في ظل تمسك "أوبك" بموقفها...ما حجم أضرار الاقتصاد العالمي حال انهيار أسعار النفط

حالة من القلق تسود العالم، لكنها هذه المرة ليست بسبب أزمة كورونا فحسب، حيث يوشك الاقتصاد العالمي على التدهور بشكل كبير.
Sputnik

توقعات الخبراء تشير إلى تراجع كبير في أسعار النفط العالمي، وذلك بعد إخفاق منظمة أوبك في التوصل إلى اتفاق جديد بشأن سقف الإنتاج، والمتوقع أن نشهد حربا كبيرة خلال أبريل/ نيسان المقبل مع انتهاء الاتفاقية السابقة، إضافة إلى تراجع مؤشرات النمو واحتمالية توقف الكثير من المشروعات الاستثمارية حول العالم إزاء استمرار تفشي وباء كورونا.

بالأمس القريب أبدت الدول الأعضاء في منظمة أوبك عدم تأييدها لطلب رئاسة المنظمة إجراء مشاورات طارئة بشأن تهاوي أسعار النفط.

وزارة الطاقة السعودية: لا يوجد مباحثات مع الجانب الروسي بخصوص زيادة أعضاء "أوبك+"
ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مندوب في أوبك القول إن الجزائر، التي تشغل الرئاسة الدورية للمنظمة في الوقت الحالي، دعت الأمانة العامة لأوبك إلى عقد اجتماع للجنة المعنية بتقييم أحوال السوق في الوقت الذي تدهورت فيه الأسعار بسبب جائحة كورونا، وحرب الأسعار، إلا أن الدعوة  لم تحظ بموافقة الأغلبية اللازمة لعقد الاجتماع.

ماذا بعد رفض أوبك

حول رفض بعض أعضاء أوبك مناقشة الوضع، قال الدكتور منصف الشلوي، خبير الطاقة والنفط الليبي، إنه لا يمكن وضع تصور علمي اقتصادي لرفض عدد من دول أوبك، وتأتي على رأسها المملكة السعودية، دعوة رئيس المنظمة الجزائري لإجراء مشاورات لأعضاء منظمة أوبك لمناقشة تهاوي أسعار النفط.

وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذا الرفض لعقد اجتماع للجنة الفنية المكلفة بتقييم السوق لا يمكن أن يأتي إلا في إطار المناكفة بين كبرى الدول المنتجة للنفط، وأنها تسببت بشكل مباشر في تدهور سريع بأسعار النفط العالمية، ناهيك عن حجر أكثر من 140 دولة على مستوى العالم لمواطنيها، في ظل انتشار جائحة فيروس" كورونا".

وتابع "المتوقع الآن، وفي ظل الظرف المعيشي الذي يعيشه العالم، وفي ظل تراجع طلب الوقود بسبب تنفيذ أغلب سكان العالم لتعليمات الأنظمة الصحية، وهذا التعنت الذي تمارسه السعودية ودول كثيرة من الأوبك، سيتسبب في تهاوي أسعار النفط".

تراجع الأسعار

وتوقع  زيادة الانحدار بسعر النفط لأكثر من  10%، وذلك خلال الأسبوعين القادمين، وأن هذه الخسائر سيتهاوى معها النشاط الاقتصادي العالمي، والاستثمارات المتداولة بين دول العالم المختلفة.

"أوبك" لم تعد قادرة على تنظيم أسعار النفط
بحسب الشلوي، فإن هناك بعض الدول المنتجة ستوقف انتاجها حين تكون تكاليف الإنتاج والشحن بمنتوجها النفطي إلى مصافي التكرير تتجاوز قيمة أسعار النفط العالمية المتداولة.

تتضاعف الأزمة في الوقت الراهن خاصة في ظل تراجع الطلب على النفط، ووجود الكثير من الفائض في الأسواق، وتوقعات الخبراء بتراجع أكبر في ظل استمرار إجراءات الحجر التي أعلنتها الدول في وقت سابق، ومن غير المتوقع انتهائها قريبا.

المهندس ربيع ياغي، الخبير النفطي اللبناني، يرى أن عدم اتفاق أوبك بقيادة السعودية التي هي أكبر منتج للنفط مع روسيا من خارج أوبك على الاتفاقية التي كانت موجودة، وغياب أفق أي توافق سيؤدي إلى فتح سقف الإنتاج وإغراق السوق بالنفط الخام.

ظروف غير عادية

وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذا الإجراء في الظروف الطبيعية يؤدي إلى تدهور الأسعار، وأنه في ظل جائحة كورونا تتضاعف الأعباء، خاصة مع تراجع الطلب على النفط الخام ومشتقاته، وأن الفائض الضخم من الفائض سيؤدي إلى انهيار الأسعار بشكل كبير.

بحلول 1 أبريل/نيسان ستشتعل حرب الإنتاج، وكذلك حرب الأسعار، وهو ما يؤكده ياغي، وأن ذلك سينعكس بشكل كبير على الدول المنتجة للنفط.

