وحول تفاقم المرض واتخاذ العديد من الدول إجراءات مشددة بشأن التجمعات وإقامة الشعائر الدينية، مثل الحج والعمرة وغيرها من الأماكن المزدحمة، أجرت "سبوتنيك" حوارا مع الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق.
متى يجوز منع التجمعات المقدسة بما فيها صلاة الجمعة؟
كل أمر يتعلق بوباء وفي نفس الوقت يؤدي إلى العدوى المباشرة أو القريب منها، في تلك الحالة يجوز منع أي تجمعات لأن حفظ النفس هو الأولى في الأساس، وجميع العبادات التي شرعها الله من أجل حفظ الإنسان والحياة، وهذا ثابت في حديث نبوي، حيث نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون أو الدخول فيها، لما في ذلك من التعرض للبلاء وحتى يمكن حصر المرض في دائرة محددة، ومنعا لانتشار الوباء "فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها"، وهو ما يعبر عنه بالحجر الصحي اليوم، والمقصود بالطاعون هنا هو أي مرض معدي ومنتشر ويؤدي إلى الموت.
إذًا لا مانع من وقف الشعائر الكبرى كالعمرة والحج والصغرى كصلاة الجمعة والجماعة في المساجد؟
إن الله قد قدم حفظ النفس البشرية على أي شىء وهذا مطلوب شرعا من أجل استمرار البشرية جيلا بعد جيل، وما تفعله السعودية من وقف العمرة حاليا يأتي في إطار ما شرعه الإسلام، وكذلك ما فعلته إيران مؤخرا من منع صلاة الجمعة، كل هذا يأتي في إطار الشرع.
تلك الإجراءات الشرعية يتم اتخاذها بعد انتشار المرض...أم يمكن اتخاذها كإجراء احترازي؟
عملية تحديد منع التجمعات والشعائر المقدسة كالحج والعمرة وصلاة الجمعة وغيرها من التجمعات البشرية يحددها أهل الرأي والاختصاص، فمثلا في مصر لم تمنع التجمعات لأنه ليس هناك انتشار كثيف للمرض وبالتالي ليست هناك خطورة، القضية أو المنع يحدث حسب المكان نفسه، فإذا ظهر المرض وقال أهل الاختصاص إن هذا التمع يؤدي إلى انتشار العدوى نتيجة إصابة أحد الأشخاص وهو لا يدري ودخل في هذا التجمع فأصاب الجميع، فالقضية ليست على كل الناس ولكن بحسب كل منطقة أو دولة.
هل يجوز إلغاء الحج؟
المنع الذي ذكرناه ينطبق بكل تأكيد على التجمع السنوي الأكبر في العالم وهو موسم الحج، الذي يضم مختلف جنسيات العالم، وهذا الأمر أيضا يرجع إلى أهل الخبرة والاختصاص، نحن هنا لا نتكلم عن حرب وإنما نتحدث عن العدوى المنتشرة والتي لا تراها العين ولا نعلم مكانها، فنحن نحترس منها، والمكان الذي انتشرت به العدوى يجب ألا ندخله، ومن حق الجهات المسؤولة في الدول أن تحدد الأماكن التي يجتمع أو لا يجتمع فيها الناس، حرصا على مصلحة الدولة ومصلحة الأفراد والعباد، والسعودية تعلم جيدا أن هناك أماكن كثيرة في العالم منتشر بها المرض، والحج يجمع كل أنواع البشر، ومهما أخذت من محاذير فلن تستطيع عمل حصر ومسح شامل لكل من سيدخل للحج، لذا من حقها أن تتخذ ما تراه مناسبا وفقا للشرع، لكن مازال هناك وقت حتى موسم الحج، ووقتها يمكنها أن تقرر إقامة تلك الشعيرة أم لا بناء على الواقع.
نعم ينطبق هذا على كل التجمعات، إذا كان المكان الذي تقام فيه صلاة الجماعة قريب من المناطق التي ظهر بها الوباء، وهذا الحكم ليس عاما وإنما يطبق على كل حالة منفردة وحسب المناطق التي يظهر بها أو فيها الوباء لحماية النفس البشرية التي خلقها الله لعمارة الأرض وعبادته فهى الأساس في الكون، فقد دعا سيدنا إبراهيم (عليه السلام) الله أن ينقذ أهله من الفناء عندما أمره أن يتركهم في الصحراء القاحلة، وطلب من الله أن يرسل لهم الناس، وقد شرع الحج من أجل إحياء الناس وحتى لا تهلك ذريته.
أجرى الحوار/أحمد عبد الوهاب