هل يتراجع عادل عبد المهدي عن الاستقالة ويرأس الحكومة العراقية مجددا؟

تسبب اعتذار محمد توفيق علاوي، عن تشكيل الحكومة العراقية خلفا لسلفه عادل عبد المهدي، الذي يرأس حكومة تسيير الأعمال، إضافة إلى تصاعد وتيرة الاحتجاجات، في دخول العراق إلى نفق مظلم من جديد.
Sputnik

وتسبب ذلك في عدم توافر الكثير من الخيارات أمام الرئيس العراقي برهم صالح، وطرح تكهنات جديدة حول عدول عبد المهدي، عن الاستقالة وترأسه للحكومة من جديد، أو أن يحل الرئيس البرلمان ويدعو لانتخابات مبكرة.

ويرى مراقبون أن كل الخيارات المطروحة لا تخلو من العقبات، فإذا رضي الشارع غضبت الكتل السياسية والأحزاب، وإذا توافق الشارع والأحزاب، فربما تغضب قوى إقليمية.

شمخاني يعرب عن دعم إيران لتشكيل حكومة عراقية نابعة من الشعب

خيارات برهم صالح

قال الدكتور عبد الستار الجميلي، الأمين العام للحزب الطليعي الناصري بالعراق: "لا أعتقد أن الرئيس برهم صالح، سيعيد ترشيح عادل عبد المهدي، لأن ذلك يتعارض مع الدستور ويرفضه المتظاهرين، فضلا عن أن عبدالمهدي لن يقبل أن يعاد ترشحه من جديد نظرا لما واجههه من مشكلات مع المتظاهرين ومع أغلب القوى السياسية وإخفاقات أدائه الحكومي لأغلب وزرائه".

وأشار أمين الحزب الطليعي، لـ"سبوتنيك" إلى أن الرئيس صالح سيلجأ إما إلى تكليف شخصية ذات قبول من المتظاهرين وأغلب القوى السياسية، أو أن يلجأ إلى خيار حل البرلمان والبدء بإجراءات انتخابات مبكرة خلال فترة قصيرة جدا، مع بقاء حكومة عبد المهدي لتصريف الأعمال الروتينية دون أي صلاحيات رئيسية.

وتابع الجميلي: "من وجهة نظرنا فإن الأمر معقد، لذلك نعتقد أن الخيار الأسلم هو خيار الشعب المصري بمنح الجيش صلاحية إدارة المرحلة الانتقالية وعملية التغيير الجذري للعملية السياسية بشكل حيادي وسلس".

وأضاف أمين الحزب الطليعي: "بعد إسناد الأمر للجيش  يتم تشكيل مجلس مستقل عسكري ومدني مشترك إلى جانب حكومة مصغرة، لطرح مشروع دستور جديد يلغي الفيدرالية ويتبنى نظاما رئاسيا برلمانيا مختلطا، ومحاسبة الفاسدين وقتلة المتظاهرين وإستعادة الأموال المنهوبة، ومن ثم الاتجاه الى إنتخابات نزيهة بقانون جديد ومفوضية مستقلة".

زيارة شمخاني

ويقول عبد القادر النايل، المحلل السياسي العراقي إن "عادل عبد المهدي، المدعوم إيرانيا، وبشكل صريح منذ تقديم استقالته وقبولها في البرلمان، مازال يمارس صلاحيات رئيس الوزراء من دون أي محاسبة مع أن القانون ينص أنها حكومة تصريف أعمال وهذا يدلل على أنه مطمئن ببقاءه رئيسا للوزراء".

وأضاف المحلل السياسي العراقي لـ"سبوتنيك": "ما يدلل بوضوح على أن القرار العراقي مرهون لدى طهران، هو الزيارة المستفزة لشمخاني، رئيس الأمن القومي الإيراني أمس لبغداد واجتماعه بجميع الكتل السياسية لحسم ملف رئيس الوزراء، يعد  تدخل سافر وتحدي صارخ للمجتمع الدولي، وحسب التسريبات الأولية فإن شمخاني طلب إعادة عادل عبد المهدي، بعد أن يسحب استقالته".

وتابع النايل: "الطلب الثاني لرئيس الأمن القومي الإيراني خلال زيارته لبغداد تمثل في تسمية شخصية خاضعة لإيران لشغل مقعد رئيس الحكومة، لأن الايرانيين يريدون استكمال مواجهة العقوبات الأمريكية من خلال استخدام العراق في تهريب النفط واستخدام الطرق العراقية لنقل مليشياتها وأنشطتها في المنطقة لاسيما سوريا، فضلا عن استخدام السفارات العراقية في دول العالم".

استغلال كورونا 

وقال النايل: "أتوقع أن يزداد العمل مع إيران في تلك المرحلة من خلال أكذوبة محاربة فيروس كورونا، التي نجحت إيران في تصديره للعراق والدول العربية التي تريد إيران بعد تصديره من صناعة فرصة لعرض نفسها أن تساعد العراق في محاربته كما حاربت تنظيم "داعش" الإرهابي، وهي فرصة التدخل أكثر بعد انحسار نفوذها بسبب التظاهرات العراقية". 

"حزب الله" العراقي يتهم مرشحا لرئاسة الحكومة بالمساعدة في اغتيال سليماني
وأكد المحلل السياسي العراقي على أنه لا يوجد أي سند قانوني لعودة عادل عبد المهدي لأنه قدم استقالته وقبلت بتصويت برلماني وتم استخدام المادة 76 من الدستور الحالي بتقديم مرشح الكتلة، الذي رشحته سائرون بتوجيه مقتدى الصدر، الذين فشلوا في تمرير علاوي"، مضيفا: "كان الأجدر أن يتولى برهم صالح رئاسة الوزراء حسب المادة 81 من الدستور الحالي بعد خلو المنصب وصلاحياته".

وأوضح عبد القادر النايل: "نؤكد أن الغياب الطوعي، الذي أعلنه عادل عبد المهدي لا أساس له، حيث لم يغب عبد المهدي عن إدارة البلاد لحظة حتى الآن، وهذا يدلل على تحايلهم على القوانين، التي يحتكمون عليها مما سيزيد من التدهور السياسي والاقتصادي والأمني خلال الأشهر القادمة".

واندلعت الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العاصمة بغداد، ومحافظات الوسط، والجنوب، منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في أكبر ثورة شعبية يشهدها العراق منذ الاجتياح الأمريكي وإسقاط النظام السابق، الذي كان يترأسه صدام حسين، عام 2003.

ويرفض المتظاهرون العراقيون، التخلي عن ساحات الاحتجاج، التي نصبوا فيها سرادقات عديدة للمبيت على مدار 24 ساعة يوميا وفي ظل التحذيرات من انتشار مرض كورونا بينهم، لحين تلبية المطالب كاملة، بمحاكمة المتورطين بقتل المتظاهرين، وسراق المال العام، وتعيين رئيس حكومة جديد من خارج الأحزاب، والعملية السياسية برمتها.

وعلى الرغم من استطاعة المتظاهرين في العراق، إقالة رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي واعتذار محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة، إلا أنهم يصرون على حل البرلمان، وتعديل الدستور، بإلغاء المحاصصة الطائفية، وإقامة انتخابات مبكرة لاختيار مرشح يقدم من الشعب حصرا.

مناقشة