بعد تراجع سوق السيارات في سوريا بسبب الحرب... لماذا أدى مزاد علني لإثارة كل هذا الجدل؟

بيعت يوم أمس في سوريا سيارة من طراز "BMW 760-Li" لعام 2019 ضمن مزاد علني بقيمة 400 مليون ليرة سوري، أي (400 ألف دولار)، ما أثار جدلا كبيرا بين السوريين، حول إن طرح هذه الأرقام بعيد كل البعد عن الواقع، إن كان السوري من جهة والعالمي من جهة أخرى.
Sputnik

نشر رواد في موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي فيديو لمزاد علني أقيم في العاصمة السورية دمشق على سيارة "2019 BMW 760-Li" تم بيعها بقيمة 400 مليون ليرة سورية، ما اعتبره السورييون أن الأسعار في سورية أصبحت بعيدة عن الواقع على اعتبار أن السعر الأساسي للسيارة في بلدان العالم لا تساوي حتى ثلث هذا السعر.

ووفقاً للمقطع المتداول فقد رسى المزاد على أحد المواطنين، بقيمة 400 مليون ليرة سورية، أي ما يساوي بسعر تصريف المصرف المركزي قرابة نصف مليون دولار أمريكي (على اعتبار أن سعر التصريف في المركزي 700 ليرة سورية للدولار الواحد)، و400 ألف دولار أمريكي إذا حسبنا السعر حسب تصريف السوق السوداء.

سعر السيارة الحقيقي

يتراوح سعر السيارة عالميا بين (80 – 160 ألف دولار أمريكي)، كما طرحته الشركة الصانعة في بلد المنشأ ألمانيا، مع مراعاة اختلاف جمركة البلدان وعروض الأسعار في المعارض التنافسية.

160 ألف دولار أمريكي هو سعر السيارة بأكمل مواصفاتها، أي ما يكتب عليها من بلد المنشأ "Full Options"، حيث يعادل ذلك بالليرة السورية وبسعر صرف السوق السوداء (160 مليون ليرة)، ولنفرض (2 مليون) مع ضريبة الرفاهية ورسوم الجمركة، فعلى أي أساس أضيفت (200 مليون أخرى)؟.

ويبلغ سعر السيارة في روسيا بين (الـ 5 – 10 مليون روبل) أي ما يعادل سعرها المطروح من شركة "BMW"، حتى نفس الحالة في الإمارات حيث يبلغ سعرها بين (400 لـ 650 ألف درهم).
عزيزي القارئ هل تعلم أنه بهذا المبلغ (400 مليون ليرة سورية) يمكن شراء حوالي 60 منزلاً جاهزاً للسكن يأوي 60 عائلة، في أحياء متواضعة.

هل يمكن للعقل البشري أن يستوعب أو حتى يحاول التفكير من أين أتت هذه الطبقة في سوريا التي تستطيع دفع 400 مليون ليرة سورية لشراء سيارة، في وقت لا يجد فيه الموظف دخلا بعد مرور عشرة أيام من الشهر، في ظل الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالليرة السورية إلى أدنى مستوياتها، والعقوبات المفروضة على سوريا التي أدت إلى خسائر فادحة في الميزان التجاري السوري.

أين أصحاب رؤوس الأموال من حملة دعم الليرة السورية؟
أنا لست بصدد محاسبة الناس على أموالهم، أو إرثهم وثروتهم، أو حتى ممتلكاتهم وحريتهم التي تعتبر حق لهم بالتصرف بها كما يشاؤون، ولكن في رأيي الشخصي من المستحسن وجود ضابط يمنع اتساع الفجوة بين الطبقتين، وبالتالي إعادة، ما كان يعتبر نقطة قوة وسبب ثبات الاقتصاد في سوريا لعقود طويلة مضت، وهي الطبقة الوسطى.

وأذكر أنه في عام 2017 بيعت سيارة ميرسيدس بقيمة 210 مليون ليرة سوري عندما كان سعر تصريف الدولار 350 ليرة للدولار الواحد أي قرابة (600 ألف دولار).

وأنا أقرأ ردود أفعال السوريين من رواد موقع فيسبوك، شعرت بتضامني معهم ولو من جهة الإحساس بما يشعرون به، فلا أحد يقصد الحسد من قدرة البعض على شراء سيارة، ولكن السؤال الخالي من الإجابة، كيف وصلت الأسعار في سوريا إلى هذا الحد؟.

(المقال يعبر عن رأي كاتبه)

مناقشة