وفي الوقت الذي أرجعت فيه الكويت وقف الإنتاج لانتشار فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط العالمية، حاول البعض التشكيك في هذه الدوافع، وتحدثت تقارير إعلامية عن خلافات شبت بين البلدين، ما دفع البعض للتساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء وقف الإنتاج في حقل الخفجي، ومدى إمكانية استئناف العمل مجددا.
وقف الإنتاج
وأعلنت الشركة الكويتية لنفط الخليج عن قرار وقف إنتاج النفط مؤقتاً في حقل الخفجي المشترك بين السعودية والكويت، وإغلاق المنشآت التابعة له لمدة 30 يوماً ابتداء من أول يونيو/ حزيران.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، عن الرئيس التنفيذي للشركة، عبد الله السميطي، أن اللجنة التنفيذية بعمليات الخفجي المشتركة، والتي تعد أعلى هيئة إدارية، أصدرت قراراً برفع نسبة خفض الإنتاج لتصل 100٪.
ويأتي قرار وقف الإنتاج تماشياً مع قرار منظمة "أوبك +" الشهر الماضي، لخفض حصص الإنتاج لبعض الدول نتيجة تراجع أسعار النفط الذي تفاقم مع تفشي فيروس كورونا وانخفاض الطلب على النفط عالمياً.
ووفقاً لما ذكره السميطي، فإن قرار "أوبك +" يأتي "إدراكاً لضرورة العمل المشترك لإعادة الاستقرار والتوازن لأسواق النفط العالمية، إضافة إلى ما تم الإعلان عنه من جانب دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من قيادة جهود المنظمة بإجراء الخفض الإضافي الطوعي لإنتاج النفط".
ووفقاً للسميطي، فإن اللجنة ستتبع جميع إجراءات واحتياطات السلامة اللازمة "لضمان الاستئناف الآمن للإنتاج تلقائياً" والذي من المقرر أن يبدأ مجدداً في الأول من يوليو/ تموز المقبل.
استقرار السوق
الدكتور مبارك محمد الهاجري، المستشار النفطي الكويتي، قال إن "إعلان الشركة الكويتية لنفط الخليج عن وقف إنتاج النفط في حقل الخفجي المشترك مع السعودية جاء بشكل مؤقت وبنسبة 100%، وجاء تماشيًا مع إعلان المملكة والكويت والإمارات مؤخرًا خفض الإنتاج الإضافي الطوعي لإعادة الاستقرار والتوازن لأسواق النفط العالمية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "شركة الكويت لنفط الخليج وشركة أرامكو السعودية بحثا آلية تطبيق قرار الخفض التطوعي ونسب تخفيض الإنتاج مع عدم الإضرار أو زيادة التكاليف التشغيلية والانبعاثات الضارة، حيث إن نسبة تخفيض الإنتاج إلى ٥٠٪ سوف تسبب زيادة معدلات الحرق لغاز الشعلة الضار عن المعدلات المطلوبة والمحددة من قبل الرئاسة العامة الأرصاد الجوية وحماية الأمن والبيئة بالمملكة العربية السعودية".
وتابع: "خيار خفض الإنتاج غير مجد فنيا واقتصاديا وبيئيا، وبالتالي البدائل الأخرى تتمثل في وقف الإنتاج وهي الأسلم والأنجح لحماية المنشآت النفطية وآليات التشغيل، كذلك يعتبر قرار وقف الإنتاج ضرورة لاستمرار العمل المشترك وتنفيذ قرار خفض الإنتاج لمجموعة "أوبك +" بواقع 9.7 مليون برميل يوميا اعتبارا من بداية الشهر الجاري لفترة أولية تستمر حتى 30 يونيو 2020، على أن تبدأ الفترة الثانية لخفض الإنتاج من الأول من يوليو المقبل إلى 31 ديسمبر بواقع 7.7 مليون برميل يوميا".
عودة الإنتاج مجددا
وبشأن إمكانية عودة الإنتاج مجددًا، قال الهاجري: "بالتأكيد سوف يتم العودة إلى الإنتاج المشترك وذلك تنفيذا لبنود الاتفاقية الموقعة من قبل وزير الخارجية الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح ووزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي والملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين البلدين".
واستطرد: "بموجب الاتفاقية انطلقت عمليات الإنتاج في الحقول المشتركة وتم إعلان تصدير أول شحنة نفط خام الخفجي في الثالث من أبريل/نيسان الماضي وذلك بعد تعليق الإنتاج لمدة تجاوزت الخمس سنوات، ويأتي عودة الإنتاج في الحقول المشتركة لتنفيذ استراتيجيات وخطط مستقبلية لتطوير إنتاج الحقول والوصول إلى معدلات عالية بحلول 12 شهرا، حيث يتوقع وصول الإنتاج اليومي لحقل الخفجي إلى 157 ألف برميل يوميا، و145 ألف برميل يوميا بالنسبة لحقل الوفرة".
