بعد قبول استقالته رسميا... من الشخصية الأقدر لخلافة إلياس الفخفاخ؟

بدأ الحديث اليوم في تونس يدور حول ملامح الشخصية الجديدة الموكل إليها تشكيل الحكومة وحول مسار المشاورات في ظل الوضع السياسي المتأزم الذي تعيش على وقعه البلاد منذ أسابيع.
Sputnik

وذلك بعد قبول رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيد، استقالة رئيس الحكومة الحالية إلياس الفخفاخ وشروعه في مراسلة الأحزاب والائتلافات والكتل البرلمانية لتقديم اقتراحاتهم حول الشخصية التي ستخلف رئيس الحكومة المتخلي،

الرئيس التونسي يطالب الأحزاب بتقديم ترشيحاتها لاختيار خليفة الفخفاخ

وكان رئيس الجمهورية قد وجّه مساء أمس الخميس 16 يوليو/ تموز 2020 رسائل إلى رؤساء الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لمده بمقترحاتهم الكتابية بخصوص ترشيح أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة، وذلك طبقا لما ينص عليه الفصل الـ 89 من الدستور التونسي.

وحدد سعيّد أجلا أقصاه يوم الخميس 23 يوليو/ تموز الحالي لقبول المقترحات حول اختيار الشخصية الأقدر التي ينص الدستور على أن يتم تعيينها خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام من استقالة الحكومة الحالية، لتباشر إثر ذلك مهمة تشكيل الفريق الحكومي الجديد في أجل لا يتعدى الثلاثين يوما من تعيينها.

طريقة إدارية

واعتبر الأمين العام للاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي في حديثه لـ "سبوتنيك" أن الطريقة الإدارية التي اعتمدها رئيس الجمهورية في تلقي اقتراحات المترشحين لرئاسة الحكومة كتابيا تتنافى مع قواعد العمل السياسي الذي يتطلب الحوار المباشر والتشاور من أجل تقريب وجهات النظر والاتفاق على قاعدة اختيار مشتركة.

وأضاف المرايحي، أن هذه الطريقة أثبتت محدوديتها سابقا، خاصة مع عدم توفّق رئيس الجمهورية في اختياره لشخصية إلياس الفخفاخ الذي لم ينجح في نيل ثقة الناخبين بحد أدنى من التصويت خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية، فضلا عن رصيده الشحيح من النجاحات خلال توليه لمنصب وزاري سابق.

واقترح المرايحي أن تزكّي الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية شخصيات مؤهلة لتولي هذا المنصب، ثم يقع عرضها على البرلمان خلال جلسة مفتوحة ومباشرة مع تقديم حيز زمني معين لكل منها لتقديم برنامجها بشكل مفصل وعلى ضوء ذلك يختار رئيس الجمهورية بوصفه صاحب الأهلية الدستورية الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة وقيادة البلاد في المرحلة القادمة بشكل شفاف، ويتطلع المواطنون على مستوى الاختيارات المطروحة.

جدل دستوري في تونس بعد استقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ

"الشخصية الأقدر" 

ويرى المرايحي أن "الشخصية الأقدر" يجب أن تكون سياسية وتمتلك برنامجا اقتصاديا واضحا قادرا على قيادة البلاد والخروج بها من الوضع الراهن.

واعتبر أن حديث البعض عن اختيار شخصية اقتصادية أو تشكيل حكومة كفاءات مستقلة "مناف لقواعد الديمقراطية ويندرج ضمن المغالطات وهو حديث ناجم عن أناس لا يفقهون في العمل السياسي"، موضحا أن العمل السياسي هو نتاج تزكية من المواطنين لشخصيات معينة، وأن الشعب يتحمل لاحقا مسؤوليته إزاء اختياراته للشخصيات التي صوت لصالحها خلال الانتخابات البرلمانية.

وتابع "لا يمكن أن نطلب من الناس ممارسة حقهم في الانتخاب ثم نذهب للبحث عن شخصيات لم تعرض عليهم ونرشحها لمنصب رئيس حكومة".

وبيّن المرايحي أن الشخصية الاقتصادية قد تمتلك خيارات منافية لما يتطلبه الوضع الراهن في تونس، قائلا إنه لا وجود لمقاربة اقتصادية جيدة وأخرى غير جيدة وإنما هناك مقاربة اقتصادية ملائمة وأخرى غير ملائمة، وبالتالي فإن الخيار الأنسب هو البحث عن شخصية سياسية ذات بعد اقتصادي.

وبخصوص عملية الترشيح، قال المرايحي إن حزبه سيقدم مقترحات إلى رئيس الجمهورية بشكل منفرد، معتبرا أن "الاتفاقات داخل الغرف المظلمة هي التي أدت بالبلاد إلى الوضع الراهن".

البحث عن شخصية توافقية 

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري لـ "سبوتيك"، إن ما يهم الحركة في هذه المرحلة هو إجراء حوارات ومشاورات مع الكتل والأحزاب التي تتقاسم معها نفس الرؤى والتوجهات للتوصل إلى إيجاد الشخصية الأقدر على تولي منصب رئيس الحكومة، موضحا أن هذه الأطراف تتمثل أساسا في الكتل التي وقعت معها على عريضة سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وهي قلب تونس وائتلاف الكرامة وجزء من كتلة المستقبل.

وأكد الخميري أن إمكانية توسيع دائرة المشاورات تبقى ممكنة لتشمل الأطراف التي تلتقي مع حركة النهضة من أجل إيجاد أغلبية برلمانية تتفق على الشخصية أو الشخصيات الأقدر.

