لماذا أوقفت الحكومة العراقية مستحقات إقليم كردستان دون سابق إنذار؟

عاد التوتر من جديد بين إقليم كردستان والحكومة الإتحادية في بغداد بعدما كشف النقاب عن وثيقة لأمانة سر مجلس الوزراء العراقي، صادرة في منتصف الشهر الجاري أبريل/نيسان تقضي بوقف مستحقات موظفي الإقليم.
Sputnik

 يأتي هذا في الوقت الذي لم تنقطع فيه التفاهمات والمشاورات بين الجانبين منذ توقيع الاتفاق نهاية العام الماضي، فما الذي دفع بغداد للقيام بتلك الخطوة في تلك الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد؟

رئيس كتلة يكشف موعد التصويت على الحكومة العراقية الجديدة في مكان آخر
قال كفاح محمود، الباحث في الشؤون الكردية، إن القرار الي اتخذ من جانب مجلس الوزراء العراقي كما عرف هنا في الإقليم ولدى كثير من الخبراء السياسيين والقانونيين بأنه غير قانوني وغير دستوري، وربما يكون قرار سياسي للضغط على الإقليم فيما يتعلق بتشكيل الوزارة أو لربما يريد الذهاب بالعلاقات بين أربيل وبغداد بعيدا إلى حد القطيعة.

وأضاف الخبير في الشؤون الكردية لـ"سبوتنيك"، أن الإقليم سبق كل هذه المحاولات وأرسل وفدا رفيع المستوى أمس الأربعاء إلى بغداد برئاسة نائب رئيس الوزراء الكردستاني، يرافقه وفد من المختصين بالمالية والعلاقات بين بغداد وأربيل، وقد التقى الوفد بوزير النفط في الحكومة الاتحادية والسفير الأمريكي، وهناك لقاء مقرر مع رئيس حكومة تصريف الأعمال.

وتابع محمود، إن ما يثير الاستغراب في البيان الصادر عن أمانة سر مجلس الوزراء كان بتاريخ 16 أبريل/نيسان الجاري، في الوقت الذي كان هناك وفد كردستاني رفيع المستوى يزور بغداد والتقى وزيرا النفط والمالية وعدد من المسؤولين العراقيين يومي 18 و19 من الشهر الجاري، وخرج الطرفان ببيان في أعقاب اللقاءات بأن المحادثات كانت إيجابية جدا.

وأشار الباحث في الشؤون الكردية إلى أن البيان أوضح أنه تم الإتفاق ووضع خارطة طريق للمرحلة القادمة، وأن الإيراد 250 ألف برميل من نفط الإقليم يتم توريدها لشركة "سومو" العراقية مقابل نصف رواتب موظفي الإقليم، لكن بكل أسف صدر بيان أمانة سر مجلس الوزراء العراقي بعد عودة الوفد الكردي للإقليم بيوم واحد، الأمر الذي يعطي انطباعا بأن هناك أطراف سياسية لا يهمها تقدم المفاوضات بين بغداد وأربيل، وربما تذهب تلك القوى بعيد في محاولة تأخير تشكيل الحكومة الجديدة ووضع العراقيل أمامها.

العراق يطلق رابع رحلاته الاستثنائية إلى موسكو لإجلاء رعاياه العالقين

وفي نفس السياق، قالت الدكتورة فيان صبري رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، إن تجدد الخلافات بين الإقليم والحكومة العراقية، جاء نتيجة الكتاب أو البيان الرسمي الصادر من الأمين العام لمجلس وزراء حكومة العراق الاتحادي إلى وزارة المالية بإيقاف مستحقات الإقليم.

وتابعت النائبة الكردية لـ"سبوتنيك"، كان هناك اتفاق سابق بين الحكومتين منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول 2019، يقضي بتسليم النفط مقابل الموازنة، لأن موازنة 2020 لم تأت إلى مجلس النواب، فمن المفترض العمل بقانون موازنة 2019، "وفي اعتقادي أن الأمر يدخل في إطار الضغط السياسي، وهو أمر غير قانوني وغير دستوري، ومخالف لحقوق المواطنة والاتفاقات السياسية".

وأشارت صبري إلى أن الوفد الكردستاني الذي وصل أول أمس الثلاثاء إلى بغداد مستمر في لقاءاته ومشاوراته ويبدو أن الأمور إيجابية حتى الآن، ولا تعتقد أن هذا الأمر يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة التي يترأسها مصطفى الكاظمي.

وخلال زيارته إلى بغداد، التقى وفد إقليم كردستان، أمس الأربعاء، السفير الأمريكي في بغداد، ماثيو تولر، وبحسب بيان لمكتب نائب رئيس حكومة الإقليم قال إن الاجتماع ناقش المسائل العالقة بين حكومتي بغداد وأربيل، وسبل مواجهة وباء كورونا.

كما قالت وسائل إعلام كردية إن وفد كردستان، والسفير الأمريكي، شددا على ضرورة أن تساهم أمريكا وبريطانيا في عملية التهدئة، وحل المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم كردستان. ووجهت حكومة إقليم كردستان، أمس الأربعاء، رسالة إلى حكومة تصريف الأعمال طالبتها بصرف مرتبات موظفي الإقليم.

وجاء في الرسالة التي تناولتها العديد من وسائل الإعلام أن "الدستور ضمن حق المشاركة كمبدأ لتأسيس النظام الاتحادي الفيدرالي للأقاليم، والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وفقا لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص"، موضحة أن الإيعاز بوقف تمويل مرتبات موظفي إقليم كردستان يعد تجاوزا على مبدأ المساواة، وتكافؤ الفرص، خصوصا أن مرتبات بقية المحافظات العراقية تسير بانسيابية.

السفير الإيراني في العراق يكشف حقيقة التصريح المنسوب له حول فتح المطارات العراقية

وأضافت أن "إقليم كردستان يستحق شهريا نسبة 1/12 من المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية 2019 أسوة ببقية المحافظات العراقية"، مبينة أن المستحقات المالية للإقليم لم تصرف خلال الأشهر التي مضت من العام الحالي، باستثناء تعويضات موظفي الإقليم البالغة 452 مليار دينار عراقي "ما يعادل 376 مليون دولار".

وأوضحت رسالة كردستان لبغداد أن الإقليم يؤيد تسوية المستحقات المالية مع الحكومة العراقية، وفقا للآليات المنصوص عليها في قوانين الموازنة الاتحادية، من أجل ضمان حقوق والتزامات الطرفين، مبينةً أن موقف الإقليم ثابت تجاه حسم الملف وفقا للدستور والقانون وعلى أساس الشراكة، داعية إلى إعادة النظر بقرار بغداد وقف تمويل مرتبات موظفي الإقليم.

وقررت الحكومة العراقية منتصف الشهر الجاري، وقف صرف مرتبات موظفي إقليم كردستان، بسبب عدم قيام الإقليم بتسليم الأموال المتفق عليها وفقا لقانون الموازنة الاتحادية.

ومع تولي رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، السلطة في الربع الأخير من 2018، جرى الاتفاق بين بغداد وأربيل على قيام الحكومة الاتحادية بدفع مرتبات موظفي الإقليم، مقابل تسلمها مبالغ بيع 250 ألف برميل يوميا من إقليم كردستان، وتم تضمين ذلك كبند في قانون موازنة 2019، إلا أن أربيل لم تلتزم بذلك، بحسب تصريحات متكررة لعبد المهدي، ومسؤولين عراقيين آخرين.

مناقشة