الكثير من الخبراء أكدوا أن الخسائر ستنعكس على الجميع بنسب متفاوتة، إلا أنه في ظل أزمة كورونا يمكن للخسائر أن تتضاعف، فيما تتهاوى الأسعار، وهو ما يعتبره البعض من مصلحة الدول المستوردة، إلا أن المخزون الاستراتيجي لهذه الدول لن يفيدها بشكل كبير في ظل تراجع النمو خلال 2020 بشكل عالمي.

خسائر الولايات المتحدة

وأوضح ياغي أن تهاوي الأسعار لأقل من 20 أو 25 دولارا، سيؤثر بشكل كبير على الولايات المتحدة، خاصة أن تكلفة إنتاج النفط الصخري تتراوح بين 24 و28 دولارا للبرميل الواحد، وأن أمريكا قد تلجأ إلى شراء النفط بأسعار منخفضة لزيادة مخزونها الاستراتيجي.

وشدد على أن خسائر أخرى تطال الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أنها كانت تخطط للتصدير بشكل كبير خلال عام 2020.

توقف المشروعات الاستثمارية

انحفاض أسعار النفط بنسبة 30% بسبب فشل اتفاق أوبك+
ويرى أن الاتفاق بين الدول الكبرى يمكن أن يجرى بعد فترة حال تدهور الأسعار بشكل كبير، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على تدني الأسعار وتوقف بعض الاستثمارات والمشروعات الكبرى، وحينها لن تجد الدول أمامها سوى الاتفاق من جديد.

قال نائب مدير عام المعهد القومي للطاقة، الروسي ألكسندر فرولوف، "إن الجانب الأمريكي مستعد لبدء المفاوضات من أجل تفادي أزمة خطيرة في قطاع النفط الأمريكي".

وأضاف فرولوف "إن رغبة الولايات المتحدة في التأثير على سوق النفط مرتبطة بالتطورات السلبية في صناعة النفط في الولايات المتحدة نفسها. أحداث الأزمة السابقة 2014-2016 أظهرت أن صناعة النفط الأمريكية غير قادرة على المنافسة".

وتابع فرولوف "خطوة التحالف النفطي ذو أبعاد سياسية أكثر مما هي اقتصادية، فالهبوط الحالي هو مهم بالنسبة للرئيس الأمريكي، في الواقع الصناعات تحت قيادته تطورت بنشاط.

وأشار الخبير الروسي "مثل هذا التحالف، إذا حدث، لا يمكن تسميته بالعادل، ستسعى الولايات المتحدة إلى إملاء شروطها الخاصة، بدلا من الاتفاق على قدم المساواة مع الجانب السعودي".

وختم الخبير الروسي بالقول "بصراحة شكل العلاقة لا يجلب لي الكثير من التفاؤل. اعتادت الولايات المتحدة على فرض قراراتها".

إعادة هيكلة أوبك

وفي تصريحات سابقة، قال نائب المدير العام للصندوق القومي لأمن الطاقة أليكسي غريفاتش: "من المنطقي أن يتم توسيع وإعادة هيكلة مجموعة "أوبك+" لكي تضمن الاستمرار في العمل، لأنه من الضروري إشراك البلدان التي تنتج النفط الصخري، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ومن ثم يمكن الحديث عن القيود المفروضة على إنتاج سوق النفط الصخري. لأن هذه الهيكلة ستجعل المجموعة  أكثر قوة واستقرارا".

وأضاف، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، "في الواقع، الولايات المتحدة تحتاج للدخول في صفقة النفط. ربما لم تبق دولة أخرى بخلاف "أوبك+" لا تحتاج إلى هذا مثل الولايات المتحدة الآن. بالنظر إلى أن الولايات المتحدة كانت خارج الصفقة، فقد تبين أنها مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط. ولكن عندما خرج توازن العرض والطلب عن السيطرة، كان من المستحيل الحفاظ على أسعار النفط مرتفعة".

وتابع "حاليا، من أجل تحقيق الاستقرار، من الضروري بذل جهود مشتركة لجميع المنتجين الرئيسيين للمواد الخام. وهنا لا يجب استبعاد الولايات المتحدة لمجرد أنها تنتج النفط الصخري".

وتابع "بالتالي كان من الغريب أن يوجد اتفاق لمجموعة دول "أوبك+"، التي من بينها روسيا وهذه الدول تعمل معا، ولكن هناك دول ليست أعضاء في أوبك+".

وأشار إلى أن السوق بحاجة إلى تكاتف الجميع قائلا: "التقلبات ليست في مصلحة المستهلكين أو منتجي النفط. لذلك، فإن الوضع الحالي مفيد فقط للمضاربين. ومن الواضح أن المفاوضات بشأن صيغة جديدة للاتفاق بخصوص النفط  أو مراجعة عمل مجموعة "أوبك+" كانت ضرورية للغاية، لكنها ستكون بلا معنى دون مشاركة الولايات المتحدة في الحوار".

مناقشة