بحسب إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، فإن خطة الاستجابة الإنسانية لليبيا لعام 2020 تشير إلى أن ما يناهز 212000 امرأة بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وأن ما يقدر بـ179000 امرأة يعانين من صعوبات في الحصول على خدمات الرعاية الصحية، بالإضافة إلى 162000 امرأه يواجهن قضايا تتعلق بالحماية، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأكدت البعثة على "عدم التسامح إزاء إسكات أصوات النساء في مناصب صنع القرار والناشطات في مجال حقوق الإنسان". مشددة على "استمرارها في التزامها بقوة بدعم الدور بالغ الأهمية الذي تلعبه المرأة الليبية في صنع السلام وبنائه ومشاركتها الكاملة وانخراطها في الحياة السياسية للبلاد وفي صنع القرار".
اغتيالات
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، كشف المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، عن مقتل 31 امرأة ليبية وإصابة 41 أخرى منذ مطلع العام 2017 جرّاء أعمال العنف في البلاد. ودعا إلى "حماية جميع النساء والفتيات في ليبيا من العنف"، مشيرًا إلى أنه "يتعين للقضاء عليه بذل مزيد من الجهود للوصول إلى النساء في جميع أنحاء البلاد بمن فيهن اللواتي ينتمين إلى أشد الفئات حرمانًا وتهميشًا كالنازحين داخليًا والأقليات والشعوب الأصلية والسكان المتضررين من النزاع واللاجئين والمهاجرين، بحسب "بوابة أفريقيا".
وسجلت ليبيا في 26 يونيو/حزيران 2014 أول عملية اغتيال سياسي في حق امرأة ليبية، هي المحامية والناشطة الحقوقية الليبرالية سلوى بوقعيقيص، التي اغتيلت برصاصة في الرأس في منزلها ببنغازي.
في 29 مايو/ أيار عام 2014، قتلت الصحفية والناشطة الحقوقية نصيب ميلود كرفانة بعد أن خطفت مع خطيبها، في مدينة سبها على يد عناصر داعش ليبيا ذبحا مع خطيبها محمد أبو عزوم.
اغتيلت فريحة البركاوي حينما في السابع تموز/ يوليو 2014 بوابل من الرصاص في إحدى محطات التزود بالوقود في مدينة درنة.
في 21 من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2014، اغتيلت الناشطة الليبية الشابة سارة الديب، في منطقة "حي الأندلس" بالعاصمة طرابلس.
وفي 17 شباط/ فبراير 2015، أطلق قناص الرصاص على زينب عبد الكريم، زوجة مدير مديرية أمن بنغازي سابقا العقيد فرج الدرسي، الذي اغتيل أيضا عندما كانت في سيارتها مع أبنائها، مما أدى إلى إصابتها في الرأس إصابة حرجة نقلت على إثرها للمستشفى ليعلن عن وفاتها يوم 21 من الشهر نفسه متأثرة بإصابتها.
وفي 23 من شباط/ فبراير عام 2015، اغتيلت الناشطة انتصار الحصائري التي وجدت مقتولة بأداة حادة في الحقيبة الخلفية لسيارتها بطرابلس.
المرأة في الدستور
من ناحيتها قالت ناديا عمران عضو هيئة كتابة الدستور في ليبيا، إن السنوات التسع الماضية شهدت بعض الانفتاح في ليبيا، إلا مشكلة العادات والتحفظ الداخلي.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن "الأزمة في الثقافة أكثر من التشريعات، خاصة في ظل عدم الإيمان بقدرات المرأة في المناصب الإدارية أو المناصب السيادية".
كما منح دستور 1951 المرأة مساواة مع الرجل في مجالات متعددة ومختلفة، إذ نص في مادته الحادية عشرة على أن"الليبيين لدى القانون سواء، وهم متساوين في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفي تكافؤ الفرص، وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أو المذهب أو العنصر أو اللغة أو النسب أو الآراء السياسية والاجتماعية".
وتابعت أن المرأة "منحصرة في بعض الوزارات في أماكن محددة ولم تمكن بالقدر الذي تستحقه".
وأكدت أن "الاحتراب الحاصل عرض المرأة للكثير من الاعتداءات الجسدية والنفسية، وكذلك النزوح".
المساواة بين الرجل والمرأة
وفيما يتعلق بالدستور، أوضحت أنه "كانت هناك إشكالية عند كتابة المواد الخاصة بالمرأة، إلا أنهم نجحوا في الوصول إلى مواد تنص على المساواة وعدم التفرقة بين الرجل والمرأة على أساس الجنس أو العرق أو أي فوارق".
وأوضحت أن "أحد النصوص الهامة أيضا يتعلق بتكافؤ الفرص، على أساس الكفاءة والخبرات في الوظائف".
تمثيل المرأة في المجالس ضمن المكاسب التي جاءت في الدستور بنسبة 25%، كما ضمن أحد النصوص للمرأة حقوقها في الانتخابات العامة.
حقوق الإنسان
وشددت على أن مشروع الدستور تضمن الكثير من الحقوق الخاصة بالمرأة وعدم اتنازل عنها.
أما فيما يتعلق بمستوى حقوق الإنسان ومدى الضرر العائد على المرأة، تشير عمران إلى أن "الوضع الحالي يحول دون إحصائيات رسمية، إلا أن هناك العديد من الجرائم والانتهاكات التي طالت المرأة وكل فئات المجتمع".
دور فعال
تقول إكرام العرفي رئيس منظمة الإكرام لرعاية أطفال السرطان والعمل الإنساني بليبيا، إن "المرأة في ليبيا لا زالت هي المرأة التي تتحمل عاتق المسؤوليات والتحديات".
وأضافت العرفي في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن المرأة الليبية أثبتت نجاحها في مجال الصحة، واتجهت نحو التمريض والإسعافات في ظل عدم وجود الطواقم الأجنبية الطبية المساعدة.
وترى العرفي أن المرأة الليبية "لا تواجه صعوبات بالشكل الذي يروج له، حال التزامها بالقواعد الأسرية والعادات والتقاليد المشمولة في ليبيا".
اضطهاد ومخاوف
على الجانب الآخر تقول الناشطة الحقوقية لبنى يونس، إن "المرأة الليبية تعاني من مخرجات الحرب ومنهن من ترملن في سن مبكر، ولا تجد من يعيلها، مما يصعب حياتها اليومية".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن المرأة العاملة "تواجه العديد من العراقيل ومنها التدرج في السلم الوظيفي، بحجة أنها لا تصلح لقيادة المنصب بشكل عقلاني، وأكثر شريحة هن الإعلاميات اللواتي تعرضن للتهديد والتهجير والاعتداء، بسبب مقال أو تقرير".
وتابعت: "لا يزال الشارع الليبي في بعض المناطق يرى المرأة كائنا ليس له مكان سوى المنزل، أما بالنسبة للمناصب السيادية فهي مستبعدة تماما، خاصة أن من يحارب وجود النساء هن نساء".
وبحسب بيان البعثة: "تزال المرأة الليبية تواجه الخوف من الانتقام والوصم بالعار، وتعاني من انعدام المساواة المتأصل بين الجنسين، مع ما يرافق ذلك من الافتقار إلى الثقة في النظام القضائي، الذي ما يزال يشكل عائقاً أمام حماية الحيز المدني وتعزيز دور المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات السياسيات، فها قد مضت ثمانية أشهر تقريبا منذ اختطاف سهام سرقيوة، العضو المنتخب في مجلس النواب الليبي، في ما يشكل تعدياً كان له وقعه المروع على عمل الناشطات في ليبيا".