الشعارات "إرحلوا فورا" التي رفعها مشيعو الطفل فيصل خالد المحمد، الذي قتل برصاص أمريكي أثناء الحادثة، لابد أنها طرقت مسامع الساسة الأمريكيين، فالسكان الذين اجتمعوا من مختلف أرجاء المحافظة ليقفوا إلى جانب أهل الضحية ويعبروا عن تضامنهم، لن يقفوا متفرجين ليروا أبناءهم ينالون نفس المصير.
المشيعون الذين طالبوا بخروج "الاحتلال الأمريكي" من قراهم فورا، أعلنوا يوم الأمس "المقاومة الشعبية" ضد التواجد غير الشرعي في المنطقة.
ذريعة حماية آبار النفط أتت بمفعول عكسي
الذريعة التي تروج لها أمريكا لتبرير تواجدها في الساحة السورية، والتي أشار إليها وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، في أكثر من مناسبة، والتي تتمحور حول "منع عودة سيطرة الإرهابيين على المواقع النفطية" لم تعد تأكل أكلها بين الأوساط الشعبية السورية، بل تأخذ تدريجيا مفعولا عكسيا، خصوصا أن الدولة ذاتها التي تفرض عقوبات اقتصادية تمس أفواه أطفالهم تدعي حماية حقولهم.
السكان الذين خرجوا لتشييع طفلهم أكدوا أن وجود هذه القوات "الأمريكية" ليس لها سوى هدف واحد هو "سرقة النفط والغاز والآثار السورية وهي من أملاك الشعب السوري وفق القوانين الدولية".
العشائر غاضبة
تتميز أغلب مناطق سوريا الشمالية الشرقية خصوصا الريفية منها، بهيكلية عشائرية، لها التزاماتها وتقاليدها الراسخة عبر مئات السنين، والتي أبدت في أكثر من مناسبة غضبها الشديد من التواجد الأمريكي في مناطق تواجدها، وأكدت عشائر "طي" و بري والبقارة والبكارة والنعيم والحديدين والعساسنة، في يوليو/تموز الفائت رفضها لكل "أشكال الهيمنة والوصاية الأجنبية على سوريا أو على أي جزء منها" كما أكدت رفضها القاطع للتدخل التركي في الشأن السوري تحت أي ذريعة، مشيرة إلى أن حدود الجمهورية العربية السورية مصانة بموجب قوانين الشرعية الدولية.
وأعلنت القبائل بأنها "ولن نسمح بتغييرها أو برسم خرائط لتبديلها ولا بإقامة مناطق آمنة على الأرض السورية، والشعب السوري هو الوحيد المخول بتقرير مصيره، وأراضي الجمهورية العربية السورية هي ملك للسوريين كلهم، وكذلك ثرواتها ولا سيما الثروات النفطية والمعدنية".
وأكدت العشائر على مواجهة جميع الأطماع الخارجية (الأمريكية - التركية) في سوريا، والحفاظ على وحدة الأرض ومحاربة أي مشاريع خارجية تسعى لتقسيمها.
محافظ الحسكة، جايز الحمود الموسى: ما جرى في قرى بريف القامشلي، هو "نقطة ارتكاز حقيقية" لإعلان بدء "المقاومة الشعبية" ضد الاحتلال الأميركي.
"المقاومة الشعبية" أخذت بالظهور في عام 2018
في عام 2018 نفذت "المقاومة الشعبية" عمليتها القتالية الأولى في ليلة 1 و 2 أبريل/ نيسان حيث نشرت فيديو يظهر قصفت قاعدة اللواء (92) لـ"قوات سوريا الديمقراطية" والتي يوجد فيها أيضا مدرعات وعسكريون أمريكيون ممن يشرفون على تدريب حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشارت التقارير الصادرة إلى أن هذه المقاومة تشكلت من أبناء مدينة الرقة السورية، وأن هدفها الرئيس هو عدم السماح للقوات الأمريكية بالسيطرة على "ذرة تراب من سوريا".
دمشق تتعاون مع زعماء العشائر
تقوم دمشق بتنظيم لقاءات ومؤتمرات دورية مع زعماء العشائر في كل عام تقريبا، تستمع من خلالها إلى آرائهم ومشاكلهم، تقام في أكثر من مدينة كحلب ودرعا، أكدوا في بيانات عدة على أن "الشعب السوري مصمم على الدفاع عن نفسه وأرضه وسيادته بكل الوسائل ضد أي شكل من أشكال العدوان بما فيه الاحتلال الأمريكي والتركي للأراضي السورية" مشددين على أنهم " يقررون خياراتهم الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية دون أي تدخل خارجي" بحسب "سانا".
العشائر السورية "الشعب هو مصدر السلطات ولا يحق لفئة منه أو لأفراد أو جماعة أن تقرر مصيره أو تنوب عنه في سلخ أي جزء من وطنه أو عقد اتفاقات بشأنه أو تلزيم وصاية لأحد عليه".
قبائل ساهمت بتشكيل "دفاع وطني"
ساهمت أغلب القبائل العربية في سوريا بالدفاع البلاد إلى جانب الحكومة السورية، وشكل بعضها قوات "دفاع وطني" قاتلت جنبا إلى جنب بجانب الجيش السوري، وحققت إنجازات على الأرض كقبيلة طيء وعشيرة المحلمية وعشيرة الخواتنه وعشيرة العدوان وقبيلة البقارة وعشائر البوشعبان، والتي أكد أغلب أفرادهم تأييدهم للحكومة السورية، بحسب "نون بوست".
ويشكل العرب غالبية سكان مناطق شرقي الفرات، ويتفرعون إلى قبائل عربية مختلفة وعريقة وتتشابك وتمتد بين عدد من الدول العربية، ونتشر أغلبها على طول نهر الفرات وفي الجزيرة السورية، وتشكل قبائل شمّر، والجبور، وطي، والبقارة، والعقيدات، والعدوان، والبوشعبان، والبوبنّا، وبني صخر (الخريشة)، وعنزة، أبرز قبائل شمال سورية وشرقها، إذ تضم كل قبيلة عشرات العشائر الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور في شرقي الفرات، إضافة إلى جزء كبير من أرياف حلب وحماة وحمص في غربه، ودعم الكثير من زعمائهم الحكومة السورية بطرق مختلفة.