وجاء القرار الإسرائيلي، استنادا لمشروع طرحه وزير جيش الاحتلال نفتالي بينت، ولم يكن ذلك القرار هو الأول من نوعه، حيث سبق وأن قامت إسرائيل باقتطاع أموال المقاصة أكثر من مرة.
وتدرس القيادة الفلسطينية خطوات للرد على القرصنة الإسرائيلية، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن السيناريوهات المتاحة أمام فلسطين، للرد على إسرائيل في هذا السياق.
اقتطاع أموال الفلسطينيين
وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت"، على قرار يقضي بخصم 150 مليون شيكل أي ما يعادل 45 مليون دولار شهريا من عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، بذريعة دفع الأموال كرواتب ومخصصات للأسرى ولعائلات القتلى الفلسطينيين، الذين قضوا في عمليات ضد إسرائيل.
وأفادت الإذاعة الإسرائيلية، بأن المصادقة جاءت بناء على مقترح تقدم به وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت.
وبحسب اتفاقيات باريس الاقتصادية، الملحقة باتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، فإن إسرائيل تجمع الضرائب المُستحقة للسلطة الفلسطينية، وتحوّلها لها في نهاية كل عام.
لكن لاحقا سنت إسرائيل قانونا يجيز لها اقتطاع الأموال، التي تحوّلها السلطة الفلسطينية، للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وعائلات القتلى الفلسطينيين، الذين قضوا في عمليات ضد إسرائيل، باعتبارها "تشجيعا على الإرهاب".
ويرفض الفلسطينيون تلقي الأموال منقوصة على الرغم من محاولات إسرائيلية عديدة لتحويلها.
ضغط إسرائيلي
يقول أسامة القواسمي، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم حركة فتح، إن "قرصنة الاحتلال على أكثر من 150 مليون شيكل من أموال المقاصة الفلسطينية تعتبر بلطجة إسرائيلية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "إسرائيل تريد من السلطة الفلسطينية معاقبة الأسرى والشهداء بعد نضالهم، وهذا لن يحدث في المطلق، وتحاول وضع الضغوطات السياسية والاقتصادية على الشعب الفلسطيني والقيادة لانتزاع موافقة للمشروع (الصهيو - أمريكي) المتعلق بـ(صفقة العار)، الذي يستثني القدس واللاجئين من الدولة، ويدعو لاستبدال النضال بالمال".
وتابع: "هذه الإجراءات الإسرائيلية محاولة لتنفيذ المشروع المتعلق بالرؤية الاقتصادية والاستثمارية لما يسمى بمشروع ترامب نتنياهو".
تحركات فلسطينية
وعن طرق الرد الفلسطينية على الإجراءات الإسرائيلية، قال القواسمي: "الرد على هذا الموضوع أولا بالموقف السياسي الرافض لهذه الخطة، والاستمرار في دفع مخصصات أسر الشهداء والأسرى باعتباره التزام وطني وأخلاقي".
واستطرد: "يضاف إلى ذلك تصعيد المقاومة الفلسطينية، ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات الاستيطان بكل أشكلها وأنواعها، وضرورة تكريس الوحدة الوطنية وإبعاد حماس عن المشروع الاقتصادي، الذي يدمر القضية الفلسطينية برمتها".
وأشار إلى ضرورة "حث دول العالم مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للضغط على إسرائيل ومنعها من القيام بمثل هذه الإجراءات التي تخالف القانون الدولي"، مضيفا: "أخيرا لابد من التوجه إلى الجنائية الدولية بعد قرارها التاريخي بفتح تحقيق مع مجرمي الحرب الإسرائيليين".
سيناريو وحيد
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القدس والأقصى والقيادي في حركة "فتح"، إن "قرصنة الاحتلال لأكثر من 150 مليون شيكل، ليست العملية الأولى من نوعها، فقد قام بها عدة مرات تحت ذرائع مختلفة".
وأكد أن "إسرائيل تعلم جيدا أن هناك خطورة جراء عمليات القرصنة"، مضيفا: "نصح جهاز "الشاباك" الإسرائيلي حكومة الاحتلال بعدم الاستمرار في هذا الإجراء، الذي قد يؤثر على التنسيق الأمني الإسرائيلي، وهو أمر مهم جدا".
وعن السيناريوهات المطروحة أمام السلطة الفلسطينية لوقف هذا الأمر، قال أيمن الرقب: "هناك محاولات رسمية للاستقلال الاقتصادي عن إسرائيل وهو أمر صعب، الاحتلال يسيطر على كل الموانئ التي تدخل من خلالها البضائع إلى قطاع غزة، والضفة الغربية".
وتابع: "السيناريو الأقوى والأفضل في الوقت الحالي هو وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وعدم الاكتفاء بمجرد التهديد"، مضيفا: "هذا الأمر خطوة كبيرة وتمثل إرباكا لإسرائيل".
تعهد فلسطيني
تعهد محمد اشتية، رئيس الوزراء الفلسطيني بالرد المناسب على قرار الكيان الإسرائيلي اقتطاع 150 مليون شيكل من عائدات الضرائب الفلسطينية.
وقال: "من الواضح أن الكيان الإسرائيلي لا يريد لنا أن ننهض، ولكن رغم تجدد الأزمة ستبقى الحكومة في ذات الفعالية، والنشاط، والكفاءة في إدارة المال العام".
وتجبي إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية حوالي 190 مليون دولار شهريا من الضرائب على السلع، التي تمر عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية باتجاه الأسواق الفلسطينية، وتنقل الأموال في ما بعد إلى السلطة الفلسطينية.
وكانت إسرائيل قد علقت في فبراير/ شباط 2019 دفع جزء من الضرائب، وردا على ذلك، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض تسلم أي مدفوعات إسرائيلية منقوصة، مما يحرم إدارته من مئات الملايين من الدولارات.
واضطرت السلطة الفلسطينية إثر ذلك إلى فرض تدابير تقشفية، حيث خفضت أجور موظفيها إلى النصف تقريبا.