معظم السكان يدعمون الموقف الموالي لإيران، في حين أن الدولة تعتمد اعتمادا كليا على الولايات المتحدة، فهل سيستطيع العراقيون حقاً التخلص من النفوذ الأمريكي؟ وما المستقبل الذي ينتظر البلاد؟
حول هذا يتحدث الخبراء الروس والعراقيون لـ "سبوتنيك":
أمريكا لن تغادر؟
يعتقد المحلل الأمني والسياسي العراقي الدكتور حسين علاوي، أن الحكومة العراقية لم تكن تنوي طرد الجيش الأمريكي بالكامل من أراضيها. علاوة على ذلك، لا يزال التعاون مع الولايات المتحدة حاسما بالنسبة للجانب العراقي.
وتابع يقول: "الحكومة العراقية لديها اتفاقية استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولديها اتفاق ضمن بعثة التحالف الدولي، والدولة العراقية والتيار المشجع للدولة العراقية لا يريد الآن حل هذه الاتفاقية مع التحالف العراقي الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب ودعم النظام الديمقراطي في البلد، والوضع الآن يراد به اجتهادات أكثر من قرار دولة، وهذا يتطلب التفكير في الكلفة والتأثير في موضوع العلاقات مع الولايات المتحدة، وكذلك تحجيم عوامل الضعف في العلاقات الأميركية العراقية.
وفي حديثه عن مناقشات البرلمان العراقي حول الوجود الأمريكي في البلاد، أضاف الخبير: "لا يوجد هناك رفض للقوات الأمريكية في العراق وإنما نواب من كتل سياسية كانت قد صوتت على أن ينفك العراق من وجود قوات مسلحة موجودة في البلاد، لكن في المقابل البعثة التدريبية الموجودة في التحالف الدولي باقية، وكذلك التعاون العراقي العسكري والسياسية والثقافي الخاص بالبعثات السياسية، والعراق لديه رؤية متكاملة كجهاز حكومي، لكن الرؤية السياسية غير مكتملة، وهذا ما يجعل بعض النواب يذهبون للتصويت على ذلك، والمكون الكردي والسني لم يتواجد في الجلسة، وهذا ما يجعل الانقسام واضحا حول الوجود الأمريكي، وهذا الانقسام هو إيجابي أكثر ما يكون سلبي"
العراق بين المطرقة والسندان
يرى الخبير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية غريغوري لوكيانوف، أن العراق أصبح رهينة للعلاقات الأمريكية الإيرانية، فيما يتفاقم الوضع على خلفية استمرار الصراع الساخن، لذلك، فقد حان الوقت للعراق للبحث عن طريق ثالث.
وأضاف لوكيانوف: "لم يعد العراق موجودا وفقا لنموذج عام 2003، بسبب الاختراق النشط لإيران والولايات المتحدة. في الواقع فرضت إيران والولايات المتحدة وصاية مزدوجة على العراق، وهذا الوصاية المفرطة للقوتين جعلت العراق رهينة لصراعهما، لذلك في الظروف الحالية سيتعين على العراق البحث عن مخرج من هذا الوضع، وهذا يتم من خلال تنمية الموارد الداخلية والبحث عن شركاء جدد بما في ذلك في دول الخليج. علاوة على ذلك، يجب أن يصبح العراق من جديد لاعبا نشطا في السياسة الإقليمية، ولكن هذا سيتطلب أقصى قدر من الضغط على الموارد الداخلية، وتوطيد مواقف جميع الجهات الفاعلة في العملية السياسية. هذه مهمة صعبة للغاية، لكن الحركة نحو حلها قد بدأت بالفعل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والسعي نحو عراق جديد على المدى القصير والمتوسط، ومن غير المحتمل أن يتمكن العراق من التخلص من نفوذ هاتين القوتين العظميين. ومع ذلك، فإن احتمال الخروج من الوضع في هذه الفترة يبقى قائما، كما يعتقد غريغوري لوكيانوف.
وتابع بهذا الصدد يقول: "إن تأثير إيران والولايات المتحدة على سياسة العراق سيظل قائما. لقد كان البلدان بمثابة القائدين السياسيين الرئيسيين للعملية السياسية في العراق لفترة طويلة، فلا يمكن أن يختفي كل شيء بين عشية وضحاها، لذلك، بغض النظر عن القرار الذي يتخذه البرلمان العراقي بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، فإن النفوذ الأمريكي سيكون مهما - ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى العلاقات القوية للمؤسسة السياسية العراقية مع النخب الأمريكية. يمكن قول الشيء نفسه عن إيران أيضا، كل هذا سيضع العراق بين المطرقة والسندان خلال السنوات المقبلة، ومع ذلك ستزداد الجهود من أجل عراق جديد مستقل ومكتفي ذاتيا، ويكون دعمه هو المهمة القصوى لأي حكومة قائمة في الوضع الحالي".
خطر محتمل
حذر الخبير الروسي بشأن صمت الأكراد، لافتا إلى أنه في ظل هذه الظروف، يمكنهم تقديم مفاجأة غير سارة لبغداد، قال لوكيانوف: "في الأزمة الحالية، لم يقل الأكراد العراقيون كلمتهم بعد، بينما الصراع الأمريكي الإيراني الساخن قد يهيئ الظروف لمحاولة جديدة من جانب إدارة كردستان العراق لتوسيع الحكم الذاتي حتى الاستقلال.