في عام 2003، تسببت متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (SARS-CoV) في تفشي مرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) في الصين وهونغ كونغ.
وفي عام 2012، أدى الفيروس التاجي (MERS-CoV) إلى انتشار متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) في السعودية والإمارات وكوريا الشمالية من بين بلدان أخرى.
في كلتا الحالتين، كانت الفيروسات التاجية جديدة على العلم، ولحسن الحظ، تم احتواء الفاشيتين بفضل مزيج من التدخل البشري والظروف الطبيعية غير المعروفة.
"كورونا"... حديث العالم
لكن في عام 2020، أصبحت الفيروسات التاجية اسما مألوفا على جميع الاسماع في جميع أنحاء العالم. فقد سمع معظم الناس حتى الآن عن متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (SARS-CoV) أو ما يعرف بـ"كوفيد 19".
قد لا يدرك البعض أن "كوفيد 19" ينتمي إلى عائلة من الفيروسات، التي يخشى العلماء من أنها آخذة في التوسع.
يعرف العلماء قدرا كبيرا عن الفيروسات التاجية البشرية، لكننا لا نعرف كل شيء عنها، وهناك احتمال أن يكون العلماء قد فشلوا -حتى الآن- في التعرف بشكل جيد على جائحة فيروس كورونا في القرن التاسع عشر.
في هذا الموجز، نستعرض تاريخ السلالة الآخذة في التمدد والذي يمكن أن يقدم شيئا للتعامل مع وباء "كوفيد 19" وكذلك الاستجابة المناعية البشرية.
علاقات أسرية...
اعتمدت اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات تسمية أكثر من 40 فيروسا تاجيا، تصيب الغالبية العظمى منها الحيوانات.
وقد أدى تفشي "كوفيد 19" إلى رفع عدد الفيروسات التاجية المعروفة والتي تصيب البشر إلى سبعة؛ أربعة منها مكتسبة من المجتمع وتنتشر بين البشر باستمرار منذ فترة طويلة.
والثلاثة الأخيرة وهي؛ سارس، وميرس، و"كوفيد 19" بدأت في الانتشار بين البشر مؤخرا، لكن ما يُثير القلق أن هؤلاء الثلاثة يؤدون إلى ارتفاع ملحوظ في معدل الوفيات.
جميع الفيروسات التاجية تكون حيوانية المصدر، إذ تبدأ في الحيوانات ويمكن بعد ذلك، بعد التحور وإعادة التركيب والتكيف، الانتقال إلى البشر.
وتتسبب العديد من الفيروسات التاجية الحيوانية في حدوث عدوى طويلة الأمد أو مستمرة، إذ تصيب الحيوانات في مكان معين أو خلال موسم معين.
"كورونا" يتمدد...
في الوقت نفسه، تبدأ الفيروسات التاجية الحيوانية في التطوّر والتكيف مع مضيفها الاحتياطي على مدى فترة طويلة جدا، لهذا لا تتسبب الفيروسات التاجية الحيوانية المصدر في حدوث أعراض في مضيفها الاحتياطي، وحتى إذا حدث ذلك، تكون الأعراض خفيفة جدا.
ومع ذلك، فإن القلق هو أن هذه الفترات الممتدة من عدوى الفيروس التاجي الحيواني -جنبا إلى جنب مع معدل إعادة التركيب المرتفع مع الفيروسات الأخرى بالإضافة إلى معدل الطفرة المرتفع- تزيد من احتمالية تطوّر فيروسات تاجية متحولة لديها القدرة إلى الانتقال إلى مضيف آخر.
ويُتوقع -ولكن لم يثبت بعد- أنه فقط بعد فترة طويلة جدا من التكيف والتطور المشترك، يمكن للمضيف الجديد أن يتكيف بشكل كاف مع الفيروس حتى يتمكن من محاربته بشكل أكثر فعالية، ما يؤدي إلى أعراض أخف.
لدى الفيروسات التاجية البشرية السبعة المسجلة، عددا من الثدييات التي تعد مضيفات وسيطة لها، ما يعني أنها انتقلت إلى البشر عبر عدد قليل من الحيوانات الأخرى بعد أن نشأت على الأرجح في الخفافيش والقوارض.
وعادة ما تتسبب الفيروسات التاجية البشرية الأربعة المكتسبة من المجتمع - مكتسبة أو تنشأ بين عموم السكان- في أعراض خفيفة تشبه البرد لدى البشر.
كان اثنان منها؛ "hCoV-OC43" و"hCoV-229E"، مسؤولين عن نحو 10 ٪ و30 ٪ من جميع نزلات البرد الشائعة منذ حوالي الستينيات.
على الرغم من أن هذه الفيروسات التاجية تسبب العدوى على مدار العام، تحدث طفرات في العدوى خلال فصل الشتاء وأوائل الربيع، كما هو الحال مع فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، مثل فيروس الإنفلونزا، لكن أسباب ذلك ليست واضحة تماما.
تصيب هذه المجموعة من الفيروسات التاجية البشرية عادة جميع الفئات العمرية، وتعد حالات إعادة العدوى المتعددة شائعة طوال حياة الإنسان.
يفتك بالماشية أيضا...
يستخدم التأريخ الجزيئي في العلوم البيولوجية لتقدير عمر الأحداث التطورية. وقد تم استخدامه بشكل متكرر للتحقيق في أصل الأوبئة الفيروسية.
ويرى باحثون بأنه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أصاب مرض تنفسي شديد العدوى بمعدل مرتفع للوفيات، يُعرف الآن باسم الالتهاب الرئوي البلوري المعدي قطعان الماشية حول العالم.
على الرغم من أن معظم الدول الصناعية شنت عمليات إعدام جماعية ضخمة في الفترة ما بين 1870 و1890 وكانت قادرة على القضاء على المرض بحلول بداية القرن العشرين، فمن المحتمل أن يكون الفيروس انتقل إلى موظفي إعدام الحيوانات وتجار الحيوانات والمزارعين.
في نفس الوقت تقريبا الذي كان يعتقد أن هذا الفيروس قد يكون انتقل من البقر إلى الإنسان، كان وباء انفلونزا آخر ينتشر في جميع أنحاء العالم.
وتميز هذا الوباء -في الفترة بين 1889-1890- بشعور عام بالمرض وعدم الراحة والحمى وأعراض الجهاز العصبي المركزي، لكن الغريب أن أعراض الجهاز العصبي المركزي الملحوظة كانت أكثر وضوحا خلال هذا الوباء منها في حالات تفشي الإنفلونزا الأخرى.