وشدد المتحدث باسم حركة النهضة على ضرورة تجاوز السلبيات التي عرفتها الفترة السابقة التي اتسمت بـ "نشاز سياسي سببه الأساسي هو وجود أغلبية حكومية ليس لها ترجمة في البرلمان، فضلا عن غياب الثقة والتضامن بين مكونات الفريق الحكومي وهو ما عطل عملية بناء منظومة حكم مستقلة"، وفقا لقوله.

وبيّن الخميري، أن الحركة ستبحث من خلال الحوارات مع الأحزاب والكتل المذكورة ومع رئيس الجمهورية من أجل إيجاد منظومة حكم مستقرة لها أغلبية برلمانية ولها ترجمة في الائتلاف الحاكم وواعية بالتحديات الخطيرة التي تمر بها البلاد خاصة على المستوى الاقتصادي والمالي".

وأوضح أن الشخصية المطلوبة يجب أن تكون:

"قادرة على التجميع بين القوى الأساسية التي عبرت عنها نتائج الانتخابات البرلمانية، وأن تكون نظيفة وبعيدة عن كل ما يشوبها من شبهة فساد، وأن تمتلك رؤية واضحة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وأن تكون قادرة على التعاطي مع المشهد السياسي المشتت الذي أنتجته انتخابات 2019".

وقال الخميري، إن حركة النهضة ستتوصل بعد المشاورات إلى اقتراح أكثر من شخصية لتيسير عملية الاختيار على رئيس الجمهورية "ربحا للوقت ولتجنيب البلاد سيناريو البقاء في حكومة تصريف أعمال بات من الواضح أنها ملاحقة بشبهة قوية في تضارب المصالح بما يمكن أن يعطل مصالح البلاد على المستوى الإداري وعلى مستوى أجهزة الحكومة".

وفي هذا الصدد، أكد الخميري أن مؤسسات الحركة ستنظر خلال اجتماعاتها القادمة في مسألة الدعوة إلى اختيار شخصية من داخل الحكومة لتولي منصب رئيس الحكومة، أو الإبقاء على إلياس الفخفاخ باعتباره مستقيلا بإمكانه ممارسة مهامه إلى حين ولادة الحكومة الجديدة.

شخصية ذات توجهات اجتماعية 

على الجانب الآخر، اعتبرت النائب عن الكتلة الديمقراطية وعضو حركة الشعب ليلى الحداد في تصريح لـ "سبوتنيك"، أنه في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تمر به البلاد وبالنظر إلى أزمة الثقة بين الأحزاب السياسية، فإن الشخصية الحكومية القادمة يجب أن تكون قوية وقادرة على مجابهة التحديات الراهنة، وتابعت أن خيار الحركة يتراوح بين "أن تكون شخصية سياسية بامتياز وتحظى بتوافق من عديد الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية، أو أن تكون شخصية مستقلة قادرة على أن تكون متجانسة مع الطيف السياسي الذي سيشكل لاحقا ما يسمى بالتحالف الحاكم". 

تونس.. رئيس الحكومة "المستقيل" إلياس الفخفاخ يقيل وزراء حركة النهضة

وشددت الحداد، أن من أهم شروط حركة الشعب التي يجب أن تتوفر في "الشخصية الأقدر" هي أن تكون:

"حاملة لتوجهات اجتماعية بالأساس وقادرة على حل الملفات الاجتماعية التي لا تزال حاضرة على طاولة رئاسة الحكومة بقوة على غرار ملف عمال الحضائر والبطالة وملف التوجهات الاجتماعية وإعادة إصلاح المؤسسات العمومية".

وأكدت الحداد أن اختيار حركة الشعب للشخصية الأقدر سيتم بالتنسيق مع التيار الديمقراطي باعتباره شريكها في الكتلة الديمقراطية ومع بعض الأحزاب الأخرى، وبينت أن الكتلة ستبقى منفتحة على بقية الأحزاب والكتل المجاورة لها في الرؤية.

لا وجود لـ"فيتو"

وفيما يتعلق بمسألة معارضة مشاركة قلب تونس في الحكومة القادمة، قالت الحداد" نحن منذ البداية لم نرفع الفيتو على قلب تونس، لكننا عارضنا مسألة توسيع الحزام السياسي في الفترة التي طلبت فيها حركة النهضة ذلك، على اعتبار أنه لم يكن هناك جدوى موضوعية للتوسيع لأن العمل الوزاري كان ناجحا، وأكبر دليل على ذلك هو نجاح هذه الحكومة في مجابهة أزمة الكورونا بامتياز وتمكنها من فتح الملفات الكبرى"، وأضافت أنه من غير الوجاهة توسيع الحزام السياسي لحكومة فتية لم تظهر لديها بوادر الفشل.

واعتبرت الحداد أن الوضعية الحالية التي تمر بها البلاد لم تعد تسمح بالتضييق، وأن الأحداث السياسية الأخيرة قلبت الأوراق، مؤكدة أن حزبها سيكون منفتحا على جميع الأطراف ولن يكون هناك فيتو ضد أي طرف.

ومن بين الأسماء التي تم تداولها في الكواليس لخلافة إلياس الفخفاخ في منصب رئيس الحكومة، الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حكيم بن حمودة، ووزير الداخلية الحالي هشام المشيشي، ووزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي السابق فاضل عبد الكافي، ووزير الطاقة الحالي منجي مرزوق، ومديرة ديوان رئاسة الجمهورية نادية عكاشة، والرئيسة السابقة لاتحاد الصناعة والتجارة وداد بوشماوي.

مناقشة