مسؤول في خارجية مالي: ليس هناك تأكيد لسحب أمريكا قواتها من غرب أفريقيا

أكد مصدر مسؤول في وزارة خارجية مالي، أنه حتى الآن ليس هناك تأكيد لسحب الولايات المتحدة قواتها المتواجدة في غرب أفريقيا، وأشار إلى أن "مثل هذا القرار سيؤثر بشكل كبير في الحرب على الإرهاب بالمنطقة".
Sputnik

وردا على ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، من أن الولايات المتحدة تنوي تقليص وجودها العسكري في غرب أفريقيا بشكل كبير، قال المسؤول لـ"سبوتنيك": "تم نشر أخبار صحفية تتعلق بنية الولايات المتحدة سحب قواتها من غرب أفريقيا في نفس التوقيت من العام الماضي... ولم يحدث ذلك".

قادة غرب أفريقيا يتعهدون بمليار دولار لمكافحة "التشدد الإسلامي"
وأضاف "بالنسبة لنا، فنحن نأمل ان تواصل جميع القوى الكبرى والحلفاء مساعدة دول الساحل في حربها على الإرهاب.. وأي تغيير في هذه السياسية قد يشكل خطرا على المنطقة".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أكدت أن الولايات المتحدة تنوي تقليص وجودها العسكري أو حتى سحب قواتها العاملة في إطار الحرب ضد الإرهاب بمنطقة غرب أفريقيا، ووفقا للصحيفة، فإن القضية قيد المناقشة في وزارة الدفاع كجزء من إعادة انتشار القوات الأمريكية.

وتعد أفريقيا المنطقة الثانية من حيث الأهمية، التي تتدخل فيها القوات الأميركية بعد الشرق الأوسط، وحاليا يوجد ما يقرب 7200 جندي أمريكي في غرب أفريقيا والصومال، من بينهم 800 جندي في النيجر و4 آلاف جندي في القاعدة الرئيسية في الصومال.

وكثفت أمريكا وجودها العسكري في العديد من البلدان الأفريقية خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، وكان سلفه، جورج بوش، بدأ مشروع قاعدة "أفريكوم" لمواجهة الخطر الأمني المتزايد التي تشكله الجماعات المتشددة، وللهيمنة على مناطق النفوذ والثروة في القارة الأفريقية.

ويرى الباحث في الشأن الأفريقي، محمد محمود ولد الطالب، أن "التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا عام 2011 كان له تأثير كبير على دور القوات الأمريكية في غرب أفريقيا حيث تحول من التدخل المباشر إلى المساعدة التكتيكية والاستشارية والاتصال وتبادل المعلومات الاستخباراتية".

وأضاف:

"بدت هذه السياسة أكثر وضوحا في عهد دونالد ترامب حيث اكتفت القوات الأمريكية في العديد من مناطق الصراعات الإفريقية بدور المساعدة في دعم وتدريب القوات المحلية، ورغم ذلك فالبنتاغون لم يفقد قدراته في جميع أنحاء القارة بل حافظ على موقع تنافسي في مناطق مكافحة الإرهاب".

ويؤكد الباحث أن انسحاب واشنطن من غرب أفريقيا سيشكل ضربة قاسية للقوات الفرنسية، التي تقاتل الجماعات الجهادية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، خاصة مع تصاعد العمليات الإرهابية بالساحل نهاية العام الحالي وفي ظل تزايد الشكوك حول استراتيجية فرنسا في منطقة الساحل.

وترى الولايات المتحدة أن دول الساحل وغرب أفريقيا لا تقوم بما يكفي لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ففي أعقاب قمة قوة الساحل لمجموعة الخمسة والتي دعت إلى مزيد من التعاون الدولي، قالت نائب سفير واشنطن، شيري نورمان، في اجتماع لمجلس الأمن إنه "من أجل محاربة العنف في المنطقة وتعزيز الاستقرار نحتاج إلى مزيد من المشاركة من الحكومات الإقليمية.. يجب أن تكون جميع المجتمعات في غرب أفريقيا والساحل قادرة على الاستفادة من الحكومات التي تمثلها"، وانتقدت بشكل خاص عدم إحراز تقدم في مالي "على الرغم من اتفاق السلام المبرم في الجزائر عام 2015، ما زلنا نشعر بالقلق إزاء التقدم القليل الذي أحرزته حكومة مالي والجماعات المسلحة الموقعة على الاتفاق في تطبيقها".

وكان رؤساء دول منطقة الساحل الخامس (النيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا)، دعوا في قمة استثنائية في 15 من الشهر الجاري بنيامي، عقب هجوم أدى إلى مقتل 71 جنديا نيجريا إلى مزيد من التعاون الدولي للقضاء على الخطر الإرهابي.

وتواجه القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل والتي تم إطلاقها عام 2015 وأعيد تفعيلها عام 2017، صعوبات كبيرة في التصدي للاعتداءات الإرهابية، وكان من المفترض أن تضم هذه القوة 5 آلاف جندي لمحاربة الجهاديين في المناطق الحدودية بين الدول الأعضاء، لكنها لم تصل الى حد الساعة الى كامل طاقتها التشغيلية.

وقدمت الولايات المتحدة أكثر من 5.5 مليار دولار كمساعدات في عامي 2017 و2018 لدعم الاستقرار والأمن على المدى الطويل في غرب أفريقيا.

ويرى المراقبون أن أولوية الولايات المتحدة في أفريقيا هي للصومال، وفي المرتبة الثانية تأتي ليبيا ومنطقة الساحل، ثم نيجيريا ومحاربة "بوكو حرام" التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، المحظور في روسيا وعدد من دول العالم.

ويعتقد الباحث محمد محمود ولد الطالب أنه من الضروري أن تعيد الدول الكبرى التفكير في استراتيجية العمل العسكري بمنطقة الساحل، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي عليها ان تعيد النظر في أولوية عملياتها بالمنطقة من خلال استحضار الأخطاء السابقة للحرب على الإرهاب وأخطار الانسحاب وترك الساحة للحركات الإرهابية التي تجيد استغلال عجز الدول الأفريقية عن السيطرة على أراضيها.

مناقشة