الحسن الذي تحول منذ سنوات طويلة إلى تعليم أطفال مدينته فنون رياضة الشطرنج، يسعى اليوم جاهداً لترسيخ حب الوطن والتفوق في عقول متدربيه، قاطعا ساعات طويلة في ظروف عمل قاسية لتنقيتهم من آثار الحرب والإرهاب والحصار اللذين تتالوا على محافظتهم.
يعتقد الحسن بأن الشطرنج ذو تأثير سحري في تحفيز المنطق والإبداع لدى الأطفال، كما أنه وصفة ناجعة لتبديد التراكمات النفسية التي التصقت بالأطفال بعدما مر عليهم جرعات متتالية من الخوف والأهوال.
31عاماً من التدريب
في قاعة مطرانية السريان الكاثوليك التي تستضيف بطولة الحسكة في لعبة الشطرنج للفئات العمرية الصغيرة التي يعمل على تنظيمها منذ سنوات بالتعاون مع جمعية صفصاف الخابور الثقافية وفرع الاتحاد الرياضي العام، قال الكابتن "ميثاق الحسن" لـ "سبوتنك": "تفرغت منذ 31 عاماً لتدريب وتعليم لعبة الشطرنج للفئات العمرية الصغيرة وذلك بهدف ضمان استمرار وتواجد هذه اللعبة ضمن سكان المحافظة، بعد مسيرة لم تتجاوز الأربع سنوات كلاعب فقط".
ويعود "الحسن" خلال حديثه لذكرياته القديمة، قائلاً: "بدأت تعلم لعبة "الشطرنج" من أخي الكبير، لأكمل بعدها مشواري بشراء الكتب "الشطرنجية"، مردفاً "مكتبتي الآن تحوي 1000 كتاب مختص عن اللعبة"، ويكمل "الحسن" "بعد حب وتعلق كبيرين بهذه اللعبة، بدأت مشاركاتي في البطولات بعد تعلمي على يد المربي الفاضل الأستاذ "عبد الرحيم كمون".
ويضيف "الحسن": "في الثمانينيات كان "عبد الرحيم كمون" بطل الجمهورية للعبة الشطرنج، والذي يعتبر من أفضل المدربين في تلك الفترة، لأكمل المشوار بمشاركاتي ببطولة الشطرنج عام 1981 على مستوى المحافظة، وأحرزت بطولة المحافظة للشطرنج للفئات العمرية الصغيرة وللرجال لعدة سنوات، ثم بدأت بالمشاركات على مستوى الجمهورية وأحرزت المركز الثاني للشباب وكنت من عداد المنتخب الوطني للرجال وشاركت في عدة بطولات دولية مفتوحة للشطرنج السريع منذ عام 1989م".
وعن مشاركاته التحكيمية، يقول "الحسن": "شاركت في خمس دورات دولية هي حكم رئيسي في الإمارات عام 2001، والأردن عام 1999، والعراق عام 2002، وقطر عام 1997، وإيران في البطولة الأسيوية للشطرنج عام 1998 وحكمت في أكثر من عشرين بطولة عربية ودولية كحكم مساعد".
167 مدرباً ولاعباً دوليا تدربوا على يديه
عن مسيرته التدريبية، يقول "الحسن": عام 1989 م قررت التفرغ الكامل للتدريب بعد تيقني من امتلاك موهبة خاصة في القدرة على نقل المعلومة الشطرنجية بشكل جيد من الناحية النظرية، وأنا متمكن جداً من الافتتاح والنهاية وكنت أشارك فقط في بطولات الدولية المفتوحة بـ"الشطرنج" السريع والخاطف وحققت نتائج مبهرة".
ويضيف "الحسن" "خرجت أكثر من 167 لاعباً ومدرباً خلال الثلاث العقود الماضية، 12 منهم أستاذ دولي صغير في اللعبة، وهم الآن مدربين ومشرفين على أندية عربية خليجية ومحلية، ومنهم أبطال على المستوى العربي والآسيوي، وحكام معروفين على مستوى سورية وآسيا".
الطفولة وحب الوطن
وعن علاقته مع الأطفال وتعليمهم العبة، يقول الكابتن "ميثاق": "أنا أقوم بتدريب اللاعب ليتخرج أستاذا دوليا صغيرا، أزرع في نفوسهم حب اللعبة التي تعتبر مرتبطة بشكل كبير مع فنون التعلم العلمي والاجتماعي، الشطرنج لها علاقة وثيقة بالرياضيات والهندسة الرياضية "، يتابع الحسن "لاعب الشطرنج شخصيته قوية وله قدرة كبيرة على المواجهة".
ويكمل "لذلك لم انقطع يوما واحدا عن تدريب الأطفال في مدينتي الحسكة، التي عانى أطفالها كأطفال سوريا من ظروف الحرب، وأعمل جاهداً لأمكّنهم من الخروج من ضغوطات الحياة الأسرية التي يعيشها ذويهم نتيجة الحرب والحصار والعقوبات الأمريكية التي حرمتهم أشياء كثيرة يحتاجها الطفل، وهدفي الأسمى بذلك هو رفع العلم السوري وتعلميهم حب الوطن ومخافة الله ورضى الوالدين ومساعدة الآخرين".
"الاستدبار" ابتكار في الشطرنج
ابتكر الحكم والمدرب واللاعب الدولي "ميثاق كمال الحسن"، فكرة جديدة للعب برياضة الشطرنج، أطلق عليها طريقة "الاستدبار" كما أسماها هو، شارحاً لــ "سبوتنيك" عن فكرة اللعب بالاستدبار التي تكون دون النظر إلى رقعة الشطرنج وهي أن يكون ظهري للاعبين، اللذين يقوم كل واحد منهما بنقل نقلته ويقولها لي بصوت عالي، وأنا كذلك أقوم باللعب وأقول له النقلة أيضاً بصوت عال وبطريقة التتابع".
وأضاف "الحسن" أن "فكرة اللعب بالاستدبار تعتبر صعبة وتحتاج لجهد وتعب كبيرين، وفيها الكثير من اللذة وتعتمد على موضوع التبصر وحفظ النقلات غيابياً وهي تنمي موهبة وخبرة لاعب الشطرنج".
وأشار "الحسن" إلى أن "فكرة طريقة اللعبة الجديدة لها معادلة جميلة وهي أن ترسم في مخيلتك رقعة الشطرنج وتلعب ضمن خيالك الواسع وفيها أفق عالي المستوى، وهي لا تقل أهمية عن طريقة اللعب الخاطف للعبة الشطرنج بالثواني التراكمية وبسرعة متناهية".
يذكر أن الرياضي “ميثاق كمال الحسن” خريج دورة القادة الأولمبيين عام 1997 باليونان وحاصل على دبلوم في “الشطرنج” وهو لاعب ومدرب وحكم دولي سابق بالشطرنج، وعضو الاتحاد السوري للشطرنج، وشغل منصب مدرب منتخب سورية للناشئين في الشطرنج من عام 1993 ولغاية 2005، ومدرب المنتخب الوطني للفئات العمرية الصغيرة عام 2006، وكان عضوا في قيادة فرع الاتحاد الرياضي في الحسكة ومدير الصالة الرياضية في مدينة الحسكة لسنوات طويلة.