قضية سياسية
قال اللواء عبد الله الجفري الخبير الاستراتيجي اليمني، إن "أزمة ناقلة النفط "صافر"، المتواجدة قرب موانئ الحديدية والمحمولة بالنفط منذ خمس سنوات، هي أزمة سياسية في المقام الأول، وطالبنا منذ ذلك التاريخ بلجنة محايدة، لكن هم يريدون الدخول إلى تلك المنطقة لاستكشاف المواقع العسكرية وجمع المعلومات عن قرب، حيث ترسو السفينة على بعد كيلومترات خارج ميناء رأس عيسى بمدينة الحديدة غرب البلاد داخل المياه الإقليمية".
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـ"سبوتنيك"، "لدينا توثيق بكل مطالبتنا لحل تلك الأزمة عبر لجان دولية محايدة، لكن السعودية والتحالف يتحججون عبر وسائل إعلامهم بأننا من نعرقل عملية الحل لأنهم يريدون أن تكون العملية تحت إشرافهم المباشر لأغراض سياسية وعسكرية، وفي هذا الإطار يتحدثون عن الكارثة الإنسانية، هم يريدون تلميع أنفسهم أمام المجتمع الدولي".
وأشار الجفري، إلى أن "المتخصصين في ميناء الحديدة يتحدثون عن كارثة بيئية يمكن أن تتسبب فيها تلك الناقلة حال تسرب النفط منها، وبدورنا نحن نمد أيدينا بالسلام للعالم بلجنة دولية محايدة لمعاينة وضع الناقلة ووضع الحلول لها، خصوصا وأنها تحمل مئات الأطنان من النفط الخام".
صراع محلي
من جانبه قال عبد الحفيظ الحطامي، المحلل السياسى اليمني من الحديدة، إن "صافر" تعد أحد أهم ناقلات النفط في حقول صافر بمحافظة مأرب باتجاه الحديدة، وهي ترسو منذ خمس سنوات بالقرب من ميناء رأس عيسى أحد موانئ محافظة الحديدة وتحمل ملايين الأطنان من النفط الخام، وتتبادل جماعة الحوثي والحكومة الشرعية منذ سنوات أحقية كل منهما في بيع النفط الذي تحمله الناقلة.
مفاوضات الحديدة
وأضاف المحلل السياسي لـ"سبوتنيك"، "وللأسف الأمم المتحدة لم تدرك قضية الناقلة ضمن الملفات العالقة في مفاوضات السويد، وبالتالي وبحسب الخبراء فإن بقاء النفط داخل الناقلة داخل الأنابيب قد يتسبب في انفجارها، الأمر الذي سيكون بمثابة كارثة بيئية كبرى في البحر الأحمر، إضافة إلى تلوث عشرات الآلاف من الهكتارات الزراعية في محافظة الحديدة".
وأشار الحطامي إلى أن "الناقلة تقع في ميناء رأس عيسى أحد الموانئ شمال مدينة الحديدة، وبالقرب من ساحل رأس عيسى النفطي، وبالتالي تقع تلك المنطقة ضمن أراضي الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيين، وبناء عليه هم يقولون أنهم أصحاب الحق في النفط الموجود داخل تلك الناقلة وهو نفس ما تقوله الحكومة الشرعية".
تصريحات دولية
وتابع المحلل السياسي، أنه "على المستوى الدولي لا توجد حتى الآن سوى تصريحات من الخارجية الأمريكية والبريطانية، والكثير من الجهات تتحدث عن احتمالية وقوع كارثة، لكنهم لا يشاركون في الحل وحسم تلك المعركة بين الحكومة الشرعية والحوثيين".
الطرف المعرقل
واستبعد الحطامي أن تكون حكومة الشرعية هي من تعرقل وصول اللجان الفنية الدولية لتقييم وضع الناقلة وقال، "سبق للحوثيين أن عرقلوا وصول أكثر من لجنة فنية أممية إلى المنطقة، حيث كان ضمن الفريق الذي أراد الوصول للناقلة فريق يمني وبالتالي تم رفض دخول الفريق من جانب الحوثيين واعتبروه جزءا من العدوان، وأن هؤلاء جهات استخباراتية للتحالف، تبع ذلك رفض لأكثر من فريق أممي وكان من بينهم فريق أمريكي، وبالتالي لم يتم إعداد تقارير حول مخاطر استمرارية بقاء النفط طوال تلك السنوات داخل الناقلة".
قوة رادعة
وأكد المحلل السياسي "ضرورة أن تكون هناك قوة رادعة من الأمم المتحدة، وفرض هيمنتها لحسم تلك القضية التي لا تقتصر مخاطرها على اليمن وإنما على دول البحر الأحمر بشكل كامل وتهدد الحياة البحرية ومئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية حال انفجار تلك الناقلة".
ولفت الحطامي إلى أن "هناك مبادرات لحل الأزمة ولكن للأسف لا توجد مرونة من كلا الطرفين، رغم خطورة الوضع والكارثة البيئية التي يمكن حدوثها، لكن للأسف هناك ترهل دولي حول تلك القضية الحساسة والمروعة، والتعامل الدولي بمرونة في تلك القضية يساهم في الوصول إلى الكارثة".
وكان السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل آرون، قال في وقت سابق، إن "على الحوثيين أن يسمحوا للأمم المتحدة بمعالجة وضع سفينة صافر قبل فوات الأوان"، محذراً من أن تسرب نفطها سيدمر البحر الأحمر.
وطالبت وزارة الخارجية الأمريكية، في 9 مايو/أيار الماضي الحوثيين، بالتعاون مع المبعوث الدولي إلى اليمن، والسماح للأمم المتحدة بصيانة ناقلة النفط "صافر" بالقرب من ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة.
وأوضحت الخارجية الأمريكية في بيان، أن "الحوثيين سيتحملون وحدهم التكاليف الإنسانية في اليمن، والكارثة البيئية في البحر الأحمر، إذا وقع أي تسرب من الناقلة صافر".
وحذرت الحكومة اليمنية الأسبوع الماضي من خطورة غرق خزان النفط العام في رأس عيسى "صافر" وذلك بعد حدوث ثقب في أحد الأنابيب وتسرب مياه البحر إلى غرفة المحركات.
ودعت الحكومة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسئوليتهم القانونية والأخلاقية والضغط على الحوثيين للسماح على الفور ودون تأخير أو شروط مسبقة بوصول الفريق الفني من الأمم المتحدة لإجراء عملية التقييم والصيانة اللازمة وتفريغ كميات النفط المخزنة قبل حدوث واحدة من أكبر الكوارث البيئية والاقتصادية في الإقليم والعالم.
وفي كانون الأول/ديسمبر2018، اجتمعت أطراف النزاع في اليمن لأول مرة منذ عدة سنوات على طاولة مفاوضات نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكن الفرقاء من التوصل إلى عدد من الاتفاقات الهامة، وعلى وجه الخصوص، بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في الحديدة، مدينة ساحلية على البحر الأحمر، ونقلها تحت سيطرة الأمم المتحدة.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.