وقررت اللجنة شطب المادة التي تحظر على المرأة العمل ليلًا وفي أوقات محددة، بالإضافة إلى إدراج مصطلح التحرش الجنسي ضمن قانون العمل لأول مرة في الأردن.
واعتبر البعض التعديلات الجديدة جيدة ومنصفة للنساء، بيد أن اعتراضات كبيرة طالت القانون ووصفت تلك البنود بـ "غير الكافية"، فيما طالبت منظمات مدنية برد القانون للحكومة لإعادة مراجعته.
تعديل قانون العمل
وقرّر مجلس الوزراء الأردني، الأسبوع الماضي، الموافقة على مشروع قانون معدل لقانون العمل لسنة 2019 لإرساله إلى مجلس النواب للسير بالإجراءات الدستورية لإقراره.
ويأتي مشروع القانون تنفيذا لبرامج وزارة العمل في مجالات تشغيل الأردنيين، وتنظيم سوق العمل، وتوفير مزيد من الحماية القانونية للعمال من خلال التشدد بالعقوبات على مخالفة أحكام قانون العمل، والنص على جمع العقوبات المحكوم بها إذا تعددت المخالفات المرتكبة.
وأشار وزير العمل نضال البطاينة إلى أن أبرز التعديلات على مشروع القانون تتعلق بدعم تشغيل الأردنيين في القطاع الخاص، وإيجاد بيئة عمل لائقة، مثلما تم إجراء العديد من التعديلات التي تكفل تمكين المرأة وتشغيلها.
تقدم نوعي ولكن
حمادة أبو نجمة، أمين عام وزارة العمل الأردنية الأسبق، والخبير الدولي في قضايا العمل، قال إن "في موضوع العنف والتحرش في العمل، فإن مجرد طرح الفكرة في التعديلات الجديدة يشكل تقدما نوعيا في القانون والحمايات".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذا التقدم مشروط أن يتضمن تعريفا لكل من العنف والتحرش في العمل، والعنف والتحرش على أساس نوع الجنس، وأن يشمل ذلك العمال وغيرهم، مثل المتدربون، طالبوا العمل، من انتهت خدماتهم، وأن يشمل أيضا كافة الأماكن والأوقات ذات العلاقة بالعمل، ومنها مكان أداء العمل، السكن العمالي، أماكن الاستراحة، أماكن تناول الطعام، خلال السفر والنشاطات المرتبطة بالعمل، وخلال الإتصالات ذات العلاقة بالعمل، وخلال الذهاب إلى العمل والعودة منه".
وتابع: "كما يجب أن يتضمن حظرًا صريحا للعنف والتحرش بكافة أشكاله، وعقوبات خاصة بذلك، وكذلك الإجراءات المطلوبة من أصحاب العمل لمنع العنف والتحرش، كاعتماد وتنفيذ سياسة خاصة بذلك في مكان العمل، وتوعية العمال والمعنيين الآخرين بها، وتقييم مخاطر العنف والتحرش، ووضع التدابير اللازمة للوقاية منها، ومراعاتها في إدارة شؤون السلامة والصحة المهنية".
وأشار إلى أن "التعديلات المطروحة جاءت قاصرة، ففي موضوع العنف والتحرش لم تتضمن الشروط والمعايير المشار إليها وهي معايير اعتمدتها الشرعة الدولية في اتفاقية جديدة أصدرتها منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص".
قضايا لم تعالجها التعديلات
أما ما يقال عن أن التعديل يتضمن إعطاء العامل المعتدى عليه حق ترك العمل والمطالبة بالتعويضات، أضاف بالقول: "هو تعديل لا يفي بالغرض ويحمل العامل مسؤولية ملاحقة صاحب العمل في الوقت الذي يكون فيه قد فقد وظيفته ومصدر دخله وعانى من آثار العنف والتحرش الذي وقع عليه".
واستطرد: "علما بأن هذا التعديل لا يأتي بجديد لأن هذا الحق وفرته المادة 29 منذ العام 2008 عند تعديلها بالقانون المعدل رقم 48، وبموجبه تم منح وزير العمل صلاحية إغلاق المؤسسة للمدة التي يراها مناسبة إذا تبين له وقوع اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله بالضرب أو بممارسة أي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي على العاملين المستخدمين لديه، وذلك مع مراعاة أحكام أي تشريعات أخرى نافذة المفعول".
