على تخوم العاصمة التونسية وفي حي التضامن، أكبر حي شعبي في تونس، وفي أفريقيا (يضم أكثر من 500 ألف نسمة) يزدحم مقهى مخصص للنساء فقط ممن هربن من الاختلاط بحثا عن الخصوصية وأحيانا الحرية.
ممنوع على الرجال
في مدخل المقهى تعترض الرواد لافتة كتب عليها "للنساء فقط"، في إشارة إلى أن المقهى لا يستقبل الرجال وإنما هو مخصص للجنس اللطيف، وتمنع ستائر رسم عليها وجه مارلين مونرو عيون المتطفلين من الشارع المزدحم بمقاهي الرجال عن رؤية ما في الداخل.
تقول صاحبة المقهى أميرة التليلي لـ"سبوتنيك"، وهي خريجة تصميم الأزياء تبلغ من العمر ستة وعشرين ربيعا، إنها أنشأت هذا المقهى انطلاقا من حاجة النساء في حيّها إلى مكان يستطعن الجلوس فيه بحرية.
وتتابع أميرة "في حينا الشعبي المحافظ لا يَسمح الرجال عادة لنسائهم أو أخواتهم أو بناتهم بالجلوس في المقاهي المختلطة خوفا من التعرض للمضايقات"، مضيفة "في حينا لا تجد الفتيات مكانا يجلسن فيه ويتحدثن بحرية عن أمورهن الخاصة في مأمن من الآذان المتلصصة، والمقهى الذي أنشأته يوفر هذه الخصوصية".
"هذا المقهى يمثلني"
معظم زبائن هذا المقهى من الفتيات الشابات اللاتي يأتين للدراسة ولإعداد بحوثهن الجماعية، وبعضهن نساء متقدمات في السن تأتين للدردشة وتمضية الوقت، وأخريات تصطحبن أطفالهن لتذوق ما تعده العاملات في المقهى من مرطبات.
تقول خولة السويسي إحدى رائدات المقهى "هذا المكان يمثلني، فهنا أجد الهدوء والراحة ولا أتحرج من الحديث أو الضحك بصوت مرتفع خوفا من الحكم عليّ بأنني غير مهذبة".
وتضيف محدثتنا "في حي التضامن تخشى الفتيات عادة من الأماكن المزدحمة نظرا لانتشار ظواهر السرقة والنهب، لذلك فإن هذا المكان يعتبر آمنا بالنسبة لنا".
من جانبها تقول سمية: "لا يسمح لي أخي بالجلوس في المقاهي التي يوجد فيها الرجال، فهو يخشى أحاديث الناس وأحكامهم المسبقة، نحن ما زلنا نعيش في وسط يعتقد أن جلوس الفتاة في المقاهي مع الرجال عار وأمر مشين".
وتستدرك سمية "منذ أن تم فتح هذا المقهى الخاص بالنساء، أصبحت عائلتي تسمح لي بالذهاب إليه رغم رفضها في البداية".
مقهى بمقاييس خاصة
عبارة "للنساء فقط" تنطبق أيضا على ديكور المقهى الذي طبعت فيه صاحبته لمساتها الفنية الخاصة مستخدمة خبرتها في مجال تصميم الأزياء.
تقول أميرة صاحبة المقهى "تطلّب مني إنشاء هذا المشروع الكثير من الجهد والصبر، وقد استغرق مني ذلك عاما تقريبا، فأنا لم أعول على مصممي الديكور، بل حاولت بصحبة أخي توظيف مخيلتنا لإضفاء لمسات أنثوية على المكان حتى يناسب جميع الأذواق".
ولا يكتفي مقهى "لوباروك" بمنح الإناث فرصة الجلوس بحرية، فهو يوفر فضاءات خاصة ليمارسن هواياتهن أو أنشطتهن.
ففي المقهى يوجد ركن للكتب لمن يرغب في المطالعة، وركن آخر لمن يريد ممارسة العزف على آلات الموسيقى، كما يحتوي أيضا على مكان لالتقاط الصور الشخصية، أما الجزء العلوي فهو مخصص للفتيات ممن يرغبن في الدراسة في جو هادئ.
وتطمح صاحبة المقهى إلى توسيع المكان وإضافة ركن آخر ستخصصه للصغار حتى تجد الأمهات فرصة للحديث بحرية دون الخوف على أطفالهن.
وتشجع أميرة المستثمرين على إنشاء فضاءات خاصة بالنساء، والتي تقتصر حاليا على صالونات التجميل والحلاقة ومراكز الاستحمام بينما تزدحم الشوارع بمقاهي الرجال.