وعن اتهامات البعض بغلق الحقل بسبب الضغط السعودي على الكويت للتحكم في سياستها النفطية، قال: "هذا يعد تشكيكًا في قرار اللجنة التنفيذية بوقف الإنتاج بسبب الأضرار البيئية والتكلفة الإضافية للتشغيل، خاصة أن الاتفاقية الملحقة هي نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين البلدين كشراكة استراتيجية ومصير واحد لمستقبل واعد، عبر تنفيذ مشاريع مشتركة تهدف إلى رخاء الشعبين الشقيقين".
وبشأن الأسباب الأخرى التي تقف وراء قرار وقف الإنتاج، قال المستشار النفط الكويتي، إن "هناك من يؤكد أن القرار جاء أيضا كإجراء احترازي نتيجة تفشي فيروس كورونا، وارتفاع أعداد الإصابات في صفوف العاملين بشركات عقود الصيانة والتشغيل".
حرب أسعار النفط وكورونا
بدوره قال الدكتور شاهر النهاري، المحلل السعودي، إن "المملكة العربية والسعودية وقعا اتفاقًا منذ أشهر قليلة لبدء تشغيل المنطقة النفطية المقسومة، والتي توقف العمل فيها لعدة سنوات، فيما أعلنت مؤسسة البترول الكويتية إنها ستقوم بإنتاج حوالي 10 آلاف برميل في حقل الخفجي".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "قرار وقف الإنتاج في حقل الخفجي جاء بسبب حرب أسعار النفط العالمية، وانخفاض السعر لدرجة لا تشجع كثيرًا على الإنتاج في هذه المنطقة، خاصة بعد انتشار جائحة كورونا، والتي أجبرت البلدين على غلق الحدود".
وأكد أن "أكثر من 800 موظف من البلدين يعملون داخل المنطقة، ويذهبون من مدن قريبة للمنطقة المقسومة، وقرار المنع من السفر عطلهم على استئناف أعمالهم".
برمجة خطة الإنتاج
وعن باقي أسباب وقف الإنتاج، أشار إلى أن "أسعار البترول غير المنتظمة في هذا الوقت قد تتسبب في الإخلال بالحصص المطلوبة للدولتين، فكان القرار بإعلان وقف الإنتاج حتى يونيو/ حزيران للنظر فيما سيحدث مستقبلًا في الأسعار وفيروس كورونا".
وتابع: "وقف العمل في المنطقة المقسومة وحقل الخفجي أمر منطقي في هذه الفترة، وتم بالاتفاق بين البلدين، ومن المتوقع أن تعود الأمور لطبيعتها بعد إعادة فتح الحدود، خاصة وأن المعدات توقفت لفترة طويلة عن العمل وتحتاج إلى تجهيز مستمر".
وأنهى حديثه قائلًا: "العلاقة الثنائية بين البلدين جيدة، والاتفاق الذي تم توقيعه لا يزال ساري المفعول ولا حقيقة لما يتداوله البعض عن وجود خلافات بين السعودية والكويت، ما يحدث مجرد دراسة جدوى للزمان والمكان المناسب، وإعادة برمجة خطة إنتاج المنطقة المقسومة، وقريبًا سيعود العمل".
وتتزامن الخطوة مع سعي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى زيادة كبيرة على خفض إنتاج النفط من دول المنظمة وحلفائها بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا حتى نهاية 2020، للمساعدة في رفع الأسعار بعد تأثر الطلب سلبا جراء تفشي فيروس كورونا في أنحاء العالم.
ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج النفط من المنطقة المحايدة (المعروفة أيضا باسم المنطقة المقسومة) 550 ألف برميل يوميا قبل نهاية العام، حسبما ذكره وزير النفط الكويتي في فبراير/ شباط.
وكانت الكويت والسعودية، وكلاهما عضو في أوبك، اتفقتا العام الماضي على إنهاء نزاع دار لـ5 سنوات بخصوص المنطقة، مما سمح باستئناف الإنتاج من حقلين مدارين إدارة مشتركة يمكنهما ضخ ما يصل إلى 0.5 في المئة من المعروض النفطي العالمي.
وبدأ الجاران الخليجيان الإنتاج التجريبي من حقلي الوفرة والخفجي المشتركين في فبراير الماضي.