تخفيضات إضافية للرواتب... لماذا عدل الأردن أمر الدفاع رقم 6؟

رغم إعلان الحكومة الأردنية بدء عودة القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة للعمل، أصدر رئيس الوزراء تعديلات على أمر الدفاع رقم (6) تسمح بمزيد من التخفيض في رواتب العمال.
Sputnik

التعديلات الجديدة أحدثت جدلا كبيرا في الأردن، خاصة وأنها تعني مزيدا من فقدان العمال لوظائفهم، في بلد يعاني من أزمة بطالة عالية، وصلت إلى 19.3% في الربع الأول من عام 2020.

أصدر رئيس الوزراء، عمر الرزاز، بلاغا بموجب أمر الدفاع رقم 6 لسنة 2020 الصادر بمقتضى أحكام قانون الدفاع وذلك في سياق المراجعة المستمرة للمستجدات ومراعاة لظروف أصحاب العمل وخصوصاً في القطاعات والأنشطة الأكثر تضررا من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا.

العمال والعمل

الأردن يستأنف العمل في الدوائر الرسمية
ويؤكد البلاغ على توفير الحماية الممكنة في مثل هذه الظروف للعمالة الأردنية على وجه الخصوص في حين ستكون مرجعية حماية العمالة الأخرى هي قانون العمل وليس أمر الدفاع أو البلاغات الصادرة بموجبه.

وتضمن بلاغ رئيس الوزراء ما يجيز لصاحب العمل - في القطاعات الأكثر تضررا - الاتفاق مع العامل الذي يؤدي عمله في مكان العمل أو عن بُعد بشكل كلي، على تخفيض أجره الشهري بنسبة قد تصل حتى 30% عن كل من شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران دون إجبار أو ضغط من قبل صاحب العمل تحت طائلة المسؤولية والعقوبات الواردة بأمر الدفاع، على أن لا يقل ما يتقاضاه العامل من أجر عن الحد الأدنى للأجور شريطة أن يبدأ التخفيض بأجور الإدارة العليا في المنشأة.

وفيما يتعلق بأجور العاملين غير المكلفين بعمل، فقد راعى البلاغ نسبة التخفيض من أجورهم الشهرية ودون اشتراط موافقة العامل أو وزارة العمل، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية لأصحاب العمل وبنفس الوقت الحاجة لديمومة الحد الأدنى من دخل العاملين الذين لا يتطلب منهم عملا، بحيث لا تتجاوز نسبة التخفيض الـ50%.

أما بالنسبة للقطاعات والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا، فقد راعى البلاغ ظروف صاحب العمل بحيث أعطاه الحق في تخفيض أجر العامل الشهري بنسبة تصل إلى 60%، بحيث لا يقل أجر العامل بعد التخفيض عن 150 دينارا شهريا ودون اشتراط موافقة وزارة العمل أو العامل.

كما سمح البلاغ لصاحب العمل بحسم ما نسبته 50% من رصيد الإجازات السنوية للعام 2020 المستحقة للعمال غير المكلفين بعمل بموقع المنشأة أو عن بعد بشكل كامل لمدة ثلاثين يوما متصلة أو متقطعة فأكثر خلال الفترة الممتدة من بداية العمل بقانون الدفاع حتى تاريخ العمل بالبلاغ.

وأجاز البلاغ إنهاء خدمات العامل حسب المادة 28 من قانون العمل، إلا أن البلاغ قد أجاز (للعامل الأردني حصرا) التقدم بشكوى لوزارة العمل إذا تعسف صاحب العمل في ممارسة صلاحيته الممنوحة له بموجب المادة 28 واذا ما ثبتت صحة شكوى العامل، فتلزم وزارة العمل صاحب العمل بإعادة العامل إلى عمله ودفع أجوره المعتادة كأن الفصل لم يتم، وإذا امتنع صاحب العمل عن ذلك فيكون عرضة لتطبيق العقوبات الواردة في أمر الدفاع من قبل الجهات القضائية المختصة، وهذا ينطبق فقط على العمالة الأردنية أما العمالة غير الأردنية فان قانون العمل هو الذي يحكم العلاقة بدون أي تدخل من الوزارة إلا وفقا للقانون.

