هل هزمت الولايات المتحدة أمام طالبان... أم اتخذتها كأداة جديدة؟

وقعت الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، في 29 شباط/ فبراير الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، اتفاقا لوقف أعمال العنف وإحلال السلام، وصف بالتاريخي.
Sputnik

ويقضي هذا الاتفاق بالانسحاب الكامل للولايات المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان خلال 14 شهرا، مقابل رفع العقوبات عن أعضاء الحركة، بالإضافة إلى تبادل الأسرى بين طالبان من جهة، والولايات المتحدة والحكومة الأفغانية من جهة أخرى.

معنى الاتفاق

هذا الاتفاق لقي ترحيبا من مختلف الأطراف وأولهم الاتحاد الأوروبي الذي دعا إلى انتهاز الفرصة وبدء حوار بين الأطراف الأفغانية، في الوقت الذي قالت فيه موسكو بأنها سترفع العقوبات عن حركة طالبان إذا قرر مجلس الأمن ذلك، كونها تعتبر لدى روسيا منظمة إرهابية.

في المقابل هناك من اعتبر أن هذا القرار هو هزيمة للولايات المتحدة الأمريكية، عن هذا يتحدث الكاتب والمحلل عبد الباري عطوان، رئيس تحرير جريدة "رأي اليوم" في حوار مع "سبوتنيك" ويقول: توقيع اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، يعني أن الولايات المتحدة اعترفت رسميا بالهزيمة بعد 19 عاما من حربها في أفغانستان، وهذه الحرب كلفت 3500 قتيل وحوالي تريليون دولار، وهذا اعتراف صريح منها بالهزيمة والتراجع.

ويتابع: أمريكا كانت تعتبر حركة طالبان إرهابية وكانت تعتبر الملا عمر والملار برادر إرهابيين، والآن جلسوا مع الإرهابيين وقدموا تنازلات كبيرة جدا مقابل خروج آمن من أفغانستان.

بدوره قال الباحث ومدير مركز معهد الشرق الأوسط لدراسات باكستان وأفغانستان، مارفن وينباوم، في لقاء مع "سبوتنيك": هذا الاتفاق يمهد على ما يبدو للأفغان أنفسهم للجلوس وإقامة دولتهم بطريقة ترضي أولئك الذين يريدون حكومة دستورية، وأولئك الذين يريدون إمارة إسلامية، والموضوع الوحيد الذي يلقى تأييدا واسع النطاق هو رحيل القوات الأمريكية من أفغانستان.

ويواصل: طالبان الآن ترى ما أرادته دائما وهو أن تغادر هذه القوات، ولكن لا أقول أن هذا الأمر هو دليل على هزيمة الولايات المتحدة، بل يمكن القول أن المهمة قد فشلت، ففترة وجود القوات الأمريكية على الأرض في أفغانستان سمحت بظهور دولة تبذل كل الجهود الممكنة لأن تكون حديثة وأن تدخل المجتمع الدولي.

أداة جديدة

عن سبب توقيع هذه الاتفاق والطريقة التي سيستفيد فيها ترامب من هذا الأمر، يعتقد الكاتب عطوان بأن الولايات المتحدة إن استطاعات تضع حركة طالبان إلى جانبها، وأنا أشك في ذلك، فربما يمكن أن تستخدمها مثل بعض الحركات الإسلامية التي وظفتها لخدمتها، خاصة مثلما حصل في أفغانستان،  فهي استخدمت منظمات مثل القاعدة للقتال وإخراج السوفييت من هناك، فهل يعيد التاريخ نفسه؟،ويقول: أنا لا أستبعد.

فيما تعتقد مارغوري كوهين الأستاذة الفخرية في كلية توماس جيفري للقانون، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" بأن ترامب اتخذ هذا الاتفاق مع طالبان كوسيلة ضمن سباقه في الانتخابات الرئاسية 2020، وتقول: يريد ترامب تعزيز فرصه في الفوز، من خلال تفاخره بالوفاء بوعده بسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان.

دور الحكومة

وحول دور الحكومة الأفغانية الشرعية في هذا الاتفاق يؤكد عبد الباري عطوان بأن الحكومة الأفغانية كانت مبعدة عن المفوضات ولم يكن لها أي دور، ويقول: جرى تهميشها بالكامل، حتى أنها لم تشارك في حفل توقيع الاتفاق رسميا، بل أرسلت مندوبين من الدرجة الخامسة، فقط لحضور الاتفاق.

ويضيف: بتقديري فرص هذا الاتفاق من النجاح ربما تكون محدودة، والولايات المتحدة تريد الانسحاب من أفغانستان لأنها لم تعد تستطيع تحمل الخسائر البشرية والمادية في هذه الحرب، التي تعتبر أطول حروب أمريكا في تاريخها الحديث.

فيما يرى الخبير والمحلل مارفن وينباوم،  بأن هذا الاتفاق قد يشكل أزمة للحكومة الحالية، ويوضح: على الرغم من حقيقة أن القوى الإقليمية والخارجية تدعم فكرة خروج القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان ، فإن الانسحاب المفاجئ سيكون بمثابة صدمة للبلاد - وربما يؤدي إلى حرب أهلية يمكن أن تؤثر على الدول المجاورة على الفور وتثير وكيلاً لها. الحرب ،

كما تحدث عن هذه النقطة الكاتب الباكستاني الأصل، والعضو في مركز جنوب آسيا في المجلس الأطلسي شوجا نواز، لوكالة "سبوتنيك": حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية الجديدة ستواجه العديد من التحديات، منها إنهاء الفساد وتحقيق تقدم اقتصادي، وتحقيق تفاهم أفضل مع جيرانهم المباشرين في المنطقة حول الأهداف الاقتصادية المشتركة.

ويتابع نواز: سوف تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها للالتزام بالمستقبل الاقتصادي لأفغانستان، ويجب أن تعمل كل من أفغانستان وباكستان لتهئية الظروف من أجل توظيف النساء والشباب، وتحسين المناطق التي يتواجد فيها عدد كبير من السكان.  

دور الولايات المتحدة المستقبلي في أفغانستان

وحول الدور المستقبلي الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في أفغانستان، يقول الكاتب عطوان: لا نستطيع أنها أصبحت على علاقة جيدة مع طالبان، وهذا الاتفاق ما زال في بداياته، وبتقديري أن حركة طالبان انتصرت وسوف تعيد بناء إماراتها الإسلامية مرة أخرى، وسوف تستولي على معظم أراضي أفغانستان إن لم تكن كلها، وهذا الاتفاق يعتبر استسلام كامل لها.

وفقًا لما قاله الخبير وينباوم ، بينما لا يوجد دعم كبير للقوات الأمريكية المتبقية في أفغانستان، من المهم بالنسبة لواشنطن أن تفكر في ترك مجموعة صغيرة من أفراد الجيش لمحاربة الإرهاب المحتمل وتقديم الدعم الجوي لقوات الأمن الأفغانية.

ويتابع: على الرغم من غياب مثل هذا البند من اتفاق السلام، أخبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المراسلين أواخر الشهر الماضي أن الإدارة ستعيد نشر قواتها في أفغانستان في حالة حدوث أشياء سيئة.

وعلى الرغم من هذا الاتفاق، تتواصل الهجمات من قبل الحركة في أفغانستان، حيث أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية عن مقتل 6 مدنيين في 33 هجوما إرهابيا نفذتها حركة طالبان خلال يوم 2 و3 من الشهر الجاري.

أيهم مصا

مناقشة