تباينت آراء الخبراء حول إمكانية فرنسا القيام بدور كبير لصالح لبنان بشكل مستقل دون حسابات أمريكية وأوروبية مرتبطة آلية التعامل مع حزب الله.
وبعد الاجتماع مع كل من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب، أمس الخميس، قال لودريان إن بلاده مستعدة لحشد الدعم للبنان إذا كانت هناك إصلاحات ملموسة.
عنصر اطمئنان
من ناحيته، قال الدكتور بلال شحيطة، رئيس قسم الاقتصاد في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال بالجامعة اللبنانية، إن "فرنسا كانت دائما تشكل عنصر اطمئنان واستقرار للبنان في خضم أزماته الاقتصادية، المالية والسياسية اللامتناهية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه "خلال الأزمة اللبنانية الأخيرة، حاولت فرنسا تمييز موقفها عن موقف واشنطن، التي تدرج في الأشهر الأخيرة لناحية العقوبات المفروضة على حزب الله، وتشددها في تعاملها مع الحكومة وفي تضييقها في الملف المالي، وظلت تحاول إبقاء الاهتمام الدولي بلبنان".
التحرك الفرنسي
يرى شحيطة أن "باريس دفعت أولا بمؤتمر سيدر، كما عملت على تشجيع السعودية بالعودة إلى لبنان، رغم الضعط الأمريكي، وعدم التخلي عنه من خلال موفدين قدموا إلى بيروت لتفعيل أطر التعاون والمساهمة في تأمين الاستقرار، إلا أن فرنسا لاحظت التلكؤ البناني بشكل واضح، ما دفع باريس إلى تجميد مبادراتها ووقوفها وراء صندوق النقد الدولي".
ويتابع بقوله: "هذا الموقف جاء نتيجة أداء السلطة السياسية والمالية اللبنانية المخيبة للآمال، ولعل آثار الخيبة تتظهر بجملة واحدة، قالها وزير خارجية فرنسا خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان "ساعدوا أنفسكم كيف نستطيع أن نساعدكم".
وأضاف: "الموقف الفرنسي ترافق مع تطورات سلبية نتيجةالأزمات الداخلية المتفاقمة للدول المعنية بالأزمة، اللبنانيه بحيث أصبح الموقف الفرنسي وحيدا بين دول أوروبية باتت تتبرم من المسألة اللبنانية، منها ألمانيا وبريطانيا اللتين اقتربتا أكثر من النظرة الأمريكية المتشددة".
تساؤلات مشروعة
على جانب آخر، يقول الخبير الخبير اللبناني شارل أبي نادر، إنه "من غير الواضح حتى الآن إذا كان هناك خطة فرنسية مستقلة غير مرتبطة بالاتحاد الأوروبي أو بصندوق النقد الدولي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الفرنسيين جديين، إلا أن التساؤل يتعلق المساحة التي يمكن لفرنسا العمل من خلالها بحرية أو استقلالية عن الأمريكيين".
انهيار الوضع الاقتصادي
وتابع أبي نادر أن "الوضع الاقتصادي شبه منهار في لبنان لأسباب نقدية واقتصادية إدارية متعلقة بالفساد وبالهدر وبعجز أو تواطؤ الحكومات السابقة لحكومة الرئيس دياب، لكن لا يمكن إبعاد عامل الضغوط الأمريكية لأسباب تتعلق بمطالب تتجاوز الاقتصاد والإصلاح ترتبط بشكل أكيد بموضوع سلاح حزب الله، وترسيم الحدود البحرية والبرية ومطامع تل أبيب بالغاز اللبناني على الحدود الاقتصادية الخالصة مع فلسطين المحتلة".
ويرى أنه
"من الممكن أن يساعد الدور الفرنسي نحو عدم وقوع لبنان في الانهيار الاقتصادي الكامل، بحيث تقدم له جرعات مقبولة من الدعم غير الكامل، للحل المطلوب، إنما لإبقائهم تأرجحا بين الانهيار والجمود الاقتصادي".
ولا يعتقد شارل أبي نادر أن "فرنسا قادرة على العمل في الملف اللبناني بشكل مستقل عن الأمريكيين، حيث لواشنطن مناورة خاصة تجاه لبنان، تقوم على تأمين مصالح إسرائيل بدرجة أولى".
وشدد أنه "على لبنان بكل الأحوال، بوجود مبادرة فرنسية مستقلة أو مرتبطة بواشنطن، القيام بعدة إجراءات إدارية وسياسية وقانونية وإصلاحية أساسية، حيث أصبحت حاجة ضرورية لكي يستطيع العودة إلى التوازن المالي والاقتصادي، وذلك بمعزل عن الضغوط الاقتصادية والسياسية الأمريكية عليه".
وقادت فرنسا الجهود الدولية لدفع لبنان إلى إجراء إصلاحات، واستضافت عام 2018 مؤتمر "سيدر" للمانحين الذين وعدوا خلاله بتقديم أكثر من 11 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية في لبنان بشرط تنفيذ الإصلاحات التي تم التعهد بها ولكنها لمتنفذ.
دخل لبنان في أزمة اقتصادية كبيرة، حيث تخلّف لبنان عن سداد ديونه لأول مرة في آذار/ مارس الماضي، فيما تعهدت الحكومة بتطبيق إصلاحات وأطلقت محادثات قبل شهرين مع صندوق النقد الدولي تهدف للحصول على مساعدات بقيمة مليارات الدولارات. لكن المحادثات لم تحقق أي تقدم بعد، فيما وصف الخبراء بأن الخطوة مع صندوق النقد أنها "الدواء المر" الذي لا بديل عنه لعبور المحنة الراهنة.