قال الدكتور ثامر باعظيم المشرف على الإعلام والتواصل المؤسسي بوزارة الحج والعمرة: "في شهر مارس/آذار الماضي تم التواصل مع بعثات الحج في كل الدول تقريبا وطلبنا منهم التريث في إجراء أي تعاقدات متعلقة بالحج إلى أن يتضح مسار الجائحة".
وأضاف المسؤول الإعلامي في تصريح لـ"سبوتنيك": "المملكة العربية السعودية حريصة على كل قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي، وهناك متابعة مستمرة مع الجهات الصحية بالمملكة والعالم لمعرفة مسار وتطورات الوباء والعلاج".
وأشار باعظيم إلى أن القرار الرسمي بشأن شعائر الحج هذا العام سواء بتقليل الأعداد أو إلغاء الحج سوف يصدر قريبا، وبعد صدور القرار سوف يتم التواصل مع بعثات الحج لتوضيح ما جاء بالقرار، أما الحديث عن قيود معينة أو إلغاء، هذا الأمر سابق لأوانه بعد تحديد مسار الحج من جانب المملكة وفقا لما تقتضيه الظروف الراهنة.
وأكد المسؤول الإعلامي بأن كل السيناريوهات بشأن الحج واردة سواء كان الإلغاء أو تخفيض الأعداد، المحدد الرئيسي في تلك الحالة هو سلامة قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي: "سلامة الحجاج هى غرضنا الرئيسي، وهذا ما يدفعنا للدراسة والتحليل وطرح كل السيناريوهات المحتملة من أجل تقديم أفضل الخدمات لزوار البيت الحرام والمسجد النبوي، ومن واقع خبرتنا خلال السنوات العشر الماضية والتي استقبلت فيها المملكة ما يزيد عن 150 مليون مسلم، من خلال هذا تكونت لنا خبرة في التعامل مع الأزمات سواء كان وباء كورونا أو غيره".
وحول قدرة المملكة على التعامل مع السيناريو القادم بعد القرار الرسمي بشأن الحج قال المشرف الإعلامي: "نحن نبدأ في الإعداد للحج من آخر يوم حج في العام السابق، وعلى سبيل المثال العام الماضي انتهى موسم الحج في 13 ذي الحجة في اليوم التالي كان لنا اجتماع مع وفود الحج وفي اليوم التالي كان لدينا ورشة عمل متعلقة بالحج القادم، دائما الاستعدادات متواجدة ولدينا كل الاستعدادات لكل ما سيتم اتخاذه من قرارات بالمملكة سواء بتخفيض أو إلغاء الحج، فالبنية التحتية في الحرمين متميزة".
وأكد باعظيم أنه لا توجد أي قيود أو منع لأي مسلم على وجه الأرض يريد زيارة المسجد الحرام مهما كان توجهه المذهبي طالما يشهد أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله، كل الحجاج مرحب بهم إن كان الحاج يأتي فقط لآداء المناسك فقط، لأن الحرمين الشريفين ليس مكانا لممارسة السياسة.
وحول التأثيرات الاقتصادية لوضع قيود على أعداد الحجاج أو إلغاء موسم الحج قال الدكتور أحمد الشهري الخبير الاقتصادي السعودي: "السياسة الاقتصادية السعودية تعتمد على الفوائض النقدية السابقة، وهي ميزة موجودة بالمملكة ودول الخليج، وهذا الأمر منح المملكة ودول الخليج أنها تستطيع التعامل مع الأزمات وإدارة المخاطر الاستراتيجية الاقتصادية".
وأضاف الخبير الاقتصادي "الاقتصاد السعودي بشكله الجديد وضع الإنسان في المقدمة، بمعنى حماية المواطنين والمقيمين أولا ثم الاقتصاد، بدليل أن المملكة صرفت ما يقارب 8 في المئة من الناتج المحلي السعودي في تلك الأزمة".
وأوضح الشهري أن مدخول الحج مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للمملكة لا يشكل سوى نسبة ضئيلة جدا، هذا بجانب أن الحج قطاع خدمي في السعودية، ومعروف عالميا أن القطاعات الخدمية شديدة الحساسية والتذبذب للظروف الجوية والقرارات السياسية بأي شكل من الأشكال، لذا فإنه ليس هناك أي إشكالية على الاقتصاد السعودي، وهذا الكلام مبني على نظرة اقتصادية وليس أكثر.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي قرار تتخذه السعودية بخصوص الحج والشعائر الدينية، هو قرار يتعلق بالصحة والسلامة والبيئة للحجاج وليس من منظور مكسب اقتصادي، حيث تنفق السعودية فاتورة عالية جدا على الخدمات اللوجستية والخدمات المقدمة للحجيج في الأوقات العادية، و تقليص الأعداد هو خيار عقلاني ومنطقي ولا تتدخل فيه العواطف والقرارات السياسية، يتعلق فقط بأمن وسلامة وصحة القادمين للسعودية لأداء المناسك، وحال اتخاذ المملكة قرار من هذا النوع فهو مبرر منطقيا واقتصاديا، لأننا أمام جائحة عالمية أثرت على اقتصاديات وغيرت مراكز دول، لذا فإن أي قرار يتعلق بالمناسك ليس به أي حساسية سياسية.
وذكر الشهري أن ترك الأمور بلا قيود يشكل خطرا على الحجاج أنفسهم، لأن اغلب القادمين بنسب كبيرة هم من كبار السن وهم الأكثر عرضة للأخطار، لذا ترى المملكة أن سلامتهم لا علاقة لها بالأمور السياسية، وعندما تخفض المملكة الأعداد فإنها تقوم بعمل موازنة ما بين الداخل وبين عدد القادمين لها، والمملكة معنية في موسم الحج بملفين أساسيين هما، الملف الأمني والملف الصحي، أما الأمر المادي فلا يمثل وزن كبير بالنسبة لها، لأن فاتورة خدمات الحجاج الحكومية الأمنية والصحية واللوجستية عالية جدا، وتقدمها المملكة كخدمات للحجاج.
وطالب الخبير الاقتصادي الدول الإسلامية أن تقوم بحملة داخل دولها للتعريف بأن تأجيل الحج أو تخفيض الأعداد هومن أجل السلامة، ولاسيما أن هناك مقصد شرعي وهو حفظ النفس، وإذا أصبح هناك إشكالية في حفظ النفس أصبح الحج عبئا، وهذا العام ليس هناك أي ملف سياسي في الحج، بل سيسجل التاريخ أن عام 2020 هو عام وباء عالمي.
وكانت بعض وسائل الإعلام تحدثت عن قرار سعودي قد يصدر قريبا ربما يتعلق بتخفيض كبير في أعداد الحجاج، لمنع المزيد من تفشي فيروس كورونا، بعد أن تجاوز عدد الحالات في البلاد 100 ألف.
ويبلغ عدد الحجاج سنويا نحو 2.5 مليون، وتظهر البيانات الرسمية أن إيرادات المملكة من الحج والعمرة تصل إلى نحو 12 مليار دولار سنويا.
وطلبت السعودية في مارس/ آذار الماضي تعليق خطط الحج ووقف العمرة حتى إشعار آخر، وقالت المصادر لوكالة "رويترز" إن بعض المسؤولين ما زالوا يضغطون من أجل إلغاء الحج، الذي من المتوقع أن يبدأ في أواخر يوليو/ تموز.