أعباء إضافية

رغم العودة للعمل... "الصحة الأردنية" تدعو الموظفين المدخنين إلى البقاء في المنزل
قال حمادة أبونجمة، أمين عام وزارة الأردنية الأسبق، والخبير الدولي في قضايا العمل، إن "هذا البلاغ صدر تعديلا على أمر الدفاع رقم (6) الذي صدر في 9 أبريل/ نيسان الماضي والذي بموجبه تم حظر إنهاء خدمات العاملين إلا في حالات محدودة جدا تتعلق بمخالفات صارخة يرتكبها العامل".

وأضاف، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "أمر الدفاع كان قد سمح بالاتفاق مع العامل على تخفيض أجره إلى 30% وهو على رأس عمله إما في موقع العمل أو في عمله عن بعد، أما العامل المنقطع عن العمل بسبب قرارات حظر التجول فسمح بتخفيض أجره إلى النصف بشرط موافقة وزارة العمل، حيث ينص أمر الدفاع رقم 6 على أن تتم مراجعته شهريا وتعديله إن لزم الأمر بموجب بلاغات من رئيس الوزراء".

وتابع: "وبعد أن سمحت الحكومة في 6مايو/ أيار لمعظم القطاعات بالعودة إلى العمل بكامل طاقتها وبكامل موظفيها، فقد أبدت العديد من المؤسسات عدم قدرتها على العمل بكامل طاقتها وموظفيها في الفترة الحالية رغم السماح لها بذلك، حيث باتت الحكومة على قناعة بأن كثير من المؤسسات قد تضطر لإنهاء خدمات أعداد كبيرة من موظفيها".

واستطرد: "وأمر الدفاع رقم 6 وكذلك قانون العمل يلزمان صاحب العمل بدفع كامل أجور العامل ما دام قد سمحت الحكومة للمؤسسة بالعمل بكامل طاقتها، على اعتبار أن العامل من الناحية القانونية يستحق أجره بمجرد تكريس نفسه للعمل واستعداده له، وأن عدم قيام صاحب العمل بتكليفه بالعمل لا يعفيه من دفع الأجور".

مسؤولية حكومية

وأكد أن "بناء على ذلك توجهت الحكومة إلى ضرورة السماح لصاحب العمل أن يقرر بنفسه عدد العاملين الذين يحتاجهم في العمل ويبقي الآخرين دون تكليف بالعمل، وعلى أن يدفع لهم نصف الأجور، وهذا النص تعتبره الحكومة منصفا للعامل كونه يحميه من الفصل، ولصاحب العمل كونه يعفيه من نصف أجور العامل دون شرط الحصول على موافقة وزارة العمل وتقديم أي مبررات قد تقيد حريته في ذلك".

بلغت 19.3%... كيف يخطط الأردن لمواجهة أزمة البطالة في ظل وباء كورونا
يضاف إلى ذلك – والحديث ما زال على لسان أبو نجمة- أن البلاغ قد سمح لصاحب العمل في القطاعات الأكثر تضررا والتي حددتها الحكومة بعدد 24 قطاعًا، بأن يخفض أجر العامل غير المكلف بالعمل إلى 40% بشرط أن لا يقل أجره بعد التخفيض عن 150 دينارًا، أي أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور البالغ 220 دينارًا، أما العامل المكلف بالعمل في هذه القطاعات فسمح بتخفيض أجرة إلى 30% بشرط موافقته على ذلك".

ويرى الخبير العمالي الدولي أن "هذه الحلول تضمن للحكومة عدم تحمل مسؤولية مالية مباشرة تجاه كل من صاحب العمل والعامل، أي أنها تركت الطرفين يتقاسمان تحمل المسؤولية بصورة تعتقد أنها عادلة لكليهما، إلا أنها في الحقيقة قد وضعتهما في موقف صعب للغاية، فصاحب العمل يشعر أنه ملزم بدفع نصف أجر عامل لا يؤدي له أي عمل، والعامل يشعر أنه قد فقد نصف دخله دون مبرر رغم أنه مستعد للعمل".

واستطرد "حسب قانون العمل في حال عدم تكليف العامل بالعمل رغم استعداده له وتكريس نفسه لأدائه فيستحق أجره كاملا، وحسب قانون الضمان الاجتماعي في حال انتهاء خدمة العامل لأي سبب فمن حقه تقاضي راتب تعطل من صندوق التعطل مقداره 75% من مقدار أجره عن الشهر الأول من تعطله و65% عن الشهر الثاني".

