عمليات التفكك المجتمعي في ليبيا أثارت الكثير من المخاوف، خاصة أن العادات والتقاليد والعرف القبائلي يعد من أبرز السمات التي تحكم المجتمع الليبي.
نشطاء وخبراء أكدوا لـ"سبوتنيك"، أن الحرب الدائرة ألقت بظلالها على المشهد الاجتماعي بشكل كامل، حيث انقسمت بعض القبائل، فيما طلقن بعض الزيجات، وخرج الأبناء عن طوع أهلهن وانضموا للصراع الدائر.
وأضافت في حديثها إلى "سبوتنيك" الأحد، أن انتماء الزوج إلى قبيلة أو منطقة مختلفة عن منطقة الزوجة دفعهم للانفصال مع تزايد عمليات الاصطفاف والتأييد.
وبحسب يونس، فإن بعض الزوجات ذهبن إلى منازل أهلهن ولم يعدن إلى بيوتهن بسبب الحرب، وانتهى بهم الأمر في النهاية للطلاق.
تؤكد يونس أن الإحصائية تتعلق بالمنطقة الغربية فقط، كما أنها ليست دقيقة أو شاملة نظرا لاستمرار الحرب وصعوبة الحصول على كافة البيانات.
طلاق سياسي
إحدى الحالات تحدثت لـ"سبوتنيك"، وطلبت عدم ذكر الأسم، تحسبا للأوضاع والأعراف الليبية.
تقول إن زوجها ينتمى إلى المنطقة الغربية في حين أنها تنتمي إلى إحدى مدن الوسط الليبي، وأنها تزوجت قبل 2011، ولم يكن له تدخل بالأحداث التي وقعت في فبراير/شباط 2011، إلا أنه ومنذ العام 2014 بدأت الخلافات بينهما، بسبب تأييد عائلتها للجيش الليبي في الشرق، وتأييده هو للجانب الغربي.
تفاقمت الأوضاع بينهما بعد ذلك وصولا إلى 2019 بعد إطلاق عمليات الجيش الليبي في الجنوب وهو ما أدى إلى انفصالها في النهاية.
تشير إلى أنها تحتفظ بأبنائها الثلاثة إلا أنها تخشى أن يذهبوا إلى والدهم في وقت لاحق، خاصة أنها دائما ما يحاول التأثير عليهم من خلال التواصل معهم عبر مواقع التواصل.
تؤكد أن الحرب فرقت بينها وبين زوجها، كما فرقت بين الكثير من الأسر والأبناء وأهلهم.
لم يقف الأمر عند انفصال الزيجات عن الأزواج، حيث أدت الحرب إلى انفصال عشرات الشباب وانضمامهم إلى المعارك دون موافقة الأهل.
وبحسب مصادر عدة تحدثت لـ"سبوتنيك"، فإن عمليات الطلاق السياسي، أصبحت منتشرة خاصة مع اشتعال الأزمة بشكل أكبر وخروجها عن نطاق الخلاف الذي كان في سنوات الماضية.
وبحسب المصادر أنه مع تزايد عمليات القتلى من جانبي الصراع، أصبحت كافة الأطراف تخشى الانتقام ‘لى إثر عمليات الثأر، حيث بادرت العديد من العائلات بجلب الزيجات في الطرف الأخر، كما بادر بعض الأزواج بإرسال زوجته إلى منزل أهلها خشية وصول الأمر لعمليات القتل.
حولت "سبوتنيك"، الوصول إلى أي إحصائيات رسمية، إلا أن تعدد المؤسسات واستمرار العمليات العسكرية يحول دون إحصائيات رسمية ودقيقة حتى الآن.
على الجانب الأخر يقول أحمد الصويعي الباحث في الشؤون السياسية الليبية، إن القبائل متماسكة إلى حد كبير، إلا أن أطراف النزاع زادت من الفرقة بين الطراف الليبية نتيجة الأطراف الخارجية الداعمة للأطراف الداخلية.
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، أن موقف القبيلة كان يحكم المسار الكامل لتوجه القبيلة، إلا أن بعض العوامل أثرت في عملية الاصطفافات بعض أبناء القبيلة الواحدة لأطراف الأزمة.
يوضح أن هناك بعض الإغراءات التي أثرت على انضمام الشباب للكتائب أو المليشيات، منها البطالة في مقابل مبالغ مالية كبيرة قدمت لهم وهو ما ساهم في انفصالهم عن اسرهم أو عن القبلية، إلا أنه لا يوجد أرقام دقيقة بذلك.
قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية في حكومة الوفاق الليبية، فاضي منصور الشافعي، في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك"، إن عمليات النزوح من أحياء طرابلس في تزايد مستمر نتيجة استمرار الاشتباكات الدائرة.
وأضافت: "آخر الإحصائيات بشأن أعداد النازحين التي وثقت حتى يوم 6 سبتمبر/ أيلول2019، تؤكد نزوح 1380عائلة في 47 مركز إيواء، فيما أغلقت بعض المراكز ونقل من كان فيها إلى مراكز أخرى".
وأوضحت أن العائلات المستضافة لدى أقاربهم بلغ تعدادهم نحو 22 ألف و405، وأن إجمالي الأسر النازحة حتى اليوم الأحد 23 ألف و788 عائلة منكوبة.
وتابعت أن عمليات النزوح شملت مدينة مرزق بالجنوب الليبي، حيث نزحت 3315عائلة خلال الأيام الماضية، وصل بعضهم إلى العاصمة طرابلس.
وفي نهاية العام الماضي قال وزير الدولة لشؤون النازحين يوسف جلالة إن عدد النازحين بحسب آخر إحصائية بلغ 25 ألف أسرة أي ما يقارب 130 ألف فرد.
وأكد جلالة في تصريح لقناة ليبيا الأحرار، أن النزوح متواصل بشكل يومي، وأن عدد النازحين بالمدارس يفوق المائة عائلة بقليل بعد مغادرة عدد كبير منهم.
وتشهد المنطقة الغربية عمليات نزوح مستمر إثر استمرار الاشتباكات رغم موافقة الأطراف على هدنة، إلا أنها لم تطبق على أرض الواقع.