وفي الوقت الذي عزا فيه البعض هذا الانهيار إلى جائحة كورونا، وتداعيات انخفاض الطلب العالمي على النفط، أكد آخرون أن عدم إعلان الدول التي لم تنضم إلى تحالف "أوبك +" تخفيض إنتاجها، ألقى بأثره على الأسعار.
وفي ظل الكساد الذي تواجهه أسواق النفط، بات من الضروري طرح تساؤلات بشأن إمكانية أن تتأثر الدول العربية المصدرة للنفط، وخاصة الخليجية بهذا الانهيار، وعن الفترة الزمنية التي يحتاجها هذا القطاع للتعافي.
انهيار النفط الأمريكي
تراجعت أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ، وهو ما يعني أن شركات النفط تدفع للعملاء كي يحصلوا على منتجاتها خشية تراكم مخزون الخام لديها خلال الشهر المقبل.
وتراجع الطلب على النفط ومشتقاته خلال الأشهر الماضية بسبب إجراءات الإغلاق في مختلف دول العالم إثر تفشي وباء كورونا واضطرار الناس للبقاء في منازلهم، وتوقف العمل في العديد من المصانع.
واضطرت شركات النفط إلى استئجار ناقلات نفط ضخمة لتخزين الخام الفائض، ولذا أصبحت الشركات تدفع للمشترين لنقل الخام بعيدا عن منشآتها تفاديا لدفع أموال أكثر لتخزينه.
وفي الولايات المتحدة وصل سعر برميل النفط تسليم شهر مايو/ أيار إلى - 37.63 دولار خلال تعاملات أمس الاثنين.
وبالنسبة لتعاقدات تسليم شهر يونيو/ حزيران المقبل، وصل سعر البرميل إلى 20 دولارا فقط. وتراجع خام برنت القياسي في نفس الفترة بنسبة تقترب من 9 في المئة ليصل إلى 26 دولارا.
وتأثرت أسعار النفط العالمية خلال الأشهر الماضية بعاملين رئيسيين: تراجع الطلب العالمي والصراع الواضح والمعلن بين منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وروسيا بسبب الخلافات على حجم الإنتاج اليومي.
وفي وقت مبكر من الشهر الجاري، اتفق أعضاء أوبك وحلفاؤهم أخيرا على صفقة تاريخية لتخفيض المنتج اليومي بنحو 10 في المئة وهو ما يعد أكبر تخفيض من نوعه.
سبب الانهيار
الدكتور مبارك محمد الهاجري، المستشار النفطي الكويتي، قال إن "ما حدث أمس من انهيار لأسعار النفط كان بسبب المضاربات التي تمت في أسعار نفط غرب تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك": "عقود بيع وشراء النفط في الأسواق العالمية يكون بنظام الآجل، وأبرمت العقود في يناير بأسعار مرتفعه، وكان من المقرر بيعه بسعر 60 دولارًا في مايو/ أيار المقبل في ظل توقعات سابقة بارتفاع الطلب".
وتابع
لكن ما حدث كان على عكس المتوقع، كان هناك زيادة في المعروض وقلة كبيرة في الطلب، وحدث تخمة في الأسواق العالمية هوت بالأسعار، خاصة أنه بحلول وقت استلام النفط رفض البعض استلامه بسبب امتلاء الخزانات المخصصة لتخزين النفط، ما دفع المنتجين إلى خفض أسعاره حتى وصلت بالسالب لأول مرة.
إصابة غير مباشرة
وتابع: "أكد ترامب في خطاب له على أنه أمر بفتح الخزانات الفيدرالية لتخزين النفط، ومساعدة المنتجين في الحفاظ على مخزونهم، من أجل تفادي هذه الأزمة".
وفيما يخص تأثر البلدان العربية، قال إن "ما حدث أزمة داخلية أمريكية، ولن يكون هناك أي تأثير مباشر عليها، لكن سيكون هناك تأثيرات غير مباشرة، مثل هلع السوق، حيث أن أسواق النفط حساسة لأقل أزمة، أو أي هبوط في الأسعار".
بسؤاله عن المستفيد من هذا الانهيار، قال: "لا يوجد مستفيدون الكل خاسر، والخسارة كبيرة بالنسبة للعقود العاجلة لشهر مايو، أما فيما يخص العقود الآجلة لشهر يونيو/ حزيران، هناك أيضًا تحوف من تكرار نفس السيناريو".
تأثر كبير
بدوره قال محمد غزلي، خبير الطاقات الجزائري إن "ما حدث أمس من انهيار لأسعار النفط الأمريكية حتى وصلت الأسعار لأول مرة في الأسواق بالسالب سيكون له تأثيرات كبيرة على الدول العربية المصدرة للنفط".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "هذا الانهيار سينتج عنه تعطيل كبير على الدول المنتجة للنفط خاصة الدول العربية والخليجية".
وأكد أن "بعد مرور الأزمة، لن يكون هناك انتعاش في أسواق النفط بالسرعة التي يتوقعها البعض، الأمر سيتم بشكل متباطئ، والتحسن سيكون طفيفًا".
وأشار إلى أن "الدول العظمى تحاول حاليًا التفكير في مرحلة ما بعد هذه الأزمة، لكن في النهاية عودة السوق على ما كانت عليه سكون ببطء شديد، والدول العربية المنتجة للنفط لن تفلت من هذا الأمر".
اتفاق أوبك
وتوصلت دول مجموعة "أوبك+" إلى اتفاق يقضي بخفض إنتاج النفط، على ثلاث مراحل، تبدأ في مايو المقبل وتنتهي في عام 2022، في خطوة وصفت بالتاريخية.
وبحسب الاتفاق تشمل عملية الخفض في مرحلتها الأولى 9.7 مليون برميل يوميًا بداية من مايو/ أيار إلى يونيو/ حزيران، فيما تبلغ المرحلة الثانية 7.7 مليون برميل في النصف الثاني من العام الجاري، والمرحلة الثالثة بواقع 5.8 مليون برميل حتى نهاية شهر أبريل/ نيسان 2022.