وبين أن "البلاغ الصادر لم يأخذ لا بقانون العمل ولا بقانون الضمان الاجتماعي، فلم يعامل العامل على أنه على رأس عمله، وكذلك لم يعامله على أن خدمته قد انتهت، فحرمه من تقاضي كامل أجره بصفته مستعدا للعمل، كما حرمه من تقاضي راتب التعطل بصفته متعطلا عن العمل".

مشاكل اجتماعية واقتصادية

وعن الحلول المطلوبة، قال: "كان الأجدى أن يتولى صندوق التعطل الوفاء بالتزاماته تجاه العاملين المتوقفين عن العمل بدفع أجور تعطل لهم بنسبة 75% منها كما ينص عليه قانون الضمان الاجتماعي، وبذلك لا يتحمل صاحب العمل أي أعباء عن ذلك، مع حفاظ العمال على وظائفهم، وحصولهم على دخل كاف".

وأشار إلى أن "هذا يتطلب توفير موارد إضافية لصندوق التعطل الذي تم استنفاذ جزء كبير من مدخراته نتيجة السحب منه للتعليم والعلاج نتيجة التعديل الذي تم على قانون الضمان الاجتماعي والذي سمح بموجبه السحب من هذا الصندوق لهذه الغايات التي تتنافى مع هدف وجود الصندوق، الأمر الذي تسبب في إرهاقه وعدم تمكنه من الوفاء بالتزاماته تجاه المدخرين".

وأوضح أن "هذه الحلول ستعمق من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، حيث ستتسبب في زيادة رقعة الفقر وتوسعها بصورة غير مسبوقة نتيجة فقدان الوظائف ونقص الدخل، الأمر الذي سيضعف بشكل كبير القدرة الشرائية للمواطنين مما سيؤثر سلبا على إنتاجية المؤسسات وحركة السوق، ويتسبب في تفاقم مشكلة الركود الاقتصادي، وكان الأولى في مثل هذه الظروف أن تعمل الحكومة على ضخ أموال أكثر من خلال دعم الأجور ودعم المؤسسات خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، بما يساهم في تحريك عجلة السوق وينعش الاقتصاد".

ظروف صعبة

الأردن يحدد موعد إعادة فتح المساجد والكنائس
في سياق متصل، قال عضو مجلس النواب الأردني نضال الطعاني، إن "في بداية أزمة كورونا اتجهت الحكومة إلى دعم القطاع الصناعي والتجاري، ورصدت من خلال البنك المركزي حوالي 500 مليون دينار من أجل دعم الشركات المتوسطة والصغيرة من خلال البنوك التجارية وبنسب فوائد قليلة جدا تتحملها الحكومة".

وأضاف، في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن"وزارة السياحة اتجهت كذلك إلى دعم القطاع السياحي الذي تأثر تأثيرا كبيرا وبحوالي 15 مليون دينار لكن هنالك قطاعات اقتصادية وصناعية تأثرت بهذه الجائحة وقد يكون الإعلام لم يغطيها بشكل كبير".

وتابع: "جاء مراجعة أمر الدفاع والعمل على تعديله في ظل ظروف بالغة الصعوبة على المواطنين عامة وفئة العمال بشكل خاص فقد أجاز التعديل من جديد تخفيض أجرة العمال إلى 30% عن شهر مايو/آيار ويوينو/حزيران بالاتفاق مع صاحب العمل وبالنسبة للقطاعات الأكثر تضررا أجازت تخفيض أجرة العامل بنسبة تصل إلى 60٪ بدون موافقة العامل أو وزارة العمل، ودون مراعاة الحد الأدنى للأجور".

وأكد أن "التعديل أجاز لصاحب العمل بحذف ما مقداره 50٪ من الإجازات السنوية للعامل إلا أن المؤرق الأكبر الذي أجاز إنهاء خدمات العامل حسب المادة 28 من قانون العمل، وفي هذا يعتبر التعسف بحق العامل في ظل الظروف المعيشية  الصعبة هذا قد يشمل شريحة واسعة من الأردنيين".

مناقشة