وبعد أيام من إعلان طهران إمكانية الانسحاب الكامل من الاتفاق النووي، أعلن البرلمان الإيراني اليوم الثلاثاء أنه تسلم مشروع قانون لدراسة انسحاب البلاد من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
التصعيد الإيراني في الفترة الأخيرة جاء ردًا على إعلان بريطانيا وفرنسا وألمانيا تفعيل آلية فض النزاعات المنصوص عليها في الاتفاق النووي، متهمة إيران بانتهاك الاتفاق التي تعرضت لضغوط متزايدة منذ انسحاب واشنطن منه عام 2018، وهو ما قد يعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
تهديدات إيرانية مستمرة
ذكر موقع البرلمان الإيراني الإلكتروني أن اقتراحا قُدّم، اليوم الثلاثاء، إلى البرلمان لانسحاب إيران من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ولم يذكر التقرير متى قد يصوت البرلمان على المقترح.، ويرجع القول الفصل في سياسة البلاد النووية إلى الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وقبل أسبوع قال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني إن "بلاده ستنسحب من معاهدة منع الانتشار النووي، إذا أحيلت القضية النووية إلى مجلس الأمن".
وتابع الوزير: "إذا استمر الأوروبيون في لعبتهم السياسية الحالية وأحالوا الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، فإن انسحاب إيران من معاهدة عدم انتشار السلاح النووي سيكون أولوية بالنسبة لها".
من جانبه قال مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، إن "أحد خياراتنا للرد على إرسال ملفنا النووي إلى مجلس الأمن هو الخروج الكامل من الاتفاق النووي، وهذا الخيار كان ضمن رسالة الرئيس حسن روحاني للدول الأربعة المتبقية في الاتفاق".
ضغوط إيرانية
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إيران تريد من هذه التصريحات الضغط على أوروبا، للتأكيد أن لا أحد بإمكانه الحد من قدرات طهران النووية، ولا تعني القيادة الإيرانية بتلك التصريحات أنها قد تذهب باتجاه السلاح النووي".
وتابع: "طهران دخلت في هذه المعاهدة طواعية، ووقعت عليها خلال التوقيع على الاتفاقية النووية، رغم أن ذلك لم يكن من ضمن الشروط، لكن إيران ارتأت أن تقوم بهذه الخطوة من أجل تحسين العلاقات".
وأشار إلى أن "إيران تريد بهذه التصريحات الضغط على أوروبا حتى تقوم بخطوات أكثر جدية، وقرابة من الاتفاق النووي، ومن أجل عودة التفاوض، وإعادة الأطراف إلى ما كانوا عليه في السابق".
الجميع بات يدرك – والكلام لا يزال على لسان غروي- أن إيران هي أكثر الدول التزاما بالاتفاق النووي، والآخرون لم يحترموا توقيعهم، ورغم كل ما حدث، لم تخرج طهران من الاتفاق، أو تتجه إلى التسلح، أو فعل أي خرق يناقض القانون الدولي، بل تريد فقط عودة الأطراف للاتفاق النووي، وإزالة العقوبات عنها بشكل كلي.
رؤية أوروبية
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هناك قناعة قوية لدى مختلف مراكز القرار السياسي العالمي انطلاقا من أوروبا، ومرورا بأمريكا وبعض المناطق الأخرى، بأن لا يجب على إيران أن تمتلك السلاح النووي لأن ذلك يشكل تهديدا لأمن واستقرار العالم".
وتابع: "عندما نذكر أن مسلسل التفاوض الإيراني الدولي الذي قادته إدارة أوباما كان الهدف الأساسي منه منع إيران من الحصول على السلاح النووي، لأن كان هناك قناعة وقراءة بأن نظاما مثل إيران إذا حصل على السلاح قد يشكل ضربة موجعة لاستقرار وأمن العالم".
وأشار إلى أن "إيران إذا اختارت هذا الطريق، ودخلت في مزايدات ضد ترامب والاتحاد الأوروبي وأنهت كل التزاماتها مع المجموعة الدولية فهذا قد يشكل منعطفا دوليا حادا قد يفرض على المجموعة الدولية مقاربة جديدة لمنع حصول طهران على الاتفاق النووي بأي وسيلة".
ومضى قائلًا: "لحد الساعة التلويح بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية والعزلة الإيرانية على المستوى الدولي، لكن إذا تبينا بالفعل الملموس، والدليل أن إيران تخلت عن التزامتها، سيكون عنصرًا جديدًا يرغم المجموعة الدولية على تغيير سياستها تجاه إيران، وفي ذلك الوقت لا يمكن أن نستبعد أن يكون هناك معالجة بطريقة عسكرية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي".
ومضى بالقول: "لحد الساعة يتم النظر إلى التهديدات الإيرانية باعتبارها مناورة سياسية وإعلامية للضغط على أمريكا للحصول على أي مكتسبات، أو إقناع الاتحاد الأوروبي باتخاذ مواقف إيجابية تجاه إيران، أما في حال انتهكت إيران ذلك قد يكون هناك ضربة عسكرية كآخر الحلول لمنع النظام الإيراني من الحصول على السلاح النووي".
آلية النزاع والاتفاق النووي
وأعلنت دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا، قبل أيام تفعيل آلية تسوية المنازعات بالاتفاق النووي الإيراني، وأكدت رفض "الحجج الإيرانية" لخفض طهران التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، مؤكدة عدم وجود أساس قانوني لوقف التزاماتها.
وأكد البيان أن الدول الثلاث "لا تنضم إلى الحملة التي تهدف لممارسة أقصى الضغوطات على إيران"، مؤكدين "حسن نيتهم وتمسكهم بالهدف الأساسي وهو الحفاظ على الاتفاق النووي".
وينشأ عن إطلاق آلية تسوية النزاعات الواردة في الاتفاق النووي احتمال بفرض عقوبات على إيران من قبل الأمم المتحدة.
وأكدت طهران أنها لم تعد ملزمة بأية اتفاقيات أو قيود حول عملياتها النووية، بما في ذلك قدرة التخصيب، ونسبة التخصيب، وكمية المواد المخصبة، والبحث والتطوير، كما لم تعد ملزمة بتحديد عدد أجهزة الطرد المركزي المشغلة في المفاعلات النووية في البلاد.
وشهدت العلاقات الإيرانية الأمريكية توترا وتصعيدا عسكريا، وذلك بعد إعلان ترامب، في مايو/ أيار 2018، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الخاص ببرنامج إيران النووي الموقع عام 2015، كما أعلنت أمريكا مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري، باستهداف موكبه خارج أسوار مطار بغداد الدولي، ووصفت إيران الهجوم بـ"إرهاب الدولة"، وتوعدت بالانتقام.
وفي الثامن من يناير/ كانون الثاني الجاري، شنت إيران هجوما صاروخيا على قاعدتين عسكريتين في العراق تضمان قوات أمريكية، ردا على اغتيال سليماني.