وأشار مراقبون إلى أن هذا الإعلان تكتيكي لمنع إنزلاق الإنتفاضة الشعبية إلى العنف وحتى لا يقع المتظاهرون تحت نير الصراع الأمريكي الإيراني على الأرض العراقية.
تصعيد خطير
وأضاف المحلل السياسي، تخوف المتظاهرين في ساحة التحرير من الحدث في محله، فربما يتطور الموقف إلى مزيد من الإمساك بمفاصل السلطة والقرار في العراق من قبل الفصائل المسلحة، وبالتالي تصفية التظاهرات بشكل مباشر وفرض أمر واقع جديد، الى جانب تخوفهم من انزلاق العراق إلى آتون الاقتتال الأهلي، فضلا عن رفض المتظاهرين لأية طريقة فوضوية تخطط لها السلطات من أجل خلق مبررات لتصفيتهم.
وأشار الجميلي إلى أن الأوضاع في العراق تتجه إلى خيارات صعبة ومؤلمة جدا، إذا لم يتم تلافي تطورات الأحداث عبر الحكمة والعقلانية والتصدي لفوضى الانتشار غير القانوني للسلاح وإعادة الهيبة والاحترام للدولة، التي بات وجودها مهددا في ظل تماهي بعض القوى المحلية مع مشاريع وأطماع القوى الإقليمية والدولية التي دأبت على إقتناص الفرص لإسقاط الدولة الوطنية في العراق، وبالتالي فرض التقسيم والتفتيت الطائفي والأقليات إلى كيانات وأقليات تابعة لهذا الطرف أو ذاك، ما يفضي إلى إستمرار معاناة الشعب العراقي ونزيفه الفادح.
متظاهرون حكوميون
أما عبد القادر النايل، الخبير في الشأن العراقي فقال لـ"سبوتنيك"، هذا البيان يمثل وعي الشعب العراقي وجوهر قضية المتظاهرين لأن التظاهرات سلمية، ولا علاقة للمتظاهرين في أعمال شغب حكومية، هؤلاء العشرات الذين يتظاهرون في محيط السفارة الأمريكية هم موظفين حكوميين تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، وبالتالي جرى تمهيد الطريق بسلاسة للتظاهر المصاحب بأعمال عنف وشغب ضد البعثات الدبلوماسية في بغداد.
وأضاف النايل، هذا لا يندرج ضمن مطالب المتظاهرين الرامين إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تحافظ على سيادة العراق ومطالب المتظاهرين بإخراج إيران من العراق، الأحداث الحالية تؤكد دقة وعي وفهم المتظاهرين، لأن خروج إيران من العراق سينقذ العراق من الصراع الأمريكي الإيراني على أرض العراق، والحكومة الوطنية التي يريد المتظاهرون تشكيلها ستجري مراجعة للاتفاقية الأمنية الأمريكية التي أبرمتها الحكومة وأحزابها المسيطرة على البرلمان، والتي يتظاهر قسم منها أمام السفارة الأمريكية.
وأشار الخبير العراقي إلى أن المتظاهرين الآن بساحة التحرير بمئات الآلاف يرفعون العلم العراقي، وفي الجانب الآخر عشرات مدعومين من أعضاء برلمان وبحضور أبي مهدي المهندس، وهادي العامري، وقيس الخزعلي، يحرقون جدران وإطارات بالشارع ويرفعون أعلام مليشيات حزب الله، ولم يرفع أحد منهم العلم العراقي، وكتبوا على جدران السفارة إن قائدنا قاسم سليماني.
السيناريو الثالث
وقال أياد العناز المحلل السياسي العراقي لـ"سبوتنيك"، أرى أن المتظاهرين أدركوا جيدا أن ما يحدث حاليا أمام السفارة الأمريكية في بغداد هو الأسلوب الثالث الذي تتبعه الإدارة الأمريكية لوأد الإنتفاضة الشعبية، بعد أن فشلت في استخدام الأسلوب الأمني الذي أوقع الآلاف ما بين قتيل وجريح، وفشلت أيضا للمرة الثانية في تسويق شخصية من الأحزاب والكتل السياسية المرتبطة بإيران لتكون بديلا عن عادل عبد المهدي، ولم يفلحوا أيضا رغم ترشيحهم ثلاثة من السياسيين المرتبطين بتكتل البناء.
وأوضح العناز أن الحالة الآن واضحة تهدف إلى جر العراق وتحميل الشعب العراقي دماء ذكية تبعا للتوجة الإيراني الرامي إلى قمع الانتفاضة والإبقاء على النظام السياسي والدفع به للقيام بالمهام التي يريدونها، وإبعاد الأنظار عن ساحة الشعب الكبرى وخلق تجمعات أخرى تكون شبيهة بتجمعات ساحة التحرير، ولن يفلحوا في ذلك، لأن العراق لا يستطيع تجاوز الولايات المتحدة وفقا للاتفاقيات الأمنية والاقتصادية الموقعة معه، ومنها 17 في المئة من نفط العراق يذهب إلى واشنطن.
وجرى إجلاء السفير الأمريكي وموظفين في السفارة في وقت سابق اليوم حفاظا على سلامتهم، بينما تجمع آلاف المحتجين أمام المبنى للتنديد بالضربات الجوية التي نفذتها واشنطن في العراق، يوم الأحد الماضي.
سيادة العراق
وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي: "إن الضربة الأمريكية على قطعاتنا العسكرية يوم 29/12/2019، تمت إدانتها من قبل الحكومة بأعلى المستويات واتخذت الحكومة سلسلة إجراءات وتدابير لمعالجة الوضع بما يؤمن سيادة العراق وأمن مواطنيه"، وذلك حسب وكالة الأنباء العراقية "واع".
وتابع البيان، "إن المراسم المهيبة لتشييع الشهداء جزء من الوفاء لدمائهم الزكية الغالية، لكن بعيدا عن الاحتكاك بمباني السفارات التي تقع مسؤولية حمايتها وتأمينها على الحكومة العراقية، لذلك نطلب من الجميع المغادرة فورا بعيدا عن هذه الأماكن".
وأشعل أنصار "الحشد الشعبي" في العراق، حريقا في السياج الخارجي للسفارة الأمريكية في بغداد، أثناء احتجاجات بالقرب من السفارة ضد الغارات الأمريكية التي استهدفت مواقع للحشد بالعراق وسوريا.