وجاء الرد الأمريكي على لسان نائب مساعد وزير الخارجية جوي هود، والذي قال بأن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على العراق في حال اشترت منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية.
حقيقة شراء "إس 400"
ويرى المحلل والباحث السياسي الدكتور علي التميمي في حديث مع "سبوتنيك" بأن هذه العملية في حال كانت حقيقية فهي ستعود بالفائدة على العراق، ويقول: لقد قرأت الخبر في الإعلام، وأرى بأن هذا التوجه إيجابي جدا، لأنه يعطي للعراق خيارات حيث أن الجيش العراقي متعود على العقيدة والسلاح الروسي العسكري، ومن حيث الأسعار والتكلفة والتعاقد مع الشركات الروسية، ومن المعروف أنك عندما تكون أمام عدة خيارات في الشراء متاحة، وأنت تختار الأفضل والأنسب والأقل كلفة والمريحة على المدى البعيد.
ويتابع: لذلك أرى أن تنوع مصادر السلاح بالنسبة للعراق أمر جيد جدا، وخصوصا التعامل مع روسيا، لأن ذلك سيعطيه أريحية وتساعد الجيش العراقي على بناء العقيدة الأصيلة التي بني عليها أساسا، فمنذ تأسيس الجيش العراقي بني على العقيدة الإشتراكية، وأغلب معداته في السابق كانت من الاتحاد السوفيتي.
وتحدث الخبير والمحلل الاستراتيجي العراقي أحمد الشريفي لوكالة "سبوتنيك" عن هذا الموضوع، وقال: نعم هناك توجهات لدى العراق، ولكن هذه التوجهات لا تمثل المؤسسة الرسمية، وهذه التوجهات صدرت بعد أن قامت جهات بتوجيه ضربات للحشد الشعبي، فتعالت الأصوات من قبل الحشد بضرورة شراء منظومة دفاع جوي، لعدم اختراق سيادة المجال الجوي العراقي.
وأكمل: لكن الحشد الشعبي في طبيعة تركيبته بشكل أو بآخر لا يمثل المؤسسة العسكرية واستراتيجية الدولة في مسألة التسليح، فضلا عن أن هناك اتفاقية مع الولايات المتحدة تلزم العراق على أن تكون العقيدة التسليحية في العراق غربية، وإذا كان هناك رغبة بتنوع السلاح فهي مشروطة بأن تكون بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ويواصل: الولايات المتحدة هي بشكل أو بآخر تمسك بملفات التسليح، وفي تقديري هناك توجه ولكن هذا التوجه مقيد، لأنه ليس من مصادر رسمية، كما أنه مقيد بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
العقوبات الأمريكية
وحول ماهية العقوبات التي تهدد الولايات المتحدة بفرضها على العراق يقول المحلل العراقي علي التميمي: العقوبات التي قد تفرضها أمريكا ليست دولة، فالعقوبات الدولية تصدر بقرار من مجلس الأمن الدولي، لكن العقوبات ستكون فردية من قبل الولايات المتحدة، وهي تخص أمور التحويل وقد يكون هناك منع دخول أشخاص إليها، لكن لا تستطيع كعقوبات دولية.
ويكمل: اليوم العالم منفتح، وقد ولى زمن الأحادية وزمن القطب الواحد، ولم تعد الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القوية في العالم.
أما الباحث الاستراتيجي أحمد الشريفي فيعتقد أنه من الصعب فرض عقوبات على العراق، ويقول: اسبتعد أن تكون هناك عقوبات، لكن الولايات المتحدة ستتجه باتجاه تقليل التعاون في المجال العسكري، وتقليل الدعم اللوجستي أو إيقاف النفقات أو برنامج التدريب، وستذهب الولايات المتحدة باتجاه هكذا خيارات للضغط على العراق.
الرد العراقي
يعتقد المحلل السياسي الدكتور التميمي بأن العراق قادر على الرد على هذه العقوبات، وذلك بتنويع مصادره وعلاقاته، ويبين: العراق يستطيع أن يرد كما ردت إيران وكما تصرفت دول أخرى، بأن لا يكون اعتمادها على جانب واحد، وبأن توسع علاقاتها بدول أخرى، وأن تنوع مصادر الشراء والتجارة، والإنفاق الاستثماري، وبالتالي ستكون بعيدا عن آثار هذه العقوبات.
ويكمل: الولايات المتحدة تلوح بالعقوبات على جهة ما عندما تجد نفسها محتاجة لها، أما عندما لا تكون بحاجة لهذه الدولة أو الجهة ولديها اقتصاد فبرأيي بأن ذلك سيبعد شبح العقوبات أو يزيل أثارها.
أما الباحث أحمد الشريفي فيرى أن الرد سيكون مقيدا بالولاءات البعيدة عن القرار الوطني، ويوضح: لو كانت الحكومة العراقية تتحرك بموجب الحاجة الوطنية، وبموجب الرؤى والاستحقاقات والتوجهات للمراحل، ولكن للولايات المتحدة لها قدرة على التأثير، وأكبر مثال على ذلك مصر فهي حليفة للولايات المتحدة، ولكن لديها خيارات متعددة وعندها العديد من مصادر السلاح.
ويكمل الشريفي: في العراق هناك مشكلة أن القرار السياسي متأرجح بين الولاء للولايات المتحدة وإيران، وتفسر الرغبة في الكثير الأحيان بالانفتاح على السلاح الشرقي وخصوصا الروسي بأنه ولاء لإيران، وليس لمقتضيات المصلحة الوطنية.
ويضيف: لذلك يكون القرار متردد في هذا المجال، وإذا كان القرار وطنيا نستطيع القول أننا مخيرين ولسنا مقيدين، ولكن تأرجح الخيارات من حيث الولاء هو الذي جعل الإرادة العراقية مقيدة بالالتزامات الأمريكية، وغياب الخيار الوطني هو الذي يجعلنا غير قادرين على تنويع مصادر السلاح.
وجهة نظر روسية
ومن الناحية الروسية يرى المحلل السياسي والخبير العسكري الروسي إيفان كونوفالوف في لقاء مع "سبوتنيك" بأن الأمريكيين لا يستطيعون إيقاف العراق، بل يمكن تعزيز العقوبات الحالية فقط،
ويتابع: العلاقات ساءت بين العراق والولايات المتحدة بعد اغتيال قاسم سليماني، بعملية على أراضي العراق، وطالب عندها البرلمان العراقي القوات الأمريكية بالانسحاب من العراق، بينما طالب ترامب بدفع ثمن وجود القوات الأمريكية والقاعدة التي بنوها.
وعن العقوبات التي قد يفرضها الأمريكيون يقول كونوفالوف: أحداث اليوم المحيطة بشراء مجمع "إس 400" ستؤدي فقط إلى تفاقم الوضع، وإذا حاول الأمريكيون إحباط عملية الشراء هذه عن طريق إغلاق حسابات الدولار العراقي، فمن غير المرجح أن تنجح. يمكن للعراق أن يذهب إلى الحساب بالعملات الوطنية، كما يحدث بالفعل في الهند، الصين، ويستعد في تركيا.
ويختم حديثه: قد يحاولون زيادة الضغط على العراق، لكن بعد ذلك سيتعين عليهم بالتأكيد سحب قواتهم من العراق، وإذا غادر الأمريكيون العراق، فإنهم سيوقعون على أن غزوهم في عام 2003 قد ذهب سدى. أن جنودهم ماتوا دون جدوى، كل هذا كان دون معنى لسنوات عديدة .