العقوبات الأمريكية الجديدة تأتي في ظل ما تعانيه طهران من أزمة طاحنة جراء انتشار الوباء هناك، في ظل نقص الأدوية والمستلزمات الضرورية التي تحول دون مجابهة المرض، الأمر الذي دفع الرئيس الإيراني حسن روحاني باتهام الإدارة الأمريكية بـ "مناصرة" فيروس كورونا عبر مواصلة تطبيق العقوبات.
وفي ظل المناشدات الدولية المتكررة، خاصة الأوروبية منها والتي تأتي في إطار محاولة الحفاظ على بقاء إيران في الاتفاق النووي، طرح البعض تساؤلات بشأن مدى إمكانية استجابة واشنطن للضغوط الدولية لتخفيف العقوبات.
عقوبات جديدة ومطالب دولية
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، استهداف عددا من الكيانات الإيرانية، ثلاث شركات صينية هي "داليان غولدن صن" للاستيراد والتصدير و"تيانياي إنترناشيونال" و"أوشنج شيب مانجمنت"، وشركة الاستثمار للأمن الاجتماعي التابعة للقوات المسلحة في إيران.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت أن الولايات المتحدة تتعمد منع إيران من محاربة فيروس كورونا المستجد، الذي تحول إلى وباء عالمي، وطالبت الخارجية الروسية واشنطن برفع العقوبات عن إيران على الفور، لأن الوقت ليس مناسبا لتسوية الحسابات الجيوسياسية.
وطالبت الصين أيضا الولايات المتحدة برفع العقوبات عن إيران فورا، وذلك لمساعدة طهران في مواجهة تفشي فيروس كورونا.
ضغوطات دولية
محمد حسن البحراني، المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، قال إن "السياسية الأمريكية تجاه إيران ما زالت قائمة، وإدارة ترامب مصرة على التعامل المؤذي بطهران رغم الظروف الصعبة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "مع انتشار فيروس كورونا في إيران ومعظم بلدان العالم، الظروف أصبحت صعبة، والمسألة تتسم الآن بجانب إنساني أكثر منه سياسي، لكن إدارة ترامب لا تعرف سوى مبدأ المصالح السياسية والاقتصادية".
وأكد أن "إيران أجرت العديد من الاتصالات مع الدول الأجنبية من بينها الأوروبية، وهناك مطالب الآن دولية لواشنطن بضرورة التخلي عن العقوبات، ولو بشكل مؤقت حتى تستطيع طهران العبور بسلام من هذا الوباء".
وعن إمكانية استجابة أمريكا، قال: "في ظل فرض عقوبات جديدة، لا أتوقع أن يستجيب ترامب للنداءت، ما لم تتصاعد الضغوط الدولية والإقليمية على الإدارة الأمريكية لإجبارها على رفع العقوبات ولو بشكل مؤقت وجزئي".
تحرك أوروبي ولكن
من جانبه قال مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، إن "في ظل موقف الإدارة الأمريكية من إيران، لا يمكن لأحد الاعتقاد بأن ترامب سيغير من سياساته تجاه طهران، حتى في ظل انتشار وباء كورونا بطريقة مأساوية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، ان "ترامب لا يعتقد بالعمل الدولي المتعدد الأقطاب، بل دخل في عملية تسكير عظام مع النظام الإيراني، وفرض عقوبات اقتصادية حازمة بهدف إجبارها للجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم كل التنازلات المطلوبة".
وتابع: "لا أحد يعول صراحة على تغيير ترامب لمعتقداته واستراتيجيته التي يتبعها مع طهران بسبب وباء كورونا، وإن من الممكن أن يقدم على خفض أو تعليق العقوبات التي يفرضها، وكذلك سيؤثر الموقف الأمريكي على كل الخطوات التي يمكن أن تقدمها المؤسسات المالية الدولية".
وفيما يخص أوروبا، قال: "الدول الأوروبية لديها إحساس وشعور بالمسؤولية تجاه ما يحدث في المنطقة، فمنذ انطلاق الأزمة تعمل على تخفيف العقوبات الاقتصادية على طهران، لدفعها للبقاء في الاتفاق النووي، وكذلك طمأنة الشعب الإيراني على أنه سيجني ثمار علاقاته المستقرة مع المجموعة الدولية".
واستطرد: "نحن أمام مفارقتين، مفارقة ترامب الذي يريد أن يستعمل كل الوسائل بما في ذلك العقوبات الخانقة لكسر أذرع النظام الإيراني، والموقف الأوروبي الذي يسعى للحفاظ على الاتفاق".
وأنهى حديثه قائلًا: "أوروبا منذ انتشار وباء كورونا تبذل كل جهودها للخروج من الأزمة، خصوصا لتجنب ارتدادتها الإقليمية على الحلفاء من بينهم إسرائيل والدول الخليجية والعربية، وكذلك للمشاركة في الحرب العالمية على وباء كورونا".
رسالة إيرانية
وقال الرئيس الإيراني في رسالته الموجهة إلى الشعب الأمريكي، إن "طهران تتعرض لأقسى إرهاب اقتصادي أمريكي في التاريخ والإدارة الأمريكية غير مستعدة للتخلي عن سياسة الضغوط القصوى وهي تناصر الفيروس عبر مواصلة العقوبات".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة منذ انسحابها من الاتفاق النووي مع طهران في مايو 2018 فرضت أكثر من مئة حزمة من العقوبات التي استهدفت النظام الاقتصادي والمالي لإيران، مما أدى إلى أضرار بمليارات الدولارات للشعب الإيراني وقلص من قدرات إيران على مكافحة فيروس كورونا.
ودعت 25 منظمة أمريكية تضم جماعات حقوقية وجمعيات خيرية ومراكز فكر، إدارة ترامب على رفع العقوبات عن إيران لمساعدتها في مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفي رسالة نشرها المجلس القومي الأمريكي الإيراني عبر موقعه الرسمي، دعت المنظمات الرئيس ترامب ووزير الخزانة ووزير الخارجية، الإدارة لإعادة تقييم سياستها تجاه إيران في أعقاب الوباء.
وأعلن مستشار وزير الصحة الإيراني، علي رضا وهاب زاده، أمس الجمعة، أن عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد بات يقارب الـ 20 ألف مصاب في البلاد، بينما ارتفع عدد الوفيات على خلفية الإصابة إلى 1433.
وقال مدير مركز العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني كيانوش جهانبور: "في كل ساعة تقريبا يصاب 50 شخصا بفيروس "كوفيد-19"، كما يموت شخص مصاب بهذا الفيروس كل 10 دقائق كمعدل".