وعن الأعمال والأوقات المحظور تشغيل النساء فيها، مضى قائلًا: "جاء التعديل بإلغاء الحظر كاملا وهذا شيء إيجابي، غير أن المفروض استبدال هذا الإلغاء بحمايات خاصة للمرأة الحامل والمرضع وفقا لما تتطلبه الاتفاقية الدولية بخصوص حماية الأمومة رقم 183، وكذلك حمايات خاصة لمن يعملون ليلا ذكورا وإناثا، وفق متطلبات اتفاقية العمل الدولية رقم 171 بشأن العمل الليلي، وهذه قضايا لم يعالجها التعديل".
مطالب نسائية
بدورها قالت كلثم مريش، رئيسة الاتحاد النسائي العاصمة الأردن، إن "القطاعات النسائية طالبت بتعديل بعض المواد في قانون العمل من ضمنها المادة التي تمنح الوزير صلاحية تحديد المهن والساعات المسموح فيها بعمل المرأة".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "التركيز حاليًا على إلغاء صلاحية الوزير في هذه القرارات بشكل نهائي، وأن تترك لأصحاب الأعمال ضمن تعليمات داخلية محددة، على أن لا تتنافى مع قانون العمل".
وأكدت أن "المجتمع المدني قدم مقترحات لضمان الحماية لجميع العاملين بما فيهم النساء، وخاصة المرأة الحامل والمرضع، وكان التركيز على تعديل المادة 9 والمتعلقة بحق العامل في ترك العمل دون إشعار".
وعن قضية التحرش، قالت: "المجتمع المدني قدم اقتراحًا بتوسيع المادة حتى تشمل حماية كل العاملين سواء رجال أو نساء ومعاقبة ممارسي العنف، والتركيز على المادة 96 مع اقتراح إلغائها، وحذروا فيها من التمييز وإصدار التعليمات للمرأة الحامل أو المرضع أو الأطفال الذين يقومون بعمل ليلي".
وبشأن التحرش الجنسي، قالت: "تم إدراج مصطلح الحرش الجنسي في القانون لأول مرة في تاريخ الأردن، خاصة أن هناك سلوكيات متعددة وأنواع مختلفة للتحرش يعاقب عليها قانون العقوبات".
وأنهت حديثها قائلة: "اعتبرنا إدراج مصطلح التحرش إنجازًا كبيرًا، إلا أننا كنا نطمح أكثر في تعريف تلك الأفعال كاملة بشكل أوسع في قانون العمل".
انتصار للمرأة
بدورها قالت رسمية الكعابنة، النائبة بمجلس النواب الأردني، إن "التعديلات التي أدخلت على قانون العمل كانت مطلبًا نسائيًا، خاصة وأن القانون شهد تعديل على بعض مواده قبل فترة قليلة".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المرأة الأردنية انخرطت في كافة المجالات، وتحديد أوقات معينة للعمل كان يحد من هذا الانخراط خاصة وأنه لا يساوي بين المرأة والرجل، ويقلل من قيمة عملها".
وأشارت إلى أن "التعديلات أضافت التحرش للقانون، وذلك رغم تجريم قانون العقوبات للتحرش في المادة 306، لكن الأردن مناطق عشائرية ومن الصعب أن تلجأ المرأة الأردنية للمحاكم من أجل قضية تحرش في العمل".
وأكدت أن "التعديلات الجديدة للقانون لم يتم مناقشتها حاليًا تحت قبة البرلمان، إلا أن لجنة العمل قامت بعقد 4 جلسات مع جميع القطاعات النسائية بخصوص هذه المواد، فالأردن بات حريصًا على إعطاء المرأة حقها، وهذا كان واضحًا في السنوات القليلة الماضية والتي شهدت حراكًا نسائيًا كبيرًا".
وأنهت حديثها قائلة: "إضافة هذه المواد لقانون العمل يعد انتصارًا وإنجازًا كبيرًا للمرأة الأردنية".
اعتراض المنظمات
ورحبت جمعية معهد تضامن النساء الأردني بإدراج مصطلح "التحرش الجنسي" في النظام القانوني الأردني ولأول مرة في تاريخه، مشيرة إلى أن التعديلات المقترحة على المادة 29 من قانون العمل غير كافية وغير شاملة لكافة أشكال التحرش الجنسي.
وقالت 13 منظمة مدنية عمالية ونسائية، إن "تعديلات قانون العمل المقترحة من الحكومة والمعروضة على مجلس النواب مجتزأة وانتقائية وغير ملائمة لسوق العمل، وتشمل موادا لم يمض على تعديلها سوى بضعة شهور".
وطالبت كل من مجلس النواب ومجلس الأعيان برد القانون، أو أن تقوم الحكومة بسحبه وإعادة مراجعته بهدف إجراء عملية إصلاح شاملة لأحكامه، وفتح حوار وطني فعال على قاعدة المعايير الدولية ذات الصلة التي التزم بها الأردن".