
ومضى قائلًا: "كنت أرغب لو أن هذا القرار يعمل على تأييد جهود الرئيس ترمب لمحاولة معاقبة ايران، واحتواء الأزمة النووية في كوريا الشمالية".
وأنهى حديثه قائلًا: "كما هو الحال، فسيمر الوقت وتتضح نوايا من يريدون تفتيش السعودية، ولا أظن السعودية تمانع في ذلك خصوصا وأن الآلاف من الجنود والخبراء الأمريكان موجودون بالسعودية، وهم على اطلاع بما يحدث، والسعودية بثقتها في أعمالها لا تعاند الحق إن حدث ودون خبث سياسي وتحيز لصالح جهات معينة".
منافسة روسية
وأكد كيريل كوماروف نائب الرئيس التنفيذي لـ"روس آتوم"، أن مؤسسة الطاقة النووية الروسية دخلت منافسة دولية لبناء محطتي طاقة نووية في السعودية مع الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال.
وأجاب كوماروف عن سؤال بالخصوص في حوار أجرته معه صحيفة "سبق" الإلكترونية قبل 3 أشهر قائلا: "نعم تقدمنا بمناقصة... لبناء محطتين للطاقة النووية في السعودية، ودخلنا في منافسة مع الشركات النووية العالمية الرائدة الأخرى".
ولفت في هذا السياق إلى أن "قيمة المناقصة تقاس بمليارات الدولارات الأمريكية، لكن لا تنسى أن جزءا كبيرا من الاستثمار في محطات الطاقة النووية سيعود إلى ميزانية السعودية بسبب توطين المعدات والعمل".
وبشأن اتفاقات التعاون بين البلدين في هذا المجال، قال المسؤول في الطاقة النووية الروسية: "العلاقة بين السعودية وروسيا تتقدم بسرعة وبقوة، ففي عام 2017، أي بعد عامين من إبرام الاتفاق الأول مع الرياض، وقعنا على برنامج التعاون لتنفيذ الاستخدام السلمي للطاقة النووية. والبرنامج يعد خارطة طريق تحدد شراكة كاملة بين موسكو والرياض في عدد من المجالات. فبالإضافة إلى بناء محطات الطاقة النووية، اتفقنا أيضا على تطوير مفاعلات صغيرة ومتوسطة الحجم، والاستعداد للمساعدة في تدريب الكوادر السعودية في مختلف مسارات البرنامج النووي السعودي".
خطة سعودية
ومن المتوقع طرح العطاء في 2020 بينما تشارك شركات أمريكية وروسية وكورية جنوبية وصينية وفرنسية في محادثات تمهيدية بشأن المشروع الذي تكلفته عدة مليارات الدولارات.
كانت السعودية قد أعلنت أنها تريد الاستفادة من التكنولوجيا النووية في الأغراض السلمية.
وتخطط السعودية لبناء مفاعلين كهروذريين، وذلك في إطار خطة تهدف إلى تقليص استخدام النفط والغاز في توليد الطاقة الكهربائية، وتتنافس روسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والصين وفرنسا للفوز بعقد إنشاء أول محطة من هذا النوع في المملكة.
وترى السعودية في الطاقة الذرية وسيلة لتخفيف اعتمادها على الوقود الأحفوري المحدود، وفق تقرير سابق لوكالة "بلومبرج" الأمريكية.
ويستند كثير من خطة الحكومة السعودية المستقبلية "رؤية 2030" إلى تنويع مصادر الاقتصاد السعودي.