وقعت 49 دولة إفريقية من أصل 55 في القارة السمراء على اتفاقية التجارة الحرة، لتكون المنطقة التجارية الحرة الأكبر في العالم من حيث عدد الدول المشاركة فيها، منذ تشكيل منظمة التجارة العالمية.
أعلن وامكيلي ميني الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية عن تأجيل تنفيذ الاتفاقية، التي كان مقررا لها أن تبدأ العمل مع بداية شهر حزيران/ يونيو القادم، بسبب تفشي جائحة كورونا في العالم.
ومن المفترض أن تقوم المنطقة التي تم التخطيط لها منذ ما يقارب سبعة أعوام بإلغاء الرسوم الجمركية على معظم المنتجات، ما يزيد حجم التجارة الداخلية في القارة السمراء بنسبة كبيرة، وأن تعزز النمو الاقتصادي في إفريقيا كما حدث في أوروبا وأمريكا الشمالية.
فعالية الاتفاقية
التجارة الحرة بين البلدان الإفريقية ذات الاقتصادات الضعيفة؟
عن مدى فعالية الاتفاقية بين البلدان في القارة الإفريقية، التي هي أصلا اقتصادات ضعيفة، حيث معظم الدول تعاني من مشاكل اقتصادية ومعدل نمو ضعيف، يتحدث الخبير الاقتصادي المصري أحمد عبد النور في حوار مع وكالة "سبوتنيك" ويقول: هذه الاتفاقية ليست وليدة اليوم بل هي ناشئة عن دمج 3 اتفاقيات لأكثر من منطقة، ومن ثم فتعاملات الدول لن تكون مسألة جديدة أو مستغربة.
ويضيف عبد النور: يقينا، الاتفاقية مفيدة وواعدة، لأن العديد من الدول لها قيمة مضافة واضحة كل في مجال، وهذه الاتفاقية ستعطى ميزة تنافسية مقابل الواردات من خارج القارة.
أما الباحث في مجال التعاون الدولي في جماعة ماكس بلانك الألمانية، مارك مجدي، وفي لقاء مع "سبوتنيك"، فيرى: الاتفاقية سيكون لها تأثير على المدى الطويل، ومن المتوقع أن تعزز حركة البضائع المعفاة من الرسوم الجمركية التجارة الدولية.
ويضيف: سيؤدي ذلك إلى الابتعاد عن تصدير المواد الخام بشكل أساسي، وهذا سيزيد القدرة على الصناعة واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، لأنه سيتم استخدام المواد الخام في الصناعة بدل تصديرها إلى الدول الغربية.
الآثار
يرى الخبير الاقتصادي أحمد أبو النور أن لإنشاء منطقة التجارة الحرة على القارة آثار عديدة على المدى المتوسط والطويل، ويوضح: هذه الاتفاقية ستجذب استثمارات أجنبية لمصانع وشركات تؤسس في إفريقيا لكي يستفيد المنتج من بلد المنشأ وينم تصديره إلى الدول الإفريقية الأخرى دون جمارك أو ضرائب.
فيما يرى الباحث مارك مجدي بأن معاهدة التجارة الإفريقية الحرة هي شيء مهم وملح، وستكون جذابة جدا بعد انتهاء آثار فيروس كورونا، على الرغم من التحدي الكبير بإلغاء التعرفة الجمركية على أكثر من 90% من المنتجات على مدى سنوات،
ويتابع: هناك تنافس كبير بين قوى تجارية كبرى في العالم كروسيا والصين والولايات المتحدة وأوروبا، وهذا ما سيخلق تحديات كبيرة أمام القارة الإفريقية لخلق السوق التجارية الحرة.
المعوقات
وعن المعوقات التي قد تقف في وجه إنشاء هذه السوق وسير عملها بشكل جيد، وعما إذا كانت ستساعد الدول الإفريقية بطريقة أو بأخرى على الهروب من الاعتماد لاقتصادي على الدول الأخرى، يرى أبو النور أن منظومة طرق التجارة والنقل سواء البري أو البحري بين الدول الإفريقية لا زالت غير مكتملة ولا تسمح بنقل الكميات المطلوبة في التوقيتات المنطقية.
ويكمل: في الوقت ذاته بالتأكيد لن يساعد ذلك على إنهاء الاعتماد على الدول الأخرى كليا، ولكن يمكن أن يكون اللفظ الأنسب هو تقليل الاعتماد وتنويع المصادر.
فيما يتوسع الباحث مارك مجدي في حديثه عن العقبات التي تواجه هذا المشروع ويقول: هناك العديد من العقبات أمام هذا المشروع، بدءا من تفشي فيروس كورونا الحالي، والبنية التحتية التي لا تزال غير جاهزة لتطبيق الاتفاقية، بالإضافة إلى المعوقات الإدارية، وهنا يجب تأهيل الدول من ناحية البنية التحتية من طرق وغيرها، حتى يمكن تسهيل حركة نقل البضائع.
ويواصل مجدي: بالأصل هناك في إفريقيا تكتلات اقتصادية قبل هذا المشروع، مثل مجموعة شرق إفريقيا، ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقية، والسوق المشترك لشرق وجنوب إفريقيا (كوميسيا)، وهذا ما قد يؤدي إلى تقاطع بين هذه المجموعات والسوق الحرة، لأنه هناك اتفاقيات لها قوانينها وقواعدها التي يمكن أن تتعارض مع اتفاقية التجارة الإفريقية الحرة.