رد وزارة العدل السعودية على الأمر جاء عبر حساب خدمة العملاء "التواصل العدلي" على موقع "تويتر"، مع استفسار مغرد تساءل عن الإجراءات التي يتم من خلالها تزويج الابنة إذا كان عمرها دون 18 عاماً.
وجاء رد وزارة العدل أنه "لا بد من التوجه لمحكمة الأحوال الشخصية للتحقق من أن زواج من يقل عمره عن 18 عاماً لن يلحق به ضررا ويحقق مصالحه الفضلى وذلك بناء على التعميم رقم (13/ت/7969) وتاريخ 1441/4/26، ويتم عقد الزواج أو المنع منه بناء على ذلك"، وهو ما نشرته العديد من الصحف السعودية.
في وقت سابق شدد وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني في تعميم موجه للمحاكم ومأذوني عقود الأنكحة كافة، على منع إجراء عقود الزواج من المأذونين، لمن يقل عمره أو عمرها عن 18 عاما، وإحالة مثل هذه الطلبات إلى المحكمة المختصة لاستكمال الإجراءات النظامية حيال ذلك، تماشيا مع نظام حماية الطفل ولائحته التنفيذية.
حقوقيات سعوديات أكدن أن الخطوة يمكن أن تحد من عمليات الإجبار التي كانت تحدث للفتيات لتزويجهن قبل هذا السن.
ورغم تأكيدهن أن هذه الحالات ليست منتشرة بشكل كبيرة، إلا أنها تمنع الأزمات التي كانت تترتب على تزويج الفتيات قبل هذا السن بالإجبار، وأن بعض الفتيات حاولن الانتحار إثر تزويجهن بالإجبار.
الحقوقيون أكدوا أن الاستثناء يتيح للقاضي أيضا التحقق من أن موافقة الفتاة على الزواج ليس فيه أي إجبار للقول بإنها موافقة، كما أنه يحفظ كل حقوقها حال اكتشافه الإجبار ويمكن أن يمنع الزواج.
من يمكنه الموافقة على الزواج؟
في البداية تقول المستشارة القانونية رنا الدكنان، إن قرار القاضي بالموافقة أو الرفض وهو في حالات استثنائية، يستند فيها إلى الخبراء والمختصين.
أوضحت في حديثها لـ"سبوتنيك"، اليوم الاثنين، أن الأمر يرتبط بحالتها الصحية وبلوغها ومدى جاهزيتها لعقد القران وقبولها لذلك.
وأضافت أن توقيع المأذون لأي عقد قران لفتاة دون الـ18 عاما، يوقعه تحت طائلة القانون الخاص بالتزوير وسوء استخدام السلطة، إلا أن الأمر لن يكون سهلا من الناحية الإجرائية، خاصة في ظل تسجيل البيانات إلكترونيا.
وأشارت إلى أن أولياء الأمور أيضا يتعرضون للعقوبة حال تزويج الفتاة دون الـ18 عاما بالإرغام.
وأشارت إلى أن سن الزواج في المملكة بالنسبة للفتيات يتراوح بين 20 و25 عاما، وأن وجود حالات دون هذا السن من النادر حدوثها.
خطوة إيجابية
من ناحيتها قالت الباحثة في قضايا الطفل والمرأة والعمل الإنساني بالسعودية، هوازن الزهراني، إن الخطوات الإصلاحية التي اتخذتها المملكة شملت جميع المجالات، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن القرار الأخير يساعد في عملية تمكين المرأة ومشاركتها في عمليات التنمية الشاملة.
وترى الزهراني أن القرار يقطع ببعض الحالات التي كانت تحدث في المجتمع السعودي، انطلاقا من العادات والتقاليد التي كانت تفرض على الفتاة للقبول بالزواج حال موافقة الأهل، وهو ما يمثل إجبارا لها، وهو ما كان يدفع بعض الفتيات للهروب أو الانتحار وحرمانهن من التعليم.
وترى أن القرار يمنع المأذون من توقيع العقد، ويترك الأمر للقاضي الذي يتحقق من الفتاة غير مجبرة على الزواج، وأنه يحقق المصلحة لها.
التأكد من الفحوص الطبية هي إحدى المراحل التي يتأكد منها القاضي أيضا قبل توقيع الزواج، مع التحقق من عدم إرغامها على الموافقة.
اختلاف الأعمار
من ناحيتها قالت لين الفاضل، الناشطة الحقوقية، إن قرار عدم تزويج الفتاة قبل 18 عاما خطوة جيدة.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الفتاة قبل هذا السن يختلف تفكيرها وطموحاتها، أي أنها تكون في سنة الطفولة ولا تدرك كل ما تحتاج إليه في المستقبل.
وأوضحت أن الأزمة الكبيرة أيضا تتمثل في زواج الفتيات في هذا السن من رجل في عمر والدها، وهو ما يمثل أزمة كبيرة على كافة المستويات.
وأشارت إلى أن الفتاة في هذا السن تكون أفكارها سطحية، وأن العديد من الفتيات سلبت منهم طفولتهم وحياتهم في هذا السن بسبب الزواج.
واستند وزير العدل في تعميمه الموجه للمأذونين إلى الفقرة "3/16" من اللائحة التنفيذية لنظام حماية الطفل، التي تنص على أنه يلزم قبل إبرام عقود الزواج التأكد من أن تزويج من يقل عمره عن 18 عاماً لن يلحق به الضرر ويحقق مصالحه الفضلى ذكرا كان أو أنثى.
وتضمن التعميم محاسبة المأذونين المخالفين والرفع بذلك للوزارة لإصدار العقوبات اللازمة بحقهم.
إجراءات قانونية
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، أوصت هيئة حقوق الإنسان السعودية، بسرعة إصدار قانون يحدد العمر للزواج بـ18 عاما، ويمنع ما دونه، بحسب "عكاظ".
وأوضحت الهيئة أنها درست مع عدد من الجهات الآثار السلبية المترتبة على الزواج المبكر دون سن الـ18، مشيرة إلى أن نظام حماية الطفل حمل والدي من هو دون الـ"18" أو من يقوم برعايته مسؤولية تربيته وضمان حقوقه، والعمل على توفير الرعاية له، وحمايته من الإيذاء والإهمال. وأهليته من الناحية الاجتماعية والنفسية والجسدية، ويعزز التكافؤ النفسي والاجتماعي بين الزوج والزوجة.
واتخذ مجلس الشورى السعودي إجراءات تشريعية أوصى بها في يناير/ كانون الثاني الماضي، بإعلان المجلس حينها، عن موافقة الأغلبية على الضوابط المنظمة لزواج القاصرات، من خلال قصر عقد النكاح لمن هم دون 18 سنة "ذكراً أو أنثى"، على المحكمة المختصة، ومنع عقد النكاح تماما لمن لم يتم 15 سنة.
زواج دون 15 عاما
في يونيو /حزيران 2017 كشفت إحصائية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية أن متوسط العمر في الزواج الأول للسعوديات هو 21.8 عاما، فيما بلغ عدد الفتيات ممن تزوجن في عمر 15 عاماً أكثر من 200 ألف فتاة في مختلف مناطق المملكة خلال الفترة الماضي، بحسب صحيفة "الرياض".
وبحسب الإحصائية، سجلت منطقة مكة المكرمة أكثر حالات زواج الفتيات في سن الـ15 عاما بـ58188 فتاة، تليها منطقة الرياض بـ54083 فتاة، في حين جاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثالثة في الزواج بـ46881 فتاة، وبعدها منطقة عسير بـ20495 فتاة، فيما احتلت المدينة المنورة المرتبة الخامسة بـ15896 فتاة.