وقال سلامة في تصريحات لـ"سبوتنيك" إن استرداد وتسليم الملاحقين بين الدول مسألة معقدة في القانون الدولي حتى في ظل وجود اتفاقيات دولية ثنائية بين الدولة الطالبة التسليم والدولة المطلوب منها، مضيفا أنه "غالبًا تُغلب الدول مصالحها على القانون".
وأوضح سلامة أنه في الوقت ذاته أن بعض الدول تقوم بتسليم ملاحقين إلى دول أخرى دون وجود اتفاقيات قضائية بينها، مشيرا إلى أن دولتي مصر وقطر –على سبيل المثال- لم توقعا اتفاقية لتسليم المجرمين ومع ذلك كانت الدولتان تتبادلان تسليم المجرمين بينها. ومؤكدا أن "المصالح السياسية السيادية للدول ذات السيادة تأتي في الأولوية على ما دونها من مصالح أخرى وحتى في حالة إبرام اتفاقيات دولية بين الدول لتسليم المجرمين".
وقال أستاذ القانون الدولي العام إن "حالة وحيدة قد يمكن فيها للبنان أن يسلم غصن وهي أن تتفق مصالح لبنان العليا بشكل ما مع اليابان وبالتالي يتم تسليمه".
وقال كارلوس غصن الرئيس المقال لشركة نيسان للسيارات اليوم الثلاثاء إنه سافر إلى لبنان هربا من النظام القضائي "المتحيز" في اليابان مما يثير تساؤلات عن كيفية فرار أحد أكثر المسؤولين التنفيذيين شهرة في العالم قبل أشهر من محاكمته.
وقال غصن (65 عاما) في بيان مقتضب اليوم "أنا الآن في لبنان ولم أعد رهينة لنظام قضائي ياباني متحيز حيث يتم افتراض الذنب والحرمان من حقوق الأنسان الأساسية والتمييز متفش".
وأضاف "لم أفر من العدالة... لقد فررت من الظلم والاضطهاد السياسي. يمكنني أخيرا التواصل بحرية مع وسائل الإعلام".
وفي هذا الإطار قال الدكتور أيمن سلامة إن هناك فرق بين تسليم الملاحقين بتهم جنائية والمتهمين الملاحقين بتهم سياسية، إذ أن في الحالة الأخيرة تكون عملية التسليم أعب من الأولى، ورجح أن يكون غصن قد "حاول تحويل قضيته إلى قضية سياسية من أجل أن يزيل الحرج عن لبنان في عدم تسليمه".
وضرب سلامة مثلا بالقيود القانونية التي تقيد كافة دول الاتحاد الأوروبي في مسألة تسليم الملاحقين، ومن بينها: حظر تسليم المجرمين الملاحقين بارتكاب جرائم سياسية، وحظر تسليم أي مطلوب لدولة أجنبية تُضمن عقوبة الإعدام في تشريعاتها الوطنية، وحظر تسليم المطلوب إلى أي دولة يخشى تعرضه فيها للتعذيب، وحظر تسليم المطلوب إلى أي دولة أجنبية لا تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم.
وكان مسؤولو طوكيو قد نفوا أن يكون النظام غير إنساني وقالوا إن غصن، الذي يواجه محاكمة في اتهامات بمخالفات مالية ينفيها، يُعامل مثل أي مشتبه به آخر.
وليس لدى اليابان معاهدة لتسليم المجرمين سوى مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بحسب وزارة العدل اليابانية، وهو ما يعني أن من الصعب إجبار غصن على العودة لطوكيو كي يمثل للمحاكمة.
كما أنه لا توجد بين اليابان ولبنان اتفاقية لترحيل المطلوبين، وهو أمر سيجعل استعادة اليابان لغصن أمرا صعبا للغاية في حال رفض لبنان طلب تسليمه.
ووجهت إلى غصن اتهامات بالتصريح بعائدات أقل من التعويضات الإدارية التي تلقاها في التقارير المالية لنيسان. وهو متهم أيضا بالخيانة الجسيمة للأمانة على خلفية الاشتباه في اختلاس أموال نيسان.
كان غصن قد أُلقي القبض عليه بعد فترة وجيزة من هبوط طائرته الخاصة في مطار بطوكيو في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. وهو يواجه أربع تهم، ينفيها جميعا، تشمل إخفاء الدخل والتكسب من مدفوعات لموزعين في الشرق الأوسط، حسب "رويترز".
وأقالت نيسان غصن، قائلة إن تحقيقاتها الداخلية كشفت عن مخالفات من بينها إخفاء حقيقة راتبه عندما كان مديرها التنفيذي، وتحويل خمسة ملايين دولار من أموال الشركة إلى حساب مرتبط به.
وطلب محامو غصن من محكمة إسقاط جميع التهم الموجهة له. وهم يتهمون ممثلي الادعاء بالتواطؤ مع مسؤولين حكوميين ومع تنفيذيين في نيسان للإطاحة به من أجل منع أي استحواذ على الشركة من الشريك الفرنسي في التحالف، رينو، التي كان غصن يرأس مجلس إدارتها أيضا.
وعقب إلقاء القبض عليه، أمضى غصن فترة طويلة قيد الاحتجاز، غير أنه أُفرج عنه حديثا، لكن تحت قيود مشددة تستلزم بقاءه في اليابان.
وفي حين مثّل اتهام غصن العام الماضي بارتكابه مخالفات مالية سقوطا مدويا له في اليابان، فلا يزال يحتفظ بشعبية كبيرة في لبنان، حيث وضعت لوحات إعلانية كبيرة وقد كُتب عليها "كلنا كارلوس غصن" وسبق أن ظهر على طابع بريد.
وعند منزل غُصن في منطقة الأشرفية ببيروت، انتشرت مجموعة من أفراد الشرطة والحرس الأمني الخاص اليوم الثلاثاء.