وقال المسؤول إن هذا القرار نابع من جهد بذلته القيادة العسكرية الأمريكية على مدار أشهر، وأنه لا علاقة له بالتوتر بين ترامب والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي أحبطت خطته لاستضافة قمة يحضرها شخصيا زعماء مجموعة السبع هذا الشهر.
غير أن مصادر أخرى مطلعة على هذه المسألة قالت إن عددا من المسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع (البنتاغون) فوجئوا بالقرار وقدموا تفسيرات تتراوح من شعور ترامب بالإهانة بسبب قمة مجموعة السبع إلى نفوذ ريتشارد جرينل السفير الأمريكي السابق لدى ألمانيا وهو من الموالين لترامب.
ولم تستطع "رويترز" تحديد ما إذا كان جرينل لعب دورا مباشرا مع ترامب في اتخاذ القرار. وقد استقال جرينل من منصبه في أول يونيو/ حزيران الجاري، وفقا لما قالته متحدثة باسم وزارة الخارجية.
وأحالت وزارتا الدفاع والخارجية الأسئلة على مجلس الأمن القومي في البيت الابيض الذي رفض التعليق.
وردا على طلب للتعليق، قال جرينل إن "كل هذا ثرثرة"، وامتنع عن التطرق إلى أسئلة بعينها عن القرار ودوره فيه. وقال إن قرار خفض القوات "جرى الإعداد له منذ العام الماضي".
وشدد على شعور الولايات المتحدة بالاستياء من دور ألمانيا في عدم الوفاء بهدف حلف شمال الأطلسي إنفاق اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
وأشار إلى أن ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ذكر أن ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي لم تقدم خطة ذات مصداقية لكيفية الوصول إلى هذا الهدف.
وفي لقاء عبر الإنترنت استضافه مركز أبحاث أتلانتيك كاونسيل، يوم الاثنين، امتنع ستولتنبرغ عن التعليق على ما وصفه بأنه "تسريبات إعلامية وتكهنات إعلامية" عندما سئل عن الخطط الأمريكية لخفض القوات في ألمانيا عضو الحلف.
وقال إن الحلف "يتشاور باستمرار مع الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في الحلف عن الوضع والوجود العسكري في أوروبا".
وقال مسؤول أمريكي لـ"رويترز"، مشترطا إخفاء هويته، إن وزارة الدفاع لم تتلق أمرا رسميا بخفض القوات، وأن القرار كان مباغتا لبعض المسؤولين في الوزارة ودفعهم للبحث عن مغزاه وأثره على العلاقات مع ألمانيا.
وقال مسؤولان مطلعان على التطورات إن الولايات المتحدة لم تستشر ألمانيا قبل أن تنشر القرار صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم الجمعة.
وقال مسؤولون في الحكومة الألمانية، يوم الاثنين، إن برلين لم تتلق تأكيدا بالخطوة الأمريكية. غير أن بيتر باير المنسق الألماني للعلاقات عبر الأطلسي قال إن القرار "سيهز أركان العلاقة عبر الأطلسي".
وتسعى إدارة ترامب منذ سنوات لخفض القوات الأمريكية في ألمانيا، وقال مصدر مطلع على العلاقات العسكرية بين البلدين إن جرينل انتقد برلين في مناسبات عامة وخاصة لتقاعسها عن الوفاء بهدف الوصول بالإنفاق الدفاعي إلى اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف المصدر: "بهذا المعنى لم يكن (القرار) مفاجأة لكن لم يحدث تشاور وتنسيق".
كذلك جاء القرار الذي لم يؤكده البيت الأبيض رسميا بمثابة مفاجأة لعدد من كبار مسؤولي الأمن القومي في الحكومة الأمريكية.
وقال مصدر ثالث مطلع على التطورات إن مسؤولين كبارا في وزارتي الخارجية والدفاع وبعض المسؤولين في مجلس الأمن القومي لم تتم إحاطتهم علما بالقرار "وعلموا أن شيئا يحدث عندما بدأت المكالمات الهاتفية ترد ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرها".
ومن الممكن أن يؤدي سحب قوات أمريكية من ألمانيا إلى زيادة حدة التوتر عبر الأطلسي الذي غذاه ترامب بتشكيكه في قيمة حلف شمال الأطلسي وانتقاد الإنفاق الدفاعي لبعض الحلفاء.
وبحسب ما تقوله "رويترز"، فقد وصف بعض خبراء الأمن خطة سحب القوات بأنها "هدية" لروسيا إذ تأتي وسط توتر شديد بين واشنطن وموسكو حول الحد من الأسلحة ودعم موسكو للانفصاليين في أوكرانيا والانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران وقضايا أخرى.
غير أن مسؤولين حاليين وسابقين أشاروا إلى أن إدارة ترامب أعلنت في بعض الأحيان عن خطوات لم تتحقق مثل سحب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا في 2018 أو خفض تمويل القوات الأمريكية في أفغانستان بمليار دولار على الفور في مارس/ آذار.
يذكر أن صحيفة "وول ستريت جونرال" كشفت، الجمعة الماضية، عن قرار ترامب سحب 9500 جندي من القواعد الأمريكية في ألمانيا، أحد أقوى حلفاء واشنطن، بما يخفض عدد القوات فيها إلى 25 ألفاً من 34500 جندي.