مؤامرات تحاك في الظلام... من هي الأطراف التي قصدها الرئيس التونسي في خطابه

تساؤلات عدة طرحها خطاب الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمس الثلاثاء، في مدينة سيدي بوزيد، خلال إحياء الذكرى التاسعة للثورة.
Sputnik

خلال الخطاب، الذي حمل دلالة قوية من ساحة الشهيد محمد البوعزيزي أمام جمع غفير من التونسيين والتونسيات، أعلن الرئيس تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول، من كل سنة عيدا وطنيا للثورة، على عكس ما كان يردد بأن عيد الثورة هو 14 يناير/كانون الثاني.

عاطلون يحاول اقتحام البرلمان التونسي ويهددون بحرق أنفسهم
إشارة أخرى تطرق إليها الرئيس أيضا بتأكيده على الالتزام المستمر بتحمل المسؤولية التي أوكلت إليه، وبتحقيق مطالب المواطنين وحقهم في الحرية والشغل والكرامة الوطنية في إطار الشرعية الدستورية، مهما كانت المناورات التي تحاك في الظلام، وهو الأمر الذي فتح الباب لتأويلات عدة.

سياسيون وخبراء، يرون أن تصريحات الرئيس تزيد من التوترات في الفترة المقبلة بشكل كبير، خاصة في ظل التعقيد الحاصل في المشهد السياسي وعدم القدرة على تشكيل الحكومة.

في البداية قالت هالة عمران، عضو البرلمان السابق والقيادية بحركة تحيا تونس، إن حديث الرئيس بحاجة إلى توضيح أكثر.

أضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، أن "خطاب الرئيس في السابع عشر من ديسمبر والحديث على أنه تاريخ الثورة الحقيقي يحمل الكثير من الدلالات، ويحدث نقلة نوعية، خاصة أن محافظة سيدي بوزيد سعت وراء هذا المطلب لأكثر من سبع سنوات".

يذكر أن 17 ديسمبر، هو تاريخ إحراق محمد البوعزيزي نفسه، الحادث الذي كان سببا في إشعال ثورة الياسمين في تونس.

وأوضحت أن "إشارة الرئيس إلى أن 14 يناير/كانون الثاني كانت محاولة لإجهاض الثورة التونسية، يعطي مؤشرات على الصراع الدائر بين بعض الأطراف في الداخل التونسي حول هذه التواريخ، كما أن حديثه عن المؤامرات لم يوضح بشكل قاطع ما هي هذه الأطراف التي تقف وراء تلك العمليات".

وطالبت عمران "بضرورة توضيح ما تحدث عنه الرئيس، خاصة أن التصريحات من شأنها تعكير الأجواء في تونس، في ظل الغموض الذي يسيطر على المشهد، خاصة أن الرئيس لديه شعبية كبيرة في تونس، ويمثل وحدتها، ما يعني أنه أصبح  قادرا على تخطي المشهد الغامض".

وترى عمران أنه من المؤكد ضلوع بعض الأطراف الخارجية في محاولات إفشال التجربة التونسية، باعتبارها الشمعة المضيئة الوحيدة في الربيع العربي.

احتفالات بطعم الاستياء الشعبي… تونس تحتفي بذكرى اندلاع ثورة الحرية والكرامة
الإشارة إلى وجود أزمة داخل البرلمان التونسي تؤكدها حالة عدم التوافق بين الكتل صاحبة المقاعد الأكثر، خاصة أن قلب تونس لا يتوافق مع حركة النهضة، وهو ما شددت عليه عمران بقولها: "أن هناك أزمة حقيقة داخل البرلمان الحالي، خاصة في ظل انسحاب حالة التأزم السياسي إلى ساحة البرلمان، وأن رئيس الجمهورية عليه الوقوف أمام المحاولات الخارجية التي تؤثر بشكل كبير على المشهد الداخلي الآن".

الوضع في ليبيا والجزائر يلقي بظلاله على المشهد في الداخل التونسي أيضا، وهو ما أوضحته عمران بأنه يجب الانتباه إليه وألا يكون مدخلا لبعض التأثيرات على الداخل التونسي.

في ذات السياق يقول المحلل السياسي منذر ثابت، إن "قول الرئيس فيه الكثير من الغموض، خاصة في إشارته إلى أن بعض مراكز القوى تستهدفه شخصيا وتستهدف البرنامج الخاص به".

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "قول الرئيس يفهم منه أن بعض الأطراف الداخلية هي من تقود هذه المؤامرات، وأنه استعمل لغة الحشد ضد هذه الأطراف في خطابه".

 ويرى ثابت أن "الرئيس لا زال يتحدث في سياق خارج المنظومة باستخدام لغة الحشد الجماهيري، في حين أن قوله بأن الجميع يعلم تلك الأسماء يمثل إشارة قوية لبعض مراكز القوى في الداخل".

حديث الرئيس عن أن 17 ديسمبر/كانون الأول هو تاريخ الثورة الحقيقة حمل إشارات عدة، منها ما يراها ثابت أنها موجهة إلى كافة الأحزاب والقوى السياسية التي جاءت بعد الثورة وعلى رأسها حركة النهضة التونسية.

ويشير ثابت إلى أن "الرئيس أشار إلى أن الحراك الذي خرج ضد النظام عانى من الالتفاف عليه، وأن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية الفشل الذي حدث طيلة الفترة الماضية".

وحذر من أن الساحة التونسية يمكن أن تشتعل في أي لحظة في ظل وجود العوامل التي تساعد على ذلك من ارتفاع نسب البطالة والفقر والدين العام وحالة الغليان الحاصلة في الأوساط المجتمعية.

ويمنح الدستور التونسي الصادر في 27 كانون الثاني 2014 رئيس الجمهورية مهمة ضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني.

يشهد البرلمان التونسي حالة من عدم التوازن، خاصة في ظل تزعم حركة النهضة التي تراس البرلمان، فيما يحل حزب قلب تونس ثانيا بعدد المقاعد، فيما فشلت حتى الآن مهمة تشكيل الحكومة الجديدة.